أكدت الوزيرة المنتدبة في الشؤون الخارجية والتعاون، مباركة بوعيدة، الأربعاء بواشنطن، على المسؤولية المشتركة للمجموعة الدولية في مجال مكافحة الإرهاب، محذرة من الخلط بين الإسلام والتطرف العنيف. وكانت بوعيدة تتحدث، عشية انعقاد الدورة الثالثة للحوار الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة، في إطار جلسة نقاش حول "مساهمة المغرب في مكافحة التطرف الديني بإفريقيا والشرق الأوسط"، نظمتها مجموعة التفكير الأمريكية (أطلنتيك كاونسيل)، وبثتها مباشرة القناة العمومية الأمريكية (سي - سباين). وشددت الوزيرة على أنه "من مسؤوليتنا المشتركة التصدي لكل الإيديولوجيات الطائفية القائمة على التطرف العنيف"، مشيرة إلى أن الوعي فقط بظاهرة الإرهاب يظل غير كاف. وأوضحت أن المقاربة الأمنية والتشريعية، شأنها شأن التدابير الأخرى للسلطات، تظل على ما يبدو غير فعالة لمواجهة هذه الظاهرة، إذا لم تأخذ بعين الاعتبار المحيط الإقليمي والدولي. وجددت بوعيدة، في هذا الإطار، التعبير عن إدانة المغرب التامة لجميع أشكال الإرهاب والتطرف العنيف، وكذا الاستهزاء بالديانات والأعراق والإثنيات، أو كيفما كانت دوافعه. وأبرزت أن "المغرب وضع على الدوام خبرته رهن الإشارة من أجل التوصل إلى رد جماعي من خلال استراتيجيات تروم الوقاية من آفة الإرهاب"، مشددة على أنه عبر استهداف منابع هذه الظاهرة، "سنكون قادرين على الحيلولة دون انتشار الأفكار المتطرفة". وفي هذا الإطار، استعرضت الوزيرة أمام عدد من السفراء المعتمدين بواشنطن والخبراء والجامعيين والباحثين، الاستراتيجية الشاملة للمغرب لمكافحة الإرهاب، في إطار مخطط عمل أطلق سنة 2012 يدعو إلى انخراط الجماعي لتعزيز التسامح. وفي إطار هذا المخطط، ستحتضن مدينة فاس متم شهر أبريل الجاري القمة الأول للزعماء الدينيين بهدف الوقاية من التحريض على التمييز والعنف. وتطرقت الوزيرة أيضا لإصلاح الحقل الديني بالمغرب، الذي أطلقه الملك محمد السادس، أمير المؤمنين. وأضافت أن هذه الإصلاحات تشمل "تحديث الحقل الديني من خلال المجلس الأعلى للعلماء، المؤسسة الوحيدة المؤهلة قانونيا لإصدار الفتاوى الدينية بخصوص العديد من القضايا، بما في ذلك ذات الطابع الاجتماعي. وفي إطار هذه الإصلاحات، وبالنظر إلى الدور الذي تضطلع به المرأة في مجال مكافحة التطرف، تم إحداث هيئة للمرشدات تعملن إلى جانب نظرائهن الرجال من أجل تعزيز مبادئ الإسلام المعتدل والمتسامح. وللمساعدة على تمرير هذه الرسالة لتصل إلى أكبر عدد ممكن، منحت السلطات 28 رخصة لإحداث إذاعات دينية من أجل النهوض بالتربية الدينية. وقالت إن هذه الإصلاحات تهدف إلى "مكافحة آفتي التظرف والظلامية"، مضيفة أنه بالنظر إلى نجاح هذه الإصلاحات، عبرت العديد من البلدان الإفريقية والأوروبية عن رغبتها في الاستفادة من برنامج المغرب في مجال تكوين الأئمة. وفي سنة 2014، ذكرت الوزيرة باستفادة نحو 500 إمام من هذا التكوين داخل مؤسسة محمد الخامس لتكوين الأئمة، مشيرة إلى أنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة استفادت من هذا التكوين العديد من البلدان الشريكة، كليبيا وتونس وكوت ديفوار والغابون وغينيا وفرنسا والمالديف. وسجلت بوعيدة أنه من خلال هذه المقاربة يساهم المغرب في مكافحة التطرف العنيف، من أجل مواجهة تنامي عدم الاستقرار بإفريقيا والشرق الأوسط. وقالت إنه من الضروري مواكبة واستكمال هذه الاستراتيجية من خلال رؤية شاملة تهم التطورات الإنسانية والاقتصادية، وتأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الثقافية لكل بلد. وأشارت إلى أنه، في إطار مكافحة التطرف العنيف، يتعين الأخذ بعين الاعتبار التعاون جنوب - جنوب في القارة الإفريقية على الخصوص، من خلال التركيز على الشباب للاستفادة من الفرص المتاحة في إطار إيجابي مزدهر. وذكرت أنه "في هذا السياق أحدث جلالة الملك دينامية جديدة للتعاون بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء من أجل تعزيز التضامن والتعاون الاقتصادي والديني". وفي إطار انخراط المغرب في مكافحة الإرهاب، وبروح مفعمة بقيم التوافق والمصالحة، ذكرت السيدة بوعيدة أن المغرب احتضن الحوار السياسي بين الأطراف الليبية تحت رعاية الأممالمتحدة.