الوزير السّعدي يترأس بالمضيق إفطارا رمضانيا لشبيبة الأحرار    تشكيلة منتخب المغرب أمام تنزانيا    أمام مجلس الأمن.. المغرب يفنّد ازدواجية الخطاب الجزائري حول الصحراء المغربية وحقوق الإنسان    الأرصاد الجوية: استقرار أجواء الطقس بالمغرب سيتم تدريجيا خلال الأيام المقبلة    ألمانيا تسحب شحنة فلفل مغربي لاحتوائها على كميات مفرطة من مبيدات حشرية    بعدما أثار الجدل.. قانون الإضراب يُنشر بالجريدة الرسمية ويدخل حيز التنفيذ بعد ستة أشهر    تبرئة رئيس الفيفا السابق بلاتر وبلاتيني في قضية فساد    ميناء طنجة المتوسط يتقدم في الترتيب العالمي للموانئ    توقيف شخصين بتهمة نشر أخبار زائفة وتحريض على الهجرة غير المشروعة    طنجة.. توقيف مواطن فرنسي من أصول مالية متورط في محاولة للقتل والابتزاز واستعمال الأسلحة النارية    لقاء رمضاني بتطوان يجمع الوكالة الحضرية والمفتشية الجهوية والمهندسين المعماريين حول تحديات التعمير المستدام    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية اليونان بمناسبة العيد الوطني لبلاده    أداء سلبي ينهي تداولات البورصة    بنموسى: المندوبية السامية للتخطيط ستجري بحثين وطنيين حول استعمال الزمن والأسرة في 2025    تعادل ثمين لمنتخب الأردن في كوريا    الدورة الثلاثون للمعرض الدولي للنشر والكتاب فضاء لمواصلة السعي الواعي إلى النهوض بالكتاب والقراءة (بنسعيد)    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    تضم مغربيين.. تفكيك شبكة تزور شهادات السكنى بألميريا لفائدة المهاجرين    ارتفاع حصيلة الضحايا في غزة إلى 792 قتيلا، والاحتلال الإسرائيلي يخطط لهجوم بري كبير    اكتشاف سلالة مغربية من "بوحمرون" في مياه الصرف الصحي ببروكسل    خطير.. إصابة طفلة ب"السيدا" بعد عملية جراحية ومطالب بالتحقيق العاجل    الدورة العشرون للمهرجان الدولي للرحل.. محاميد الغزلان تتحول إلى ملتقى عالمي يجمع الفنانين    الأطر الصحية بمراكز طب الإدمان بجهة طنجة تتخوف من عودة انقطاع "الميثادون"    دي ماريا يسخر من تصريحات رافينيا قبل مباراة الأرجنتين والبرازيل    مشاهد جريئة تضع مسلسل "رحمة" في مرمى الانتقادات    عندما يعزف الشيطان: فصول الجابي !    بعد تداول تصريحات منسوبة إليه.. عمرو موسى يوضح موقفه من المغرب وينفي الإساءة    حوض سبو.. نسبة ملء السدود تفوق 50 في المائة إلى غاية 25 مارس    يا رب أنا جيتلك.. جديد سميرة سعيد    واشنطن تتباحث مع كييف في الرياض    الكوميدي "بهلول" يطلب دعم الفنانين لتسديد شيك بدون رصيد    دراسة: الخلايا السرطانية تتعاون من أجل البقاء على قيد الحياة    تركيا.. القبض على 41 متهماً ب"شتم أردوغان وعائلته"    الاقتصاد الرياضي قطاع واعد لإدماج الشباب بجهة الشرق    رئيس الجامعة الملكية المغربية للدراجات يحضر الجمع العام لعصبة جهة الشرق بوجدة    أسعار الذهب تتراجع مع صعود الدولار لأعلى مستوى منذ أكثر من أسبوعين    زلزال عنيف بقوة 6,7 درجات قبالة سواحل الجزيرة الجنوبية بنيوزيلندا    الاتحاد الأوروبي يعزز الدعم العسكري لموريتانيا في إطار مكافحة تهديدات الساحل    الصين وتايلاند يجريان تدريبات بحرية مشتركة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    "تراث المغرب".. سلسلة وثائقية لتثمين الموروث الثقافي للمملكة    القضاء الهولندي يلغي قرار إسقاط الجنسية عن المغاربة المدانين بالإرهاب وينتصر لهم    بعد اعتصام لحراس الأمن وصل 55 يوماً.. "إعفاء" مديرة المستشفى الجهوي ببني ملال    الوزيرة السغروشني: التحول الرقمي في التعليم يحتاج إلى تعبئة جماعية وتنسيق فعال    أوراق من برلين .. رسالة فرانز كافكا: جروح قديمة ما زالت تنزف    موعد مباراة أسود الأطلس ضد تنزانيا في تصفيات كأس العالم والقنوات الناقلة    اكتشاف جديد يحدد الأجزاء المسؤولة عن تذكر الكلمات في الدماغ    ملياري شخص غير مشمولين في إحصاءات عدد سكان الأرض    الخلوي: "الدوري الإماراتي تنافسي"    نهاية سوق پلاصا جديدة بطنجة    قمة التناقضات: الجزائر وجنوب أفريقيا تدعمان حق تقرير المصير في الصحراء المغربية لكن ترفضان تطبيقه في أراضيهما    بعد 17 شهرا من الزلزال... النشاط السياحي في "الحوز" يتحسن ب48 في المائة بداية 2025    كسوف جزئي للشمس مرتقب بالمغرب يوم السبت القادم    مراكش تحتضن كأس العالم لسلاح سيف المبارزة ما بين 27 و30 مارس    عمرو خالد يحث المسلمين على عدم فقدان الأمل في وعد الفتح الرباني    السعودية تحين الشروط الصحية لموسم الحج 2025    المجلس العلمي يحدد قيمة زكاة الفطر بالمغرب    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفلا قرآنيا لتكريم الفائزين بالمسابقة القرآنية المحلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وأخيرا خلق الإنسان ما هو أذكى منه!
نشر في الأيام 24 يوم 13 - 02 - 2025


