منذ أن سلط وزير العدل عبد اللطيف وهبي رفقة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد توفيق، الضوء على المضامين الرئيسية لمقترحات مدونة الأسرة، لم تهدأ مواقع التواصل الاجتماعي من تعليقات النشطاء، حيث أعادت هذه المحطة الحاسمة في تاريخ المملكة المغربية الاعتبار إلى المجتمع المغربي، الذي أبدى رأيه تجاه "الجزء الأول" من التعديلات المقترحة للقانون الأسري. وأحدثت هذه النقاشات المجتمعية انقساما في آراء المراقبين، بعدما تداول رواد المواقع الإفتراضية معلومات مغلوطة تم تمريرها على شكل "ساركازم" أو قصص قصيرة من أجل خلق جو من الإثارة والضحك، وهو ما أثار حفيظة العديد من الفاعلين السياسيين والحقوقيين.
ورافقت هذه الموجة من المعلومات المغلوطة تحذيرات من مختلف أطياف المجتمع المغربي، خوفا من الوقوع في احتقان مجتمعي، خاصة وأن أغلب النقاشات الإفتراضية بلغت حدود المواقف والمواقف المضادة، بعدما تم استخدام أسلوب "التراشق اللفظي" للسيطرة على "الحوار الإلكتروني".
ولتفكيك لغز هذه الظاهرة المجتمعية، قال علي شعباني أستاذ علم الاجتماع، إنه "في النقاشات الدائرة حول مدونة الأسرة هناك من ينظر على أن هذه النقاشات مهمة جدا وصحية، سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي، وتعبر في الآن ذاته على أن المجتمع حي، رغم وجود مواقف ومواقف مضادة، التي وصلت إلى حد التراشق اللفظي الحاصل بين المحافظين والحداثيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي".
ولاحظ شعباني، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "هناك تضاربا خطيرا جدا في العديد من المواقف، حيث يكاد يخرج النقاش عن إطاره الحقيقي ويتطور إلى صراعات قوية بين الرجال والنساء ويتحول إلى عنف معنوي في غالب الأحيان، ولهذا يجب الحفاظ على النطاق السليم للنقاش المجتمعي حول هذا الموضوع المثير للجدل".
واعتبر أن "بعض الحساسيات اتخذت موضوع مدونة الأسرة على أساس معركة لكسر العظام، إذ وصل مستوى النقاشات إلى حد العقم، لا ينتج أي حل ولا يحل مشكلة، لهذا وجب الانتباه لهذا الأمر الذي قد يخرج عن النطاق المعمول به في النقاشات العمومية أو المجتمعية بين مختلف مشارب المجتمع المغربي".
ونبه إلى أن "النقاشات المجتمعية يجب أن تكون بمثابة أرضية لتطوير بعض المبادئ والأفكار، دون السقوط في مسألة التعصب أو الشوفينية، التي تخلق أضرارا جسيمة بأفراد المجتمع المغربي"، مشيرا إلى أن "اللجنة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة بدورها وضعت مقترحات خلقت بها الجدل بين التيارات المتصارعة، الأمر الذي نتج عن ذلك نقاشات حادة".
وشدد شعباني، على أن "وسائل الإقناع يجب أن تكون عن طريق العقل والمنطق، واستبعاد كل عبارات التمييز بين الجنسين وأيضا الأعراف السائدة التي تعتبر إرثا ثقيلا داخل المجتمع المغربي"، مؤكدا على ضرورة تغيير الأساليب التي قد تلحق الضرر بالأطراف المعنية بمدونة الأسرة".