تنتظر الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، التي عيَّن الملك محمد السادس زهير شرفي رئيسا جديدا لها، تحديات ورهانات ذات طابع استراتيجي، في ظل سعي المغرب إلى تحقيق الاستقلالية الطاقية والاستدامة، وتعزيز الريادة الإقليمية والدولية في هذا المجال الذي يشهد نموا كبيرا. في هذا الإطار، تأتي الدعوة الملكية، خلال انعقاد المجلس الوزاري الأخير، إلى إجراء إصلاح عميق على مستوى عمل الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، من خلال مراجعة القانون المنظم لها وتوسيع اختصاصاتها لتغطي كافة مكونات قطاع الطاقة، بما في ذلك الكهرباء، الغاز الطبيعي، الطاقات المتجددة، ثم الهيدروجين ومشتقاته.
كما تشمل التوسعة، مجالات الإنتاج والتخزين والنقل والتوزيع، بما يتماشى مع مستوى النضج الذي بلغه القطاع الطاقي في المغرب، ووفقا لأفضل الممارسات الدولية، علما أن المملكة تمكّنت من تقليص التبعية الطاقية من 98 في المائة عام 2008 إلى 89 في المائة خلال 2024، في وقت تضاعفت فيه الاستثمارات في الطاقات النظيفة أربع مرات، ببلوغها 15 مليار درهم سنويا بين 2024 و2027.
ولتحقيق النتائج المسطرة، يواجه دركي قطاع الطاقة بالمغرب، عدة رهانات، يتمثل أولها في نضج القطاع، إذ مع 45 في المائة من مزيج الكهرباء الذي يأتي بالفعل من الطاقات المتجددة في عام 2024، فإن المغرب قد تجاوز توقعات عام 2030، إذ تم تعديل هذا الهدف إلى 56 في المائة بحلول عام 2027.
ثاني هذه الرهانات يتمثل في تنويع الطاقة، فدمج الغاز الطبيعي والهيدروجين الأخضر يستجيب لاستراتيجية السيادة والقدرة التنافسية، بينما يرتكز الرهان الثالث على المواءمة مع المعايير الدولية، من خلال التوافق مع المعايير المتقدمة، بشكل يضمن للمغرب جاذبية الاستثمار، فضلا عن دعم المشاريع الاستراتيجية التي من شأنها ترسيخ مكانة المغرب كرائد إقليمي ومرجع دولي في مجال الحكامة الطاقية المستدامة.
تعويضات سمينة
جرى إحداث الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء عندما كان عبد الإله بنكيران يترأس "حكومة الإسلاميين" الأولى، لكنها لم تر النور إلا في عهد حكومة خلفه سعد الدين العثماني، من خلال المصادقة على مرسومها والتعويضات المخولة لفائدة أعضائها. وينص المرسوم رقم 873.2.19 على أن أعضاء مجلس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء، يتقاضون تعويضا شهريا جزافيا خاما قدره 62 ألف و618 درهما.
ويتقاضى أعضاء لجنة فض النزاعات بالهيئة الوطنية لضبط الكهرباء تعويضا جزافيا خاما عن كل اجتماع من اجتماعات اللجنة التي يحضرونها، وذلك في حدود أربع اجتماعات في الشهر مهما كان عدد الاجتماعات المنعقدة.
فبالنسبة لرئيس اللجنة، يحصل على 7142 درهما عن كل اجتماع، أما بالنسبة لباقي الأعضاء فلهم الحق في 5714 درهما عن كل اجتماع، فيما يتقاضى أعضاء مجلس الهيئة لأجل تنقلهم لأغراض المصلحة، تعويضات يومية خاصة بالتنقل داخل المغرب محددة في 700 درهم في اليوم، وبالنسبة للمأموريات بالخارج فمحددة في 2000 درهم في اليوم، كما تتحمل الهيئة مصاريف التنقل والتعويضات الكيلومترية طبقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل.
وكانت هذه التعيينات والتعويضات قد أثارت جدلا واسعا بين الأوساط السياسية والحقوقية بمجرد الإعلان عنها، خاصة عندما تبين أنه جرى توزيعها على المقاس وبمنطق الولاء الحزبي، إذ اختار كل من رئيس مجلس النواب آنذاك الحبيب المالكي ورئيس مجلس المستشارين حكيم بنشماش أعضاء من حزبيهما دون باقي الكفاءات ودون استشارة باقي الأحزاب، كما ينص على ذلك القانون.