شرعت السلطات المحلية بمدينة الدارالبيضاء منذ أيام قليلة في إنهاء مسلسل التوسع العشوائي للمنازل غير المهيكلة من الناحية التقنية والقانونية بدوار ولاد ملوك بمنطقة الهراويين، حيث لازالت السلطات إلى حدود اللحظات رفقة القوات العمومية تواصل عملية إزالة التجمعات الصفيحية المنتشرة في المنطقة وإفراغ المنازل العشوائية من قاطنها.
ويتموقع دوار ولاد ملوك في مدخل العاصمة الاقتصادية من الجهة الغربية، حيث يعد من أهم المناطق التي تحتوي على أكبر تجمع صفيحي بالمنطقة، في الوقت الذي تحاول فيه الساكنة المعنية بالترحيل إيصال صوتها إلى الجهات المسؤولة من أجل الاستفادة من بيوت مهيكلة وشقق سكنية كباقي ساكنة المدينة.
وفي هذا الصدد، قال سعيد عاتيق، رئيس لجنة المرافق العمومية والخدمات بجماعات الهراويين، إن"المخطط الذي أعلنت عنه الدولة المغربية الرامي للقضاء على السكن غير اللائق ومعالجة ظاهرة السكن الصفيحي تحت عنوان "مدن بدون صفيح" سنة 2004، شكل منعرجا لافتا نحو القضاء على المنازل الصفيحية بالمدن المغربية وتوفير السكن اللائق للمواطنين".
وأضاف عاتيق، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "هذا البرنامج كان يهم زهاء 270.000 أسرة موزعة على 85 مجال جغرافي بالمغرب سنة 2004 لكن هذا الرقم سيعرف قفزة حسب تحيين معطيات 2023 وذلك راجع لعدة أسباب ولعل وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة فاطمة الزهراء المنصوري لخصت كل تلك الأسباب والمعيقات في جملة واحدة وهي ترد على أسئلة بعض نواب الأمة داخل قبة البرلمان وهي تقر وتؤكد أن غياب الحكامة في تدبير ملف إعادة الإيواء عصف بكل الجهود وغيبت كل الآمال المعقودة".
وتابع المتحدث عينه أن "البرامج طموحة والرؤية الملكية سديدة وهادفة لتخليص المغرب من ظاهرة السكن العشوائي، وتمكين المواطنين من سكن لائق يحفظ كرامتهم، ويفتح لهم بوابة الإنخراط في مسلسل التنمية الحقيقية في مدن متكاملة ومندمجة، لكن تماسيح العقار ولوبيات الفساد كان لهم رأي آخر ولعل الملفات التي تفجرت في وجه مسؤولين لاسيما على مستوى شركة العمران خير دليل وهذا الأمر كان في أكثر من مناسبة وأكثر من مدينة".
وأشار المستشار الجماعي إلى أنه "نسجل أن كل المحاولات التي تسعى إليها الجهات المسؤولة لكسب الرهان تبقى مجرد شعارات، إن لم تتم معالجة ملف السكن في إطار مقاربة اجتماعية وإنسانية، ولعل مظاهر الإفراغات التي دشنتها كثير من الجهات الوصية وعلى أوسع نطاق يترجم انعدام الرؤية السديدة، ولعل تراب جماعة الهراويين يعد أول ضحية لهذا الملف الشائك، أولا كان حريا بالمسؤولين المركزيين أن يعالجوا الظاهرة تزامنا مع ترحيل ساكنة كريان سنطرال الحي المحمدي نحو مجال الجماعة، فلا يعقل أن يتم استحداث مدينة جديدة وقطب حضري لافت بمئات الهكتارات وتظل ساكنة الجماعة ترزح تحت وطأة التهميش".
وزاد: "جماعة الهراويين وإقليم مديونة عموما كان ولازال قبلة لعدة تجمعات سكنية على مستوى الدارالبيضاء الكبرى، في حين أهل الدار ظلوا على حالهم البئيس والمحظوظون من تم شق الطرقات على مستوى أكواخهم ليتم الإعلان عن ترحيلهم في إطار نزع الملكية"، مشيرا إلى أن "إعادة الهيكلة التي تبنتها الجهات المسؤولة في الإقليم فقد طال أمدها وتمططت آجالها، ولم تؤتى نتائجها وأهدافها مادامت مظاهر الهشاشة لازالت تؤتث مجال الهراويبن، ولعل أفضل وصفة لإنهاء مظاهر التهميش والهشاشة هو كشط كل تلك التجمعات العشوائية وتمكين الساكنة من سكن لائق عوض طرح إعادة الهيكلة التي لم تنجح أصلا".
"أفضل سيناريو هو اجثتات كل دواوير المنطقة والإعلان على إنجاز قطب حضري جد متميز على أنقاض البراريك والأكواخ المهمشة، وأكيد أن هذا المقترح سيساهم في القطع مع كل أشكال البيع والشراء في البقع والأكواخ العشوائية، وإلا سنظل نراوح مربع الشعارات الفضفاضة في مجال القضاء على دور الصفيح"، يضيف المتحدث.
وأكد رئيس لجنة المرافق العمومية والخدمات بجماعات الهراويين أن "التجمعات الصناعية والمستودعات التي تؤثت كل تراب إقليم مديونة، هي نتيجة طبيعية لمجال هش وغير خاضع لا للهيكلة المتزنة ولا ينسجم مع استحداث القطب الحضري المتميز، والذي بدايته تراب جماعة الهراويين في اتجاه تراب سيدي حجاج وكل مناطق الإقليم".
وأوضح أيضا أن "مصالح وزارة الداخلية تتحوز على الخريطة الصحيحة والأرقام الرسمية والعناوين المؤكدة لهذه الظاهرة التي استفحلت كالفطر، حيث نسجل تدخلات السلطة في أكثر من مناسبة لوضع حد لبعض تمظهرات العشوائية لكنها تدخلات محتشمة، ولا ترقى إلى المستوى المنشود بهدف القطع النهائي مع الظاهرة".
وخلص عاتيق حديثه قائلا: "غياب استراتيجية مسؤولة وانعدام رؤية شمولية لكل تراب الإقليم سيترك التعاطي مع ملف العشوائي تجزيئيا"، مضيفا أنه "ننادي مرة أخرى بإعادة تأهيل كل تراب إقليم مديونة انسجاما مع الرؤية الملكية الهادفة إلى خلق تنمية حقيقية وحلحلة عجلاتها ليساهم الجميع في الحركية الإجتماعية والدينامية الإقتصادية التي ننشدها جميعا".