يوم بيوم
وأخيرا خلق الإنسان ما هو أذكى منه!
نور الدين مفتاح نشر في 13 فبراير 2025 الساعة 12 و 35 دقيقة
وقد قال لوران ألكسندر في بلاطو قناة «LCI» إن فرنسا تحتاج العمل لمدة 30 سنة ليل نهار للحاق بالولايات المتحدة الأمريكية، وبالطبع هذا مستحيل. ونفس الباحث سخر بداية الأسبوع من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي ينظم هذا الشهر مؤتمرا عالميا حول الذكاء الاصطناعي بخصوص التقنين والتنظيم والأخلاقيات، وهو ما يعتبره مراقبون أوروبيون موضوعا عقيما، لأنه حسبهم لا يمكن لمن لا ينتج أن يقنن فهو دائما سيكون مفعولا به بدل أن يكون فاعلا.
إن الذكاء الاصطناعي يتطور بشكل رهيب، ومن يتابع الخبراء سيصاب حقا بالفزع، لأن هذه الروبوتات تكسب كل يوم نقاطا إضافية في مستوى الذكاء، وستصبح في نهاية 2025 أذكى من أكثر أذكياء العالم.
نور الدين مفتاح [email protected]


وكأننا في سباق ماراطون يشارك فيه تقريبا 200 متسابق (عدد دول العالم)، وفي لحظةٍ هرب متسابقان اثنان على الكوكبة، ودارا عليها أكثر من دورة، ويستحيل أن يلحق الباقون في هذه المنافسة التي هي اليوم محسومة وربما إلى الأبد.

أتحدث عن الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وعن ثورة الذكاء الاصطناعي المذهلة، وهي ثورة غير مسبوقة بكل ما في الكلمة من معنى، ولا علاقة لها لا بالثورة الزراعية التي أخرجت البشرية من البدائية، ولا بالثورة الصناعية الأولى التي خلقت المعامل والقطارات، ولا بالثورة الصناعية الثانية التي جاءت بالسيارات والطائرات والكهرباء والهاتف. وهذا، كما يقول الطبيب والباحث الفرنسي لوران ألكسندر، غيّر بشكل جذري البنية التحتية للنقل والطاقة، ولكن الثورة التكنولوجية التي ترتكز على تقنيات علوم الإدراك والمعرفة والتكنولوجيا الحيوية والتي يوجد الذكاء الاصطناعي في قلبها، ستحدث تغييرا حاسماً في الحياة نفسها، وسيتحول الإنسان من «كائن بيولوجي بحت إلى مهندس للحياة ذاتها».

