شخصية الأسبوع بلا منازع، كانت إلى ما قبل التساقطات المطرية الأخيرة مجرد نكرة لا تثير اهتمام أحد. تفوقت على "الساسة" الغارقين حتى النخاع في حب الذات وممارسة هوياتهم المفضلة، "تسجيل النقط على خصومهم داخل قبة البرلمان".
صار نجم اليوتوب، بعد أن انسدت قنوات الواد الحار نتيجة أمطار طوفانية أغرقت شوارع الرباط وما جاورها وجعلها تتنفس تحت الماء.
في ظرف 48 ساعة اطلع على أشرطة اليوتوب التي أظهرته وهو ينزل داخل بالوعة صرف المياه العادمة التي انسدت بعد تجمع مياه الأمطار، أزيد من نصف مليون مشاهد.
الفيسبوكيون جعلوا منه بطلا قوميا وشبهوه بالرجل الخارق، "سوبر مان"، ومنهم من طالب بمنحه رخصة نقل " كريمة" لأنه الأحق بها بعد المجهود "الخرافي" الذي بدله لانقاذ حي بأكمله من الغرق.
هو مجرد رجل بسيط كل أمنيته عندما أتيحت لف فرصة التحدث لوسائل الإعلام التي تقاطرت عليه بعد حادث طوفان الاثنين، ان "يتزوج باش يولي يصلي".
يقطن داخل قبو حمام شعبي بحي يعقوب المنصور بالرباط، لقب بعلال، معروف وسط أبناء الحي بطيبيوته ودعابته وحبه لرياضة عرض الأجسام رغم انه تجاوز العقد الخامس.
عبثا حاولت وسائل الإعلام التي زارته في قبو الحمام " الفرناتشي" ان تستدرجه علها تدين على لسانه رئيس الحكومة عبدالاله ابن كيران بسبب تقصير الجهات المدبرة للشأن المحلي، الا انه كان حكيما عبر عبارته " واش ابنكيران غادي يخلي شغلو ويجي يسرح لينا قوادسنا".
شخصية علال حاضرة في المخيال الشعبي عند المغاربة كنموذج للشهامة واتخاد المبادرة والتفاني في خدمة الآخرين وتقديم يد العون بدون انتظار مقابل عن ذلك.
المستغرب هو ليس ما قام به علال وإنما العشرات الذين كانوا حوله يتفرجون وهم ينظرون الى المياه وهي تغرق محالاتهم وتكسو بيوتهم منتظرين فرق التدخل لإنقاذهم.
للأسف صرنا في زمن نحب فيه فقط ان نلعن الظلام ولا احد يتطوع لإشعال شمعة علها تضيء على الجميع.
ليس المقام هنا لتبرئة ذمة الشركات التي تدبر النظافة بمدننا، وإنما جانب اغفلناه يتعلق بسلوكنا اليومي.
اعتدنا أن نلقي اللوم على الآخرين ، ونكتفي بموقف المتفرج، وفي كثير من الأحيان نقف عاجزين عن اتخاذ زمام المبادرة في اتجاه ايجابي.
عندما نصادف مشاجرة أو حادثة سير أكثر من 99 بالمائة من المتحلقين حول هذه المشاهد يكتفون بالتفرج ولا احد يأخذ المبادرة لتقديم المساعدة أو العمل على فض الاشتباك أو اقل الإيمان الاتصال بالشرطة أو الإسعاف لانقاد ما يمكن إنقاذه.
الكل ينتظر علال ليقوم بوظيفة المنقذ او المتصل او الذي يقوم بفض الاشتباك.
إن بقينا على هذا السلوك سنكون مجرد "بقر" لعلال، او نرمى في "قادوسه" بينما هو ينتشي ب"قلدته".