ملمترات فقط من الأمطار خلال حيز زمني وجيز، كانت كافية لتغرق شوارع وأحياء "عروس الشمال" طنجة في المياه، وتحولها إلى مدينة عائمة في برك مائية، تسببت في إرباك حركة السير والجولان وإغلاق بعض المقاطع الطرقية الرئيسة، إثر اختناق قنوات الصرف الصحي، في مشهد أعاد إلى الواجهة هشاشة البنى التحتية التي عرتها التساقطات المطرية.
وبالرغم من أن الأمطار التي تهاطلت على المدينة وتسببت في سيول قوية، لم تستمر سوى ربع ساعة فقط، إلا أنها كانت كافية لتغمر الفضاءات العمومية وبعض المنازل والمحلات، مخلفة خسائر مادية متباينة، كما أنها جرفت سلعا و"كرارس" الباعة الجائلين الذين يتخذون من الشوارع والساحات فضاء لممارسة أنشطتهم التجارية.
العوامة، مسنانة، بني مكادة، السواني ومغوغة، كل هذه الأحياء وأخرى كانت تختنق تحت الماء، بينما أمضى سكانها ليلة ليلاء في مواجهة أزمة بنيوية مركبة، فأن تغرق مدينة متروبولية من حجم طنجة، ولا تستطيع تحمل بضع دقائق فقط من الأمطار، يسائل جميع المجالس المنتخبة المتعاقبة على "عروس الشمال"، كما يدفع نحو التساؤل عن الملايير التي رصدت لشركات التدبير المفوض دون أن يكون لها أثر على تحسين أوضاع مدينة يراهن عليها المغرب لجلب رؤوس الأموال وتحريك عجلة الاستثمار والاقتصاد، وباتت اليوم واجهته الرياضية أمام العالم، كونها من المدن المغربية المرشحة لاستضافة "مونديال 2030".
لكن عدسات هواتف المواطنين، وثقت الحالة الكارثية التي وصلت إليها طنجة وفضحها سوء الأحوال الجوية، من خلال صور وفيديوهات جرى تداولها على نطاق واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي، تظهر ضعف البنية التحتية المهترئة في جل المرافق والمنشآت، خاصة الطرقات التي توقف المرور بها وغرقت بها سيارات المواطنين وتعطلت مصالحهم، في اختبار جديد لمدى جاهزية المدينة لاستقبال تظاهرات عالمية، من حجم كأس العالم لكرة القدم.
من جهتها، أصدرت جماعة طنجة بيانا، قالت فيه إن "التساقطات الأخيرة، التي بلغ معدلها خلال ظرف وجيز 27 ملم، شكلت مناسبة لتفعيل البروتوكولات المعتمدة لضمان انسيابية الحركة والحفاظ على السير العادي للحياة اليومية وتأمين سلامة المواطنين والبنيات التحتية"، مبرزة أن هذه الإجراءات تتوخى "تعزيز منظومة الصمود الحضري وتحسين تدبير المخاطر المرتبطة بالتقلبات المناخية".
وفور تسجيل هذه التساقطات، يضيف البيان، "عبأت الجماعة كافة مواردها البشرية واللوجستيكية المتاحة، بتنسيق مع السلطة المحلية وشركة التدبير المفوض لقطاع الماء والكهرباء والتطهير السائل، لتنفيذ تدخلات ميدانية استعجالية تستهدف احتواء أي تأثير محتمل لهذه الأمطار على مختلف المرافق الحضرية".
وأشارت الجماعة إلى أنه "تمت مباشرة عمليات إزالة الأوحال والترسبات الطينية بمختلف النقاط التي شهدت تجمع ا لمياه الأمطار، وإعادة فتح المحاور الطرقية الرئيسية في آجال قياسية، بما يضمن استمرارية حركة السير وتأمين ولوج المواطنين للخدمات الأساسية"، كما يتم تعبئة فرق متخصصة لمراقبة مدى استيعاب الشبكة المائية لكميات التساقطات المسجلة، والتدخل الفوري عند الضرورة لمعالجة أي اختلال محتمل.
كما تم، بحسب المصدر ذاته، إطلاق تنفيذ مشروع حماية حي الواحة من فيضانات وادي مغوغة، الذي ر صد له غلاف مالي يناهز 13.53 مليون درهم، والذي يهدف إلى تقوية المنشآت المائية وتعزيز التصريف السريع لمياه الأمطار بهذه المنطقة.
وأكدت جماعة طنجة "التزامها المتواصل بتبني مقاربة استباقية في تدبير المخاطر المناخية، تقوم على التدخل الفوري والتنسيق الدائم بين مختلف الفاعلين الترابيين، إلى جانب الاستثمار في المشاريع الهيكلية التي من شأنها تعزيز صمود المدينة أمام التقلبات الجوية وضمان استدامة المرافق والخدمات الحضرية لفائدة الساكنة".