تظل بعض الصفحات التاريخية شاهدة على تضحيات شخصيات كان لها دور بارز في مسار الاستقلال الوطني. ومن بين هؤلاء، يبرز الكولونيل محمد بن حمو، أحد قادة جيش التحرير المغربي، الذي حصل على فيلا قديمة سنة 1956 كهبة ملكية من السلطان محمد الخامس، تكريمًا لمساهمته في دعم المقاومة الوطنية. وقد كان المنزل يستخدم كمقر استراتيجي لاجتماعات قادة المقاومة، حيث نُسّقت فيه عمليات عسكرية ووُضعت خطط حربية، وكان يُستقبل فيه رموز النضال من مختلف أنحاء المغرب.
لكن اليوم، وبعد مرور عقود، تواجه أرملة وأبناء الكولونيل بن حمو تهديدًا بالإفراغ، بعدما قررت جماعة الدارالبيضاء عرض الفيلا للبيع في المزاد العلني بدعوى أنها "ملك جماعي"،
وخلال تصريحها ل " الأيام 24″ أكدت الكومندار نعيمة أومغار أرملة بن حمو، أن هذا القرار يتعارض مع التوجيهات الملكية التي أصدرها الملك محمد السادس عقب استقباله للكولونيل بن حمو سنة 1999 بالقصر الملكي، حيث أُمرت السلطات المحلية بتسوية وضعية العقار لصالح الأسرة.
وأوضحت المقاومة نعيمة أومغار، أن زوجها كان شخصية وطنية تحظى بتقدير القصر الملكي، وأنها تفاجأت بعدم تنفيذ التعليمات الملكية، متسائلة عن الجهة التي تعرقل هذا القرار، موضحة أن المنزل ليس مجرد عقار بل يحمل رمزية تاريخية ترتبط بفترة النضال من أجل استقلال المغرب.
وتناشد أومغار الملك محمد السادس التدخل مجددًا لإنصافها وإيقاف إجراءات المزاد العلني والإفراغ، مؤكدة أن المنزل ليس مجرد عقار، بل رمز لمرحلة نضالية شكلت معالم استقلال المغرب، قائلة بمرارة :" أنا اليوم، أواجه معركة أخرى ليست في ساحات القتال ولكن ضد قرارات إدارية تريد أن تسلبني وأبنائي السكن الذي يشكل جزءًا من التاريخ الوطني".
من جهتها، عبّرت عطيات بن حمو، وهي ابنة الكولونيل الراحل، عن استغرابها من طرح المنزل للبيع، مشيرة إلى أن الأمر يثير تساؤلات حول كيفية تعامل المؤسسات مع إرث المقاومة الوطنية، وتساءلت عن مصير عائلات المقاومين الذين قدموا تضحيات جسيمة في سبيل الوطن.
وختمت عطيات بن حمو تصريحها بالقول : "إن إنصاف أسرة الكولونيل بن حمو ليس مجرد قضية عقارية، بل هو امتحان لمدى وفاء الدولة لتضحيات من ساهموا في رسم معالم المغرب الحديث".
وحتى الآن لم تصدر الجماعة الحضرية للدار البيضاء، أي بيان رسمي بشأن هذا الموضوع، فيما تواصل العائلة إصرارها ومطالبتها بتدخل الجهات المعنية لحل المشكلة وفقًا للتوجيهات السابقة.