عبدالحكيم الرويضي 09 يونيو, 2016 - 03:51:00 تقدمت الحاجة حدو فانيطو، وهي سيدة في عقدها السادس، تحمل في يدها ملفا ضخما يحوي العديد من المستندات والوثائق، التي سوف تدلي بها فيما بعد للحضور. من خلال ردائها الأبيض يبدو أنها فقدت زوجها حديثا "جاءنا حكم مفاجئ بالافراغ من الفيلا التي كنا نسكنها، يوم عيد الأضحى، وكبلوني أنا وزوجي وأبنائي حتى لا نستطيع مقاومتهم" تحكي فانيطو، قبل أن تنهار باكية، خلال لقاء مفتوح لجمعية ضحايا السطو على العقار بالدار البيضاء، اليوم الخميس بالرباط. ضحايا السطو: "أصبحنا بلا عنوان" وحسب الرواية التي أدلت بها فانيطو، فهي كانت تقطن مع عائلتها في فيلا ذات مساحة 240 متر مربع، بالدار البيضاء، تعود ملكيتها لهم. كان ذلك قبل أن يصدر حكم بالإفراغ سنة 2008 تحت اسم وهمي، "سقط زوجي مريضا منذ ذاك الوقت حتى، بعد أن قضى أكثر من 30 سنة في خدمة الحرس الملكي" تضيف فانيطو، التي تسكن حالي في بيت صفيحي بسيدي الطيبي. على خلاف ذلك لم تستطع رحمة الحداد، المقيمة بأميركا، استرجاع حقها إلا بعد جهد وعناء عسير، مؤكدة، إن هذه المافيا المتخصصة في السطو على العقارات بالدار البيضاء أخطر بكثير من المافيا الإيطالية "بواسطة تمبر 10 دراهم، يستطيعون السطو على عقار يساوي الملايين..جميعهم حصلوا على وثائق إثبات الملكية من لدى موثق واحد " تشير رحمة، إلى أن القانون المغربي ملئ بالثغرات، وهو ما يتيح الطريق لهذه العصابات المنظمة أن تسطوا على أملاك الناس. وتردف رحمة قائلة:" انا الوحيدة ضمن الجمعية التي استرجعت الفيلا التي ورثها عن أبواي، بمشقة الأنفس، بعد أن خُربت ومُحيت معالمها التي اعتدت عليها منذ طفولتي" تؤكد رحمة أنه وبالرغم من صدور الحكم لصالحها إلا أنها مازالت تشعر بضياع حقها "لم يعد لنا عنوان.. وأبنائي حرموا من زيارة وطنهم منذ 9 سنوات بسبب هذه المشاكل" ولم يكن الحاج محمد، وهو شيخ في عقده الثامن، يتوقع أن يفقد الشقة التي عمّر فيها لما يزيد عن خمسين عاما، هو وباقي سكان العمارة المتواجدة ب"أنفا"، ولم يكن في حسبانه أن من سيسطو عليه، شخص في عمر واحد من أبنائه، وهو شاب يافع يبلغ من العمر 32 سنة، ذكر محمد، إنه يسكن في طنجة و لم يلتقي به على الإطلاق "لقد بيعت العمارة في المزاد العلني ب 170 مليون سنتيم فقط، وفي وقت قياسي.. هذه واحدة من ألاعيبهم القذرة" يردف محمد قائلا. ياسمين، شابة من ذوي الاحتياجات الخاصة، والدها مغربي وأمها فرنسية، تحكي أنها فقدت الشقة التي اشتراها والدها منذ سنوات، والمتواجدة بمركب "نورماندي" السكني، ويتكون المركب من 220 شقة تم السطو عليها كاملة بنفس الطريقة، تضيف ياسمين "أعيش منذ سنوات مع صديقتي.. ولا مكان لي ألجأ إليه بعد وفاة والداي" "مافيا العقار" مدعومة من عناصر إدارية فاسدة ابتدأت جمعية ضحايا السطو على الممتلكات سنة 2011 كتنسيقية للضحايا، وبعد سلسلة من البحث وتجميع المعطيات، استطاعت التنسيقية استنتاج أن الأمر لا يتعلق بحالات معزولة، بل هي عمليات إجرامية تستهدف إفراغ العقارات التي تركها الأجانب، بالخصوص وإعادة بيعها بعد السطو على سندات الملكية. ويؤكد الضحايا، إن هذه العصابات مدعومة على مستوى المحافظة العقارية من خلال عناصر إدارية فاسدة، ولها مستشارين قانونيين متمرسين، ساعدوها في الحصول على أحكام الإفراغ. ويشتكي الضحايا، هجمة مافيا العقار التي استهدفت استقرار وكينونة أسرهم، من خلال تجريتجريدهم من سكنهم بوسائل النصب والتزوير والاغتناء من خلالها، مستعملين القضاء والمساطر القانونية كأسلحة فتاكة لإضفاء الشرعية على أنشطتها الإجرامية. ولا يضع الضحايا أنفسهم في مواجهة القضاء أو إنكار الأحكام القضائية الناطقة بالإفراغ، بل يضعون أنفسهم في مواجهة عصابة منظمة ابتدأت نشاطها لأكثر من عقدين من الزمن، حيث تستهدف عقارات تعود ملكيتها للأجانب الذين غادروا المغرب، والتي يُعمرها لعقود من الزمن مواطنون مغاربة بصفة قانونية إما على سبيل الكراء أو الشراء، والذين يفاجئون بأحكام استعجاليه قاضية بالإفراغ. يبدأون بالاستعلام عن العقار ويخفون أسماءهم بشركات وهمية حول خطط العصابات التي تسطو على العقار، يقول الضحايا، إنها تبدأ بالاستعلام والاستخبار على العقار ورسمه لدى المحافظة العقارية، وعلى طبيعة وسند شغله. بعد تقدير الوضع يمرون إلى عملية التزوير، بخلق وثائق جديدة لاثبات نقل الملكية من المالكين الأصليين أو ورثتهم إليهم أو لفائدة شركات يخلقونها لإخفاء أسمائهم المتكررة، ثم يدخلون بهذه الوثائق المزورة للرسم العقاري لدى المحافظة العقارية، فيصبحون بجرة قلم مالكين ثم يمرون بسرعة البرق لتحريك مسطرة الافراغ للاحتلال. ويتم تنفذ الإفراغ باستعمال عناصر القوة العمومية، كما يلجأ أفراد المافيا إلى سلوك مسطرة ملتوية باستخراج رخص الهدم والبناء من المصالح البلدية بناء على سند الملكية المزور. ولا يقف الضحايا مكتوفي الأيدي، على المستوى القانوني يلجأون إلى قضاء الموضوع لإثارة زورية الرسوم العقارية المدلى بها، إلا أن قانون الحقوق العينية، وبالضبط المادة 2، عصمت هذه العقارات من أي متابعة بالزور في رسومها إذا انصرم على تحوزها 4 سنوات.