جدل واسع فجّره تهديد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للدول التي لن تصوّت لصالح الملف الثلاثي الذي يضمّ بلاده، والمنافس لملف المغرب، لاستضافة كأس العالم لكرة القدم لعام 2026. وينافس المغرب في استضافة المونديال، االثلاثي المُكوّن من الولاياتالمتحدةالأمريكيةوكندا والمكسيك، وسيحسم الصراع فيه عبر مرحلة التصويت المقرّرة في 13 يونيو المقبل بروسيا، عشية افتتاح مونديال 2018. مخاوف مغربية في تغريدة عبر "تويتر"، نشرها ترامب في أبريل الماضي، كتب يقول: "قدمت الولاياتالمتحدة مشروعا قويا مع كندا والمكسيك بخصوص كأس العالم 2026′′. وأضاف: "سيكون من العار أن تقوم الدول التي نساندها في جميع الظروف بمقاطعة الملف الأميركي، لماذا يتعين علينا مساندة هذه الدول عندما لا تدعمنا، (بما في ذلك منظمة الأممالمتحدة)؟". "تهديدات" ضمنية فجّرت جدلا دوليا واسعا، خصوصا وأنها تستبطن أوّل تدخل للرئيس الأمريكي في هذا الملف. كما أثارت مخاوف لدى المغرب من "انصياع′′ عدد من الدول، سيّما الإفريقية منها، ممن قد تتراجع عن دعمها للمملكة. وهذا ما حدث بالفعل، حيث جاءت أولى ردود الأفعال تجاه تغريدة ترامب من أقصى جنوب القارة السمراء، وتحديدا من اتحاد جنوب إفريقيا لكرة القدم "سافا"، الذي أعلن في 4 ماي الجاري، تراجعه عن دعمه "العلني" و"الكلي" للمغرب لاستضافة المونديال. موقف صادم بالنسبة للمملكة، خصوصا وأن "سافا" رفض توضيح ملابسات وأسباب "تراجعه" عن دعم المغرب، وقال إنه لن ينظم أي ندوة صحفية، كما أن رئيسه، داني جوردان، تحفّظ عن الإدلاء بأي تصريحات بهذا الخصوص. قرار منفصل؟ يحيى السعيدي، الخبير المغربي في القانون الرياضي، اعتبر أن " قرار جنوب إفريقيا الأخير ينسجم مع نفسه، بغض النظر عمّا إن كان قد خضع لتأثير دونالد ترامب أم لا، كما أنه لا يختلف عن مواقف العديد من الدول التي زارها المغرب، على غرار بلجيكا وصربيا". وأوضح السعيدي، في حديث للأناضول، أن "أغلب الاتحادات الدولية لكرة القدم، في القارات الخمس، لم تعلن بعد عن موقفها النهائي بشأن البلد الذي ستصوت لصالحه خلال مرحلة التصويت، لسبب بسيط، وهو أنها غير متأكدة بأن المغرب سيصل لمرحلة التصويت". غير أن محللين يرون أن موقف جنوب إفريقيا غير منفصل عن تهديد ترامب، وإنما هو استجابة مباشرة للتهديد الضمني الوارد بتغريدة الأخير، وللدعوة العلنية التي وجهها مؤخرا لعدد من البلدان الإفريقية بالترويج للملف الثلاثي. ودعا ترامب، في لقاء جمعه مؤخرا بالبيت الأبيض، بالرئيس النيجيري، محمد بوخاري، كل من نيجيرياوجنوب إفريقيا، للترويج للملف الثلاثي الأمريكي في القارة الإفريقية، ما يشكل "ضربة موجعة" لحظوظ المغرب، الذي يراهن كثيرا على أصوات هذه القارة. ومع أن العديد من المواقف، خاصة من إفريقيا، أعربت عن دعمها العلني للملف المغربي، بل إن رئيس الاتحاد الإفريقي بنفسه، الملغاشي أحمد أحمد، ظل يردد على أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "الكاف" سيرعى "الملف المغربي، لأنه ملف افريقيا كلها وليس فقط المغرب"، إلا أن شبح "تهديدات" ترامب تخيم بثقلها على الملف بأسره. شعلة الدعم العلني تنطفئ دخول ترامب على خط ملف استضافة مونديال 2026، أطفأ شعلة الدعم العلني للملف المغربي، في ردود فعل تبدو بديهية على خلفية إقحام الرئيس الأمريكي لمنافسة رياضية في أتون الصراعات السياسية. تقرير مفصل بثته شبكة "إي أس بي أن" التلفزيونية (أمريكية متخصصة في الرياضة)، أكد أن " ترامب أغلق الباب أمام عدد من الدول العربية والإفريقية، في التعبير العلني عن دعمها لصالح الملف المغربي". واعتبر التقرير أن الأمر يرجع إلى "خوف تلك البلدان من الدخول في مواجهة مباشرة مع الرئيس الأمريكي الذي يمارس ضغطا قويا من أجل تغيير مواقف عدد من الدول الإفريقية". وذكر التقرير أن الشبكة حاولت معرفة مواقف اتحادات كرة القدم في كل من نيجيريا وغانا وزامبيا وإثيوبيا ورواندا، غير أنها رفضت الإدلاء بأي تصريحات بهذا الخصوص، مشيرة في الآن ذاته، أن قرارها النهائي ستعبر عنه في 13 يونيو المقبل. هل ينقلب السحر على الساحر؟ في المقابل، اعتبرت العديد من التقارير الدولية أن تصريحات ترامب لن تخدم مصلحة الملف الثلاثي، وإنما ستصب لصالح الملف المغربي، وذلك بسبب ما تضمنته من "تهديدات، إضافة إلى التدخل السياسي السافر في منافسة رياضية، ما يتعارض مع الأعراف والمواثيق الأخلاقية التي وضعها الاتحاد الدولي للعبة. طرح أيده سمير بنيس، الخبير المغربي في العلاقات الدولية ، والذي قال إن تهديدات ترامب لن تغير معادلة التصويت. وتابع للأناضول: "ليست هذه المرة الأولى التي يقوم فيها ترامب بهذه الخطوة المخالفة للأعراف الدولية، فقبيل تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر الماضي، على مشروع قرار يرفض قرار نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل للقدس، هدّد ترامب الدول التي كانت تعتزم التصويت ضد الخطوة الأمريكية وتوعدها بوقف الدعم المالي". وتزامن ذلك التهديد مع الرسالة التي بعثتها السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة، نيكي هالي، ل 180 دولة حذرتها من التصويت لصالح مشروع القرار. وووفق بنيس، فإنه رغم ذلك، فقد صوتت 128 دولة على مشروع القرار الرافض للقرار الأمريكي، ولم تبال الدول الإفريقية والعربية بالتهديدات الأمريكية. واعتبر أن "هذه التهديدات بخصوص الملف الأمريكي لتنظيم المونديال تنم عن الجهل المطلق لترامب بأبجديات الدبلوماسية، ولما يسميه الدعم الذي تقدمه بلاده للعديد من الدول" . فتغريدة ترامب، حسب بنيس، "صبت الزيت على النار، وأججت نفور العديد من الدول، خاصة في إفريقيا، من سياسات وتصريحات ترامب، خاصة بعدما كان قد تكلم بشكل ازدرائي وعنصري عن القارة في إحدى تصريحاته، بوصفه الدول الإفريقية ب"الحثالة".