اعتبر خبيران مغربيان، أن تهديدات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حرمت المملكة شرف استضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026، ومنحت الفوز للملف الثلاثي لكل من الولاياتالمتحدةوكندا والمكسيك. وفي أبريل الماضي، كتب ترامب في تغريدة عبر "تويتر"، يقول: "وضعت الولاياتالمتحدة ملفا مشتركا قويا، مع كندا والمكسيك، من أجل احتضان نهائيات مونديال 2026، وسيكون من المخجل على الدول التي ندعمها دائما، أن تعارض الملف الأمريكي".
وتساءل ترامب، في المناسبة ذاتها: "لماذا يتعين علينا مساندة هذه الدول بينما هي لا تساندنا (بما في ذلك في الأممالمتحدة)؟".
و صوتت الجمعية العمومية (كونغرس) للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، أمس الأربعاء، لاختيار البلد الذي سيستضيف التظاهرة الكروية الأشهر في العالم.
وحصل الملف المغربي على 65 صوتا فقط، مقابل 134 للملف الثلاثي.
تهديد ترامب يعطي ثماره
منصف اليازغي، الخبير المغربي في السياسات الرياضية، قال في حديث للأناضول، إن "هذه النتيجة كانت متوقعة بالنظر إلى الخطاب التهديدي الذي تبناه ترامب إزاء عدد من الدول، وخاصة دول العالم الثالث".
وأضاف اليازغي، أن "العامل الأساسي الذي أثر في هذه النتيجة، هو العامل السياسي، ولا علاقة للأمر بالتطور الاقتصادي، وإنما هي تهديدات ترامب التي قلبت النتيجة رأسا على عقب".
ولفت إلى أن المغرب "أعرب في البداية عن ارتياحه، لكن تهديدات ترامب، وما ولدته من مخاوف لدى عدد من الدول، قلب الموازين، خاصة وأن جميع الدول تدرك جيد أن الرئيس الأمريكي ينفد ما يعد به".
ووفق الخبير، فإن "عددا من الدول تتلقى مساعدات مالية وعسكرية كبيرة من واشنطن، بل إن استمرار العديد من الأنظمة رهين برضا الولاياتالمتحدة عليها، فكيف لنا إذن أن نتصور تصويت هذه البلدان للمغرب بعد تهديدات ترامب؟".
ولفت اليازغي، إلى أنه "لا يجب علينا أن نسقط في العاطفة، لأن الدول العربية لم تعد تتكلم لغة العروبة أو الانتماء بقدر ما تتحدث لغة المصالح".
"وفاء" إفريقي و"خيبة" عربية
لم يكن ينتظر أكثر المتشائمين في المغرب أن يفقد بلده رهان التصويت بهذا الفارق الكبير في الأصوات أمام منافسه الأمريكي، والتي بلغت 69 صوتا، بعد الحملة الواسعة التي قام بها في كل قارات العالم، وخاصة في القارتين الأوروبية والآسيوية.
غير أن نتائج التصويت، التي كشف عنها الاتحاد الدولي بالتفصيل مباشرة بعد انتهاء أشغال "الكونغرس"، عكست "وفاء" إفريقيا كبيرا للمغرب.
وصوتت 41 دولة إفريقية لصالح الملف المغربي، من أصل 54 اتحادا، مستجيبة بذلك لدعوة المغرب ورئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم.
وعلى خلاف القارة الإفريقية، فإن القارة الأوربية، لم تمنح سوى 11 صوتا لصالح المغرب، وهي تركيا، فرنسا، بلجيكا، إيطاليا، هولندا، لوكسمبورغ، سلوفاكيا، صربيا، ألبانيا، بيلاروسيا، وإستونيا.
رقم فاجأ المغاربة بشكل كبير، خاصة وأن المغرب كان يراهن كثيرا على القارة العجوز، التي فضلت جل اتحاداتها الملف الأمريكي.
بينما اكتفت القارة الآسيوية ب12 صوتا، والبرازيل كان هو البلد الوحيد الذي صوت للمغرب من القارة الأمريكية.
أما المفاجأة الكبيرة، فقد كانت في أصوات 7 دول عربية، قررت ألا تمنح صوتها للمغرب، وهي المملكة العربية السعودية، الإمارات، الكويت، الأردن، لبنان، البحرين، والعراق، فيما فضلت باقي الدول العربية الأخرى دعم الملف المغربي.
ووصف المغربي، سعيد بلخياط، العضو السابق في الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ولجنة ترشح المغرب لمونديال 2010، موقف هذه الدول العربية، ب"المؤسف وغير المتوقع".
وقال بلخياط، للأناضول: "تفاجأنا بهذه المواقف العربية، وخاصة الخليجية منها، مع أننا كنا نراهن عليها كثيرا".
وأضاف أن "هذا الأمر يرجع بالأساس إلى توجهات سياسية أكثر منها رياضية، لأن العديد من الدول خضعت لضغوطات سياسية أمريكية، وكان حري بالاتحاد الدولي أن يمنع الملف الثلاثي الأمريكي من الترشح، منذ تهديدات ترامب".