يوم بيوم مجانين يلعبون بمصائرنا نور الدين مفتاح نشر في 21 نوفمبر 2024 الساعة 17 و 16 دقيقة نحن هنا في الرباط مرتبطون عضويا بكل هذا الذي يجري! في أمستردام طفا اسم المغاربة على السطح، وملك البلاد يترأس لجنة القدس، ولنا تاريخ مع القضية الفلسطينية التي تجمعنا معها إضافة إلى عدالتها، روابط العروبة والإسلام، ومن يعتقد أن الأمازيغية هي نقيض للعروبة وبالتالي هي حليف طبيعي للصهيونية فهو متجني على أمازيغيته ومغربيته ومغاربيته وإنسانيته، وإلا ماذا يمكن أن نقول لشخص يتشفى في قتل عشرات الآلاف من الأطفال لمجرد أنهم عرب! وينعت القضية ب «فلسطيز». هؤلاء عنصريون عرقيون لا يمثلون المغاربة الذين يفتخرون بهويتهم المتعددة كما وردت في تصدير الدستور. مناصرة القضية الفلسطينية هي جزء من العمل من أجل وحدتنا الترابية، ولهذا قلنا منذ عقود إن القضيتين مترابطتان. وفي الوقت الذي يجب أن يكون الجدار العربي متماسكا من أجل هذه القضية المصيرية، نجد أن واقعنا سيء، وحالنا في المغرب الكبير أسوأ، وها هي الجارة الجزائر تدفعنا منذ عقود للجري في مضمار سباق كان بالإمكان أن نتجنبه. وبعد خمسين سنة، وصلنا إلى درجة أن تخطى الجار الغريب الخطوط الحمراء، وتم قصف مدينة المحبس بقذائف سقطت بجانب مدنيين، وقد تبنت العملية جبهة البوليساريو الانفصالية، ولكن عملها الإجرامي ينطلق من أراض جزائرية وهذا خطير على المنطقة في هذه الظرفية الدولية المشتعلة. نور الدين مفتاح [email protected]
الخطوط ساخنة عبر القارات، من واشنطن إلى تل أبيب، ومن أمستردام إلى غزة، ومن لبنان إلى طهران، ومن بروكسيل إلى موسكو، ومن بيونغ يانغ إلى كييف، ومن باريس إلى الرباط، ومن الرباط إلى الجزائر العاصمة.
الحروب قائمة، وكل العالم يضع يده على قلبه من أن تنفجر حروب أكبر، وهو احتمال وارد. والذي يزيد من هذا التوتر في أسلاك الضغط العالي هو وصول دونالد ترامب بشخصيته الانفعالية الفريدة إلى البيت الأبيض، في ولاية ثانية غير مسبوقة. وإقدام رئيس كوريا الشمالية على إرسال جنود إلى خطوط التماس بين روسيا وأوكرانيا، بما يعنيه ذلك من تعزيز للتحالف الصيني الروسي الكوري الشمالي، وإحساس الاتحاد الأوروبي بالهلع من هذه التطورات العسكرية التي تتقدم فيها موسكو على كييف. إضافة إلى أن صعود ترامب قد جعل فرائص بروكسيل ترتعد نظرا للسياسة الحمائية الترامبية، مما يهدد صلابة الحلف الأطلسي، ويزيد المخاوف في العالم من إطلاق يد حكومة نتانياهو لمزيد من التقتيل والتجويع في غزةولبنان بعد حرب إبادة لمدة 400 يوم خلفت أكثر من 45 ألف شهيد و10 آلاف مفقود، و100 ألف جريح.
ومن الآن إلى يناير المقبل حين يتسلم ترامب مفاتيح الحكم، لا أحد قادر على التكهن بمآل هذا البرميل من البارود الذي توجد بالقرب منه مئات الشرارات، فالحاصل أن الكثير من المجانين يوجدون في سدة الحكم اليوم، ويمتلكون أزرار إطلاق السلاح النووي. وهناك احتمالات مع وصول ترامب إلى الرئاسة، إما أنه سيكون رقما إضافيا في هذه الفوضى العالمية غير الخلاقة أو أنه – كما وعد في حملته الانتخابية – سيكون رادع المجانين وستتوقف الحروب بمجرد انتخابه.
عموما، تبقى حرائق الشرق الأوسط التي يرعى ألسنتها الاحتلال الإسرائيلي هي الأخطر على الأمن والسلم الدوليين على الإطلاق. وقد كان من نتائج بشاعة ما يجري في قطاع غزة وفي الضفة الغربية وفي لبنان، أن انقسم العالم إلى ما يشبه المواجهة الدينية والحضارية، وظل الغرب عموما مصطفا مع نتانياهو وجماعته المتطرفة في الحكومة من بن غفير وزير الأمن القومي إلى سموتريتش وزير المالية، وظل الإعلام الغربي في «بلاطوهاته» متوقفا بساعته عند ما جرى في 7 أكتوبر، وكأن ما يجري بعد هذا لمدة 400 يوم من إبادة ممنهجة لا يهمه. ونادرا ما تجد في هذا الإعلام صورا للدمار الشامل في رفح أو جباليا أو بيت لاهيا أو مستشفى المعمداني أو غير ذلك.
