أكد خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، أن الذي يتحكم في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي، وبين الجزائر ليس القيم المغلوطة المرتبطة ببعض مبادئ القانون الدولي، بل الطاقة والبترول، والغاز الطبيعي. وأضاف شيات في حوار مع "الأيام 24" حول تفويض المجلس الأوروبي، للجنة الأوروبية بمباشرة المفاوضات من أجل التوقيع على بروتوكول جديد للصيد البحري يشمل الصحراء المغربية، أن المغرب دولة لها سيادة، ويريد أن يوقع اتفاقا مع شريك مضمون وتاريخي، ويتعلق الأمر بدول الاتحاد
- ما هي قراءتكم لتفويض المجلس الأوروبي، للجنة الأوربية بمباشرة المفاوضات مع المغرب، في قطاع الصيد البحري ؟ هذا أمر يتيحه القانون الاتحادي، وليس استثناء. لكن يجب أن ننتبه إلى أنه نقل المفاوضات من الاتحاد إلى مؤسسة عملية وتقنية. المفوضية الأوربية تحمل أدوارا متعددة، فلها صفة تنفيذية، وهذه الصفة ليست كالسلط التنفيذية الدولية، بل مرتبطة بتنفيذ المعاهدات أيضا، كما أن هذا يحيل إلى نوع من المزج بين توقيع الاتفاقيات، وتنفيذها، وبالتالي تحمل المسؤوليات القانونية، والتبعات، وهذا المستوى يتجاوز الطابع التنازعي الذي يمكن أن ينشأ عن الاتفاقات التي يبرمها الاتحاد الأوروبي لكون الأسبقية للوفاء بالمعاهدات بدل سعي البعض إلى تسييسها.
- هل كان هذا الموقف منتظرا ؟ نعم، هو أمر منتظر، لكونه أخف على دول الاتحاد التي سبق أن وقعت اتفاقا للشراكة مع المغرب، وطبعا الاتفاقيات الفلاحية، والصيد البحري، هي اتفاقيات تطبيقية، أو موازية، فيما النزعة القانونية للاتحاد الأوربي، تدخل الاتحاد في كثير من المشاكل. الحديث اليوم في أوربا ليس فيما وقع مع المغرب، لأن تقوية المؤسسات سيكون في صالح الاندماج، وعلينا أن نتابع الكلمات التي ساقها "مارون"، أمس أمام البرلمان الأوربي، فهذه القوة في الطرح لصالح المؤسسات، أوما يسمى بتقوية السيادة، على اعتبار أن سيادة الاتحاد الأوربي، لن تتحقق إلا على حساب سيادة دوله، من هذا المنظور الذي يتسم بالتهديد أيضا، بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد، والدخول في مفاوضات معقدة معها، يمكن فهم ما أقدم عليه الاتحاد، اتجاه اتفاق الصيد مع المغرب، فليس هناك غاية واحدة من كل فعل سياسي. وبالنسبة لخصوم المغرب، أرض المؤسسات واسعة في أوروبا، قد يحصلون على بعض الكلام من محاكم ذات نزعة قانونية ترتبط بمنطق القانون الدولي الذي كان يؤثث للعلاقات الدولية في المرحلة الاستعمارية الأوربية، ويسقطها على قضايا معاصرة لا يختص بها أصلا.
- ما هي انعكاسات هذا القرار على العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوربي ؟ المغرب لا ينتظر قرارا من الاتحاد الأوربي، المغرب دولة لها سيادة، ويريد أن يوقع اتفاقا مع شريك مضمون وتاريخي، ويتعلق الأمر بدول الاتحاد. والكل يعلم أن الدول الجنوبية الأوروبية هي من يستفيد إلى جانب لوبيات قوية هنا وهناك، لذلك، المغرب ليس في حاجة، إلى أن يؤكد تشبته بعلاقات متعددة المشارب مع الأوربيين، لكن ليس هناك سوى مغرب واحد، يمتد من طنجة إلى الكويرة وليس لدينا مغارب متعددة حتى نتعامل مع أوروبا، أو غيرها بأكثر من منطق واحد، هو أن أي اتفاق لا يشمل المغرب لن يقبل من طرفنا، وأرض الله واسعة، لإيجاد بدائل في هذا المستوى. ويبقى المشكل، هو أن علاقاتنا مع أوروبا ليست قطاعية بل استراتيجية.
- ما هو تأثير قرار الاتحاد الأوربي على ملف الصحراء المغربية؟ ليس هناك ربط بين اتفاقية الصيد البحري، والموقف من قضية الوحدة الترابية، بل هناك ارتباط على المستوى الذي تقرره مقتضيات القانون الدولي، ومبادئه وعلى رأسها الوفاء بالالتزامات الدولية. لقد تعرضنا لأكبر عملية ضغط من نفس الجهة، ومن مؤسسات مختلفة، لكن بالنسبة لي كمتعاقد لا أرى فرقا بين محكمة أوربية ومفوضية أوربية. المغرب يفعل ذلك مع هيئة، إذا كانت هناك جهات أخرى يجبرنا أن نوقع معها اتفاقات، فهذا أمر يجب أن يطرح في بداية التوقيع، والمصادقة، أما أن تترك جهة متعاقدة لمقتضيات قضائية داخلية فهذا أمر حسم فيه القضاء الدولي. المغرب تعرض لإهانة بشكل ما، ولا أعتقد أنه علينا أن نتجاوز الأمر في المرة القادمة، التعاقد بحسن نية مطلوب، لكن، بشرط الإلتزام بنفس الأمر من الطرف المتعاقد الآخر. وما يمكن أن يخفف من كل ذلك، هو أن أوربا مجال مندمج، في مرحلة تطور، لكنه لم ينضج بعد، ومع الأزمة الأخيرة اقتصاديا، وقيميا، يصعب تحديد المسؤوليات. وكل ما يؤلمني هو أن سعي الجزائر إلى محاكم "اوربت"، بدل أن تسعى لإنشاء اتحاد مغاربي يضاهي، أو يفوق النموذج الأوربي. إنها تستثمر في المشاكل أكثر، مما تستثمر في صنع الحلول.
- ما هي السيناريوهات المحتملة بعد الإعلان عن الدخول في مفاوضات مع المغرب؟
ليس هناك سيناريوهات، فقط هناك أمر أن لا يشمل الاتفاق المغرب، ولا أقول الأقاليم الجنوبية، لذلك لا اعتقد أن المغرب في وضع يمكن أن يجعله ضحية منظومة قانونية، أو قضائية، في حين هو سيد نفسه في أي تعاقد أو معاهدة. إذا كان هناك إصرار على إيجاد حلول بديلة حتى من الناحية الإصطلاحية، فأنا ضد أن يتم توقيع اتفاق تحت أي مبرر. لكن ما أعرفه عن الاتحاد الأوربي، وعن مفوضيته هو أنه ذو نزعة مصلحية مفرطة، وبدون أن نجعل من ذلك مجالا للمقارنة، فما يتحكم في العلاقات بينه وبين الجزائر ليس القيم المغلوطة المرتبطة ببعض مبادئ القانون الدولي، التي تسوق بشكل مستفز، بل الطاقة والبترول، والغاز، لذلك لا نحتاج لدروس من أحد أما أن يكون اتفاقا يشمل المغرب، أو لا يكون.