تبادر عدد من المدارس والجامعات في كل أنحاء العالم تباعاً إلى حظر استخدام برنامج الدردشة الآلي "شات جي بي تي"، وغيره من أدوات الذكاء الاصطناعي، خشية تحوّلها إلى وسيلة للغش والانتحال، فيما يرى المدافعون عن هذه التقنيات "قصر نظر" في رد الفعل. ومنذ أن بات "شات جي بي تي" ونصوصه المولّدة تلقائيا في متناول الجمهور في نوفمبر (تشرين الثاني)، تحاول مدارس ومؤسسات تربوية منع طلابها من استخدامه خلال الامتحانات وكذلك في الفروض المدرسية. وكتب إيلون ماسك أحد مؤسسي "أوبن إيه آي"، الشركة الناشئة التي ابتكرت تشات جي بي تي، في تغريدة في مطلع كانون الثاني "إنّه عالم جديد. وداعاً الفروض المدرسية في المنزل!".
It's a new world. Goodbye homework! — Elon Musk (@elonmusk) January 5, 2023
وكان معهد الدراسات السياسية المرموق في باريس "سيانس بو" أول جامعة أوروبية كبرى تحاول التصدي لأداة الذكاء الاصطناعي، فحظر في أواخر يناير (كانون الثاني) على طلابه استخدام "شات جي بي تي" في أبحاثهم سواء الخطية أو الشفهية تحت طائلة طردهم. ودعا وزير التربية الفرنسي باب ندياي إلى اتخاذ تدابير أوسع نطاقاً، وأعلن الخميس عبر إذاعة "فرانس إنتر" أنه "سيتعين التدخل في هذا الشأن، ونحن بصدد بحث أفضل طريقة للتدخل" مضيفاً "من الواضح أن لدينا ربما خصم على هذا الصعيد، لكن علينا في مطلق الأحوال الأخذ بهذه المعطيات الجديدة في عمل التلاميذ والأساتذة". لكنه اعتبر أن النصوص التي يولدها الذكاء الاصطناعي "مختلفة جداً عن تلك التي بإمكان التلاميذ كتابها، والأساتذة قادرون على تمييز الفرق". وفي أربع من ولايات أستراليا الست، حظر استخدام شات جي بي تي في منتصف ديسمبر (كانون الأول) في حرم المدارس العامة بواسطة "جدار حماية"، كما حظر على التلاميذ استخدام التطبيق على هواتفهم المحمولة. وتعتزم أكبر جامعات أستراليا وعدد من الجامعات الأمريكية زيادة الفحوص التي تجري في قاعاتها بواسطة "ورقة وقلم" أو مراقبة شاشات الطلاب عن بعد. ووصلت مدينة نيويورك إلى حد حظر شات جي بي تي في المدارس العامة على كل الأجهزة، لعدم مساهمته في "بناء تفكير نقديّ" وخوفاً من انتشار "الانتحال". كما اتخذت مدارس في سياتل ولوس أنجليس قراراً مماثلاً. وفي الهند، حظرت جامعة "آر في" في بانغالور البرنامج في حرمها، وعمدت إلى إجراء المزيد من الفحوص غير المعلنة مسبقاً. وفي بريطانيا، يعتزم مكتب تنظيم الامتحانات وضع ميثاق للمدارس. وأثار عضو في البرلمان ضجة في ديسمبر (كانون الأول) حين تلا خطاباً كتبه برنامج شات جي بي تي "طبقاً لأسلوب تشرشل". وفي جامعة ستراسبورغ في فرنسا، استخدم عشرون طالباً تقريباً هذه الأداة للغش خلال امتحان عن بعد، فأرغموا على الخضوع لامتحان جديد حضورياً.
وحظرت منصات للصور على غرار "غيتي ايميجيز" "شاترستوك" الصور الملتقطة بواسطة برامج ذكاء اصطناعي مثل "دال-إيه" و"ميدجورني" و"ستيبل ديفيوجن". ومنع المنتدى الخاص بالبرمجة المعلوماتية "ستاك أوفرفلو" المنشورات التي ينتجها برنامج "تشات جي بي تي"، معتبراً أنّها تتضمن الكثير من الأخطاء. كما طُلب من الباحثين الامتناع عن استخدام الأداة. وفي مطلع فبراير (شباط)، حذرت مجلتا "ساينس" و"نيتشر" العلميتان الأميركيتان من أنّهما ستتوقفان عن القبول بذكر "شات جي بي تي" بصفته كاتبا، وطلبت من الباحثين الذين يستخدمونه أن يذكروا ذلك. ورفض المؤتمر الدولي حول تعلم الآلة الذي نُظّم في يناير (كانون الثاني) في الولاياتالمتحدة، العروض التقديمية التي أنجزها "شات جي بي تي"، باستثناء تلك التي يكون هو موضوعها.
وأمام هذه المقاومة الناشئة ضد البرنامج، أعلنت "أوبن آي إيه" مؤخراً عن برنامج يساعد على التمييز بين نص كتبه "شات جي بي تي" ونص كتبه شخص، لكن الشركة نفسها أقرت بأنه لا يزال في الوقت الحاضر "غير موثوق به بشكل كامل".