تتواصل عمليات محاولة "الحريك" إلى الضفة الأخرى وسط المجتمع المغربي، في الوقت الذي تقوم فيه البحرية الملكية والسلطات الأمنية في مدن الشمال بعمليات لمحاصرة شبكات تهريب الشباب من خلال قوارب الموت، حيث تمكنت عناصر البحرية الملكية، بتعاون مع الدرك الملكي، من إحباط محاولة للهجرة السرية انطلاقا من شاطئ مارتيل. وعلى الرغم من المجهودات المبذولة لمواجهة موجة "الحريك"، إلا أنها تبقى محدودة بالنظر إلى ارتفاع عدد المرشحين للهجرة السرية خاصة في مدن الشمال. ومهما اختلفت أسباب اختيار قوارب الموت للانتقال للضفة الأخرى ، إلا أن الوضع الحالي، يتطلب بذل جهود مضاعفة، من الحكومة والأحزاب للوقوف على مسببات الهجرة غير الشرعية ومعالجتها بعيدا عن الخطابات والوعود بالنسبة للفئة الهشة. في هذا الإطار قال عبد المنعم الكزان الباحث في السوسيولوجيا بالرباط، في تصريح ل"الأيام24"، بأن مفهوم ( لحريك) يحيل على الحرق، وهو نوع من حرق الماضي و أوراق الهوية من أجل الأمل في مستقبل جديد، مشيرا أنها ظاهرة لحريك لم تتوقف في المغرب منذ زمن . وأضاف الكزان، أنه في الآونة الأخيرة لوحظ ارتفاع معدل "لحريك" بشكل كبير، ومن ضمن هؤلاء مجموعة من شباب الحراك بالحسيمة، مبرزا أنه "لاحظنا كذلك مطالبة بعض شباب مدينة تطوان بفتح باب الهجرة، وهنا يجب أن لا ننظر إلى ( لحريك) بشكل معزول فهو وجه أخر لهجرة الأدمغة". وتابع، أنه من المسلم به أن مجموعة من الدول أصبحت تشجع هجرة الأدمغة، في مقابل إقفال باب الهجرة في وجه الفئات الهشة لأنها لا تمتلك لا (رأسمال معرفي ولا رأسمال إقتصادي ..) يمكن أن يسهم في تطوير هذه الدول ، وبالتالي يضيف المتحدث، هذه الهجرة لكل الفئة الهشة، أو المتوسطة هو نتيجة فقدان الأمل، كما أنها إحتجاج غير مباشر على الإحباط المجالي، وهي أيضا امتداد لموجة الاحتجاجات التي شهدتها عدة مناطق بالمغرب، ثم المقاطعة، بحيث نجد صور بعض الشباب (الحريك) يرفع شارة النصر والاحتجاج على غياب الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة بل وغياب الأمل في المستقبل". وأوضح الباحث في السوسيولوجيا، في حديثه للموقع، بأن تطور موجة الحريك والمطالبة الجماعية بالنزوح الجماعي هو نتيجة فساد النخبة السياسية، و بعدها كل البعد عن واقع ملايين المغاربة ، مشيرا أن مباريات ولوج الوظيفة العمومية التي يعلن فيها على المقاس ، والاستفادة من ريع أراضي خدام الدولة ، والضغط من أجل تعين الموالين والأبناء والأصهار في المناصب السامية عن طريق لجان شكلية بمنطق الغنيمة، تدفع بالشباب المغربي للذهاب للضفة الأخرى. وخلص عبد المنعم الكزان، بأن موجة "لحريك" هاته، تعدّ رسالة واضحة من هؤلاء الشباب أنهم فقدوا الأمل ،وأنهم لم يعودوا قادرين على تحمل اليأس أكثر مما يأسوا، وهو ما يستدعي اتخاذ إجراءات صارمة تفتح باب الأمل من جديد في بلدهم.