والذكاء الاصطناعي الذي أصبح تطبيقا متاحا من خلال «شات جي. بي. تي» الأمريكية منذ 2022 هو أداة لا تتيح المعطيات للباحث عنها فقط، بل تستطيع أن تتحاور وتركب الأفكار وتقترح المواضيع وتكتب المقالات والدراسات والبحوث وأطروحات الدكتوراه، وتقوم بتشخيص الأمراض، وتحلل أسهم البورصات، وغير هذا كثير. والأكثر إثارة للإعجاب هو أن تطبيقك عندما يستأنس بك يصبح متعودا عليك ويعرف طريقة تفكيرك وأسلوبك ويحاكيك حتى يقدم نسخة أحسن منك وأجود وأكثر ذكاء.
واليوم أتاحت «شات جي. بي. تي» نسخة مطورة «GPT – 4o» في نفس الوقت الذي أطلقت فيه الصين، أمام ذهول عمالقة التكنولوجيا بوادي السليكون بكاليفورنيا تطبيقها الجديد «ديب سيك» DeepSeek الذي زعزع البورصة الأمريكية الأسبوع الماضي، بحيث فقدت شركة الرقائق الإلكترونية الخاصة بالذكاء الاصطناعي «إينفيديا» في يوم واحد ما قيمته 600 مليار دولار!!

والغريب أن التطبيق الصيني لصاحبه الشاب ليانغ وينفغ لم يكلف سوى 6 ملايين دولار، في حين أن النسخة الأخيرة من «شات جي.بي.تي» لشركة «أوبن إي آي» الأمريكية كلفت 100 مليون دولار.

نفهم هنا أن الحرب الباردة للخوارزميات والبيانات الضخمة قد بدأت، ولكنها حرب بين منتصرين اثنين في مجال تظل دول متقدمة نفسها فاغرة فاها أمامه لا تدري ما يجري. ولعل المتابع للإعلام الفرنسي سيلاحظ الأسى والأسف المخيمين على أوروبا، وهي تجد نفسها خارج هذه الثورة، مستهلكة فقط، وتابعة، ومتفرجة على الحرب الأمريكية الصينية في مجال سيتحكم في مستقبل الأجيال وفي الحضارة الإنسانية.

وقد قال لوران ألكسندر في بلاطو قناة «LCI» إن فرنسا تحتاج العمل لمدة 30 سنة ليل نهار للحاق بالولايات المتحدة الأمريكية، وبالطبع هذا مستحيل. ونفس الباحث سخر بداية الأسبوع من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي ينظم هذا الشهر مؤتمرا عالميا حول الذكاء الاصطناعي بخصوص التقنين والتنظيم والأخلاقيات، وهو ما يعتبره مراقبون أوروبيون موضوعا عقيما، لأنه حسبهم لا يمكن لمن لا ينتج أن يقنن فهو دائما سيكون مفعولا به بدل أن يكون فاعلا.
إن الذكاء الاصطناعي يتطور بشكل رهيب، ومن يتابع الخبراء سيصاب حقا بالفزع، لأن هذه الروبوتات تكسب كل يوم نقاطا إضافية في مستوى الذكاء، وستصبح في نهاية 2025 أذكى من أكثر أذكياء العالم.

لقد ظل الإنسان عبر العصور يطور أدوات أقوى منه لاستعمالها، من المطرقة الأقوى من قبضة اليد إلى المركبات الأسرع من سرعة الصوت، ولكنه لم يكن بصدد تطوير شيء أشد ذكاء منه في التعامل مع كل التعقيدات الفكرية والرياضية والعلمية بصفة عامة، كما هو الشأن مع الذكاء الاصطناعي.

