قال الدكتور حسن الشطيبي أخصائي في علم النفس العصبي المعرفي، إن الصحة النفسية لديها علاقة وطيدة بالصحة الجسدية والاجتماعية على اعتبار أن المنظمة العالمية للصحة عرفتها بأنها الحالة التي يجب أن يكون عليها الإنسان على المستوى الجسدي والنفسي والاجتماعي. وأوضح الشطيبي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن الدراسات التي أُنجزت بخصوص الصحة النفسية في المغرب وفي دول العالم، سجلت ارتفاع وتيرة الاضطرابات النفسية عند الأطفال والمراهقين وحتى عند البالغين.
أسباب الاضطرابات النفسية
وفيما يخص العوامل المساهمة في ارتفاع الاضطرابات النفسية، اعتبر الشطيبي، أنها متعددة منها ما هو بيولوجي وراثي، ومنها ما هو اجتماعي يرتبط بالمحيط الأسري للطفل، ومنها ما يرتبط بالمجتمع ككل أي بالمحيط العام للطفل من قبيل المدرسة والشارع والتلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي إلى أخره.
واعتبر الشطيبي، أنه إذا ركزنا على سبب واحد للاضطرابات النفسية، من قبيل الهواتف الذكية والأنترنيت، فيمكن أن نقول إنه من خلال الدراسات التي أجريت سابقا وحديثا فإن هذه الهواتف الذكية تشكل عاملا من العوامل الأساسية في ارتفاع التوتر عند الأطفال، وهذا ما يؤثر سلبا على مردودهم الدراسي وعلى سلوكهم ومشاعرهم على علاقاتهم الاجتماعية.
وأضاف أن هناك بعض الدراسات التي تثبت تأثير الهواتف الذكية على البرمجة العصبية الدماغية للطفل وعلى الوظائف الإجرائية التي يقوم بها الدماغ حيث تؤثر على التركيز وعلى الذاكرة وتؤدي إلى نقص في الانتباه والإفراط في الحركة، مبينا أنها قد تؤدي إلى بعض التغيرات السلوكية للطفل فتجعله منطويا على نفسه ومنعزلا مما يجعله يجد صعوبة على مستوى اندماجه داخل المجتمع ويؤثر الأمر أيضا على شهية تناول الطعام لديه فإما يعاني من فقدان الشهية أو شراهة في الأكل أي أن شهيته تكون غير مستقرة.
ونبه إلى الهواتف الذكية والأنترنيت تؤثر على كمية النوم وجودته مما يؤثر سلبا على سلوكياته وعلى مستوى تركيزه وعلى أدائه الدراسي وعلى علاقاته الاجتماعية، ناهيك على أن الاطفال يبتعدون عن ممارسة الألعاب والرياضة، لانهم بقضون معظم وقتهم أمام شاشات الهواتف الذكية.
وحذر الشطيبي، إلى أن استعمال الهواتف الذكية يؤدي إلى الإدمان إذ أن أزيد من 80 من الأطفال الذين يستعلمونها يوصفون بأنهم "مدمنون"، مبينا أن فيه درجات، فالأولى تعد إدمانا خفيفا حيث يمكن للطفل الابتعاد عن استعمال الهاتف الذكي بشكل سهل إلى حد ما، أما الدرجة الثانية فتبدأ خلالها الاضطرابات السلوكية والمعرفية والمشاعرية في الظهور عند الطفل، في حين تكتسي الدرجة الثالثة من الإدمان، خطورة كبيرة، ينبغي خلالها تدخل الأطباء للعلاج حيث يكون العلاج طبيا وسلوكيا ومعرفيا ومشاعريا يتدخل فيه الطبيب والأسرة والمدرسة.
ظاهرة مقلقة وسجل الشطيبي، أن إدمان الأطفال للهواتف الذكية ظاهرة مقلقة يمكن أن يكون لها آثار سلبية على نموهم الجسدي والنفسي والاجتماعي، منبها إلى التأثير السلبي على الصحة البدنية مشاكل النوم: التعرض الطويل للشاشات، وخاصة قبل النوم، يعطل دورة النوم بسبب الضوء الأزرق، إضافة إلى إجهاد العين، حيث يؤدي الاستخدام المفرط للهواتف الذكية إلى جفاف العين والصداع وعدم وضوح الرؤية.
وذكر الشطيبي، أن الهواتف الذكية يؤثر على التطور المعرفي للأطفال مما يؤدي إلى انخفاض التركيز بسبب الاستخدام المستمر للهواتف الذكية، وخاصة للإشعارات المتكررة، مما يتسبب في ضعف مهارات التعلم الدراسي.
وحذر الشطيبي، من أن تصميم بعض الألعاب أو التطبيقات يهدف لتشجيع الاستخدام لفترات طويلة، مما يعزز الإدمان، مضيفا أن بعض الأطفال قد يقومون بمشاركة المعلومات الشخصية دون فهم الآثار المترتبة على ذلك. كما نبه إلى المخاطر المتعلقة بالمحتوى الرقمي عبر التعرض لمحتوى غير مناسب، موضحا أنه قد يصل الأطفال إلى محتوى عنيف أو جنسي أو غير مناسب لعمرهم.
معالجة وحلول ولتجاوز الإدمان والاضطرابات التي تتسبب فيها الهواتف الذكية، دعا الشطيبي، جميع المتدخلين إلى الانخراط في عملية التحسيس والتوعية من أجل تجاوز هذه الآفة الخطيرة على أطفالنا، مشددا على ضرورة الحرص على نوم جيد وتغذية صحية وأنشطة رياضية وملئ الفراغ بما يفيد الأطفال.
وبعد أن سجل غياب إستراتيجية وطنية رسمية لمحاربة هذه المخاطر، نصح الشطيبي، الآباء باستعمال بعض التطبيقات لمراقبة أبنائه إذا كان ولا بد أن يعطيهم مرة واحدة في اليوم، محذرا من أن الهاتف الذكي يتضمن مواقع إباحية وألعاب سامة وأمور ممنوعة يجب على الآباء الانتباه لهذه المسألة.
وخلص الشطيبي، إلى أن الهواتف الذكية تشكل خطر على الأطفال أقل من 15 سنة، لذا يجب المراقبة وأخذ جميع الاحتياطات من أجل عدم الوقوع في الاضطرابات النفسية والوصول إلى درجة الإدمان.