بهدف تعزيز الجاهزية الاستراتيجية وتحفيز مؤشر الاستثمارات الدفاعية الأجنبية بالمغرب، صادقت الحكومة، يوم الخميس الماضي، على مشروع مرسوم يهدف إلى تعديل المرسوم الصادر في