والمشكل أن القادم سيكون مشابها لما كنا نشاهده في أفلام الخيال العلمي كسلسلة «ماتريكس» بحيث إن أكبر ملياردير في العالم إيلون ماسك يعمل على إنتاج مليار «روبو» ذكي ابتداء من الآن، ويطور من خلال شركته Neuralink شرائح معرفية لزرعها في أدمغة الأطفال لتعفيهم من سنوات من تحصيل المعلومات في المدارس، وقد صرح بأنه سيزرع هذه الشرائح أولا لأبنائه. لم يعد ماسك مجرد مستثمر في القطاع الخاص، بل إنه أصبح عمليا ثاني رجل في حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بجانب الرئيس دونالد ترامب، حيث إن الذكاء الاصطناعي أصبح بشكل أو بآخر سياسة رسمية لواشنطن.

نعود للباحث لوران ألكسندر صاحب كتاب «حرب الذكاء» الذي أكد وهو الطبيب أن تشخيص مرض السرطان اليوم مثلا بالذكاء الاصطناعي وحده أحسن بستة عشرة في المائة من تشخيصه بنفس الذكاء مع وجود طبيب! والذكاء الاصطناعي نفسه عندما سألناه يقول إنه منذ 2023 يستطيع تشخيص أمراض القلب بدقة تصل إلى 90% مقارنة ب 70% للأطباء البشر. وهنا يطرح المشكل الجوهري والأساسي عن مصير المدرسة أو جدوى التعليم الممأسس. وفي نظر ألكسندر أن المدرسة لا يجب أن تبقى فضاء لتلقين المعارف، بل يجب أن تتحول إلى وسيلة تجعل نفس الطبيب الذي نقصت جودة تشخيص المرض بوجوده ب 16٪ قادراً مع الذكاء الاصطناعي أن يعطي تشخيصا يفوق ما يستطيعه الذكاء الاصطناعي وحده، وقس على ذلك في المجالات الأخرى.

وكالعادة يفرض سؤال ال «نحن» نفسه في المغرب ودول الجنوب عموما، وكما سيستنتج كل قارئ لبيب، فإننا غير معنيين لحد الآن بهذا الموضوع، ومن باب الخيال العلمي تصور دخولنا في سباق الإنتاج ما دام أننا في مجالات العلوم مازلنا بعيدين بعقود عن أوروبا البعيدة بعقود عن الولايات المتحدة الأمريكية.

وبالتالي نحن متفرجون وربما نكون مستهلكين طموحين لأن نستهلك بشكل جيد، لأن هذا الذكاء الاصطناعي يتيح إمكانيات هائلة لمن تعوّد على السرقات الأدبية والغش والكسل والتزوير، وقد انتقل من «الفايك نيوز» إلى «الديب فايك»، بحيث يمكن اختلاق فيديوهات مماثلة تماما لك في أي وضعية نشاء ونجعلك فيها تقول ما نريد. هنا ستصبح المشكلة في البلدان التي تعاني من شبه انهيار قيمي وتثاؤب تكنولوجي هي تطوير الأمن السيبراني ليتحول إلى أمن الذكاء الاصطناعي. أما المدرسة، فما دام أننا لم نستطع أن نكون في مستوى المدارس التقليدية الموجودة في أوروبا لمدة عقود، وما نزال نجترّ أزمة التعليم، فإن هذا الذكاء الاصطناعي قد يحل مشكلتنا إذا أصبح إيلون ماسك يبيع شرائح الذكاء في السوق العالمية، فبدل أن نصرف ميزانيات على آلاف البنايات وعشرات الآلاف من الأطر التربوية، يكفي أن نشتري ملايين الشرائح الذكية كل سنة ونزرعها لأبنائنا، وحتى في هذا السيناريو سنجد في 2050 أو 2060 أننا بدل أن نتكلم عن الفوارق المجالية والاجتماعية سنتحدث عن العدالة الذكائية!

هي مزحة بطعم المرارة لأننا مازلنا ندبر مشاكل بدائية كمحاربة الأمية، فهل ننجح على الأقل في أننا «نستهلكو بلا ما نتهلكو»؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.