ورغم كل هذا، فإن هذا الإعلام القوي لم يوقف السردية الفلسطينية، وكان آخر استطلاع للرأي في فرنسا قد أكد أن 40 في المائة من الشباب الفرنسيين يعتقدون أن ما تقوم به إسرائيل في غزة مماثل لما قام به النازيون ضد اليهود. ونفس هذا الأمر حصل في الولايات المتحدةالأمريكية، عندما هبّ طلبة الجامعات لنصرة القضية الفلسطينية، وبالتالي كان ما جرى في أمستردام الأسبوع الماضي تحصيل حاصل.
لم يكن الإعلام الفلسطيني أو العربي أو الإسلامي هو الذي أثر في جيل المستقبل في الغرب، ولكن كان نتانياهو ومن معه هم أكبر مروج للحق الفلسطيني، بواحدة من أكبر جرائم الحرب بعد الحرب العالمية الثانية. والذي جرى في أمستردام لم يكن كما نسمع في جل القنوات الغربية، معاداة للسامية، بل كان عنفا في مباراة لكرة القدم شارك فيها فريق مكابي تل أبيب، ولو لم يكن هناك إسرائيليون طرفا في هذا العنف المرفوض مبدئيا، لما قامت هذه القيامة السياسية، ولما تحول إسرائيليون متعصبون إلى ضحايا.
والواقع أن من بدأ هذه الجلبة هم الإسرائيليون بنزعهم لعلم فلسطيني من واجهة أحد المنازل وتشويشهم على دقيقة صمت ترحما على ضحايا الفيضانات التي ضربت إسبانيا داخل الملعب نكاية في مدريد التي يعتبر موقفها مساندا للحق الفلسطيني والقانون الدولي، وأصبح المهاجرون المغاربيون «مجرمون معادون للسامية» والحمد لله أن الأمر لا ينطلي على جزء واسع من الرأي العام الغربي، الذي حركت الجرائم الصهيونية ضمائرهم وأيقظت إنسانيتهم الكامنة.
هذه قصة سرقة لفلسطين تحت ذريعة «شعب بلا أرض في أرض بلا شعب» بدأت في 1948 وليس في 7 أكتوبر 2023 ولن يهدأ الشرق الأوسط ما دام حل الدولتين مجرد شعار داسه الصهاينة المتطرفون اليوم، وسيدوسون دولا قائمة إذا ما نجحوا ودكوا المقاومة ولن يتوقفوا في الضفة والقطاع ولبنان.
نحن هنا في الرباط مرتبطون عضويا بكل هذا الذي يجري! في أمستردام طفا اسم المغاربة على السطح، وملك البلاد يترأس لجنة القدس، ولنا تاريخ مع القضية الفلسطينية التي تجمعنا معها إضافة إلى عدالتها، روابط العروبة والإسلام، ومن يعتقد أن الأمازيغية هي نقيض للعروبة وبالتالي هي حليف طبيعي للصهيونية فهو متجني على أمازيغيته ومغربيته ومغاربيته وإنسانيته، وإلا ماذا يمكن أن نقول لشخص يتشفى في قتل عشرات الآلاف من الأطفال لمجرد أنهم عرب! وينعت القضية ب «فلسطيز». هؤلاء عنصريون عرقيون لا يمثلون المغاربة الذين يفتخرون بهويتهم المتعددة كما وردت في تصدير الدستور.
مناصرة القضية الفلسطينية هي جزء من العمل من أجل وحدتنا الترابية، ولهذا قلنا منذ عقود إن القضيتين مترابطتان. وفي الوقت الذي يجب أن يكون الجدار العربي متماسكا من أجل هذه القضية المصيرية، نجد أن واقعنا سيء، وحالنا في المغرب الكبير أسوأ، وها هي الجارة الجزائر تدفعنا منذ عقود للجري في مضمار سباق كان بالإمكان أن نتجنبه. وبعد خمسين سنة، وصلنا إلى درجة أن تخطى الجار الغريب الخطوط الحمراء، وتم قصف مدينة المحبس بقذائف سقطت بجانب مدنيين، وقد تبنت العملية جبهة البوليساريو الانفصالية، ولكن عملها الإجرامي ينطلق من أراض جزائرية وهذا خطير على المنطقة في هذه الظرفية الدولية المشتعلة.
لقد حقق المغرب اختراقات مهمة باعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، وهو أكثر ارتياحا لعودة ترامب إلى البيت الأبيض، لأنه هو من كان وراء اعتراف الولايات المتحدةالأمريكية بالسيادة المغربية على الصحراء. وهذا يدفع الجزائر إلى نرفزة محفوفة بالمخاطر، مع أن إنهاء هذا الملف بيدها وهي الطرف الرئيسي في النزاع.
وعموما، كان الرد المغربي العسكري الفوري والمتناسب على اعتداءات المحبس رسالة إلى أن المملكة مستعدة لكل الاحتمالات، مع أن أي عاقل لا يتمنى أن يشتعل هذا الجزء من المغرب الكبير، فالعالم فيه تخمة من المجانين كما أسلفنا، واستفحال حالة مجنون آخر بجانبنا سيكون قاسيا، وسيجعلنا نسأل الله ألا يرد القدر ولكن أن يلطف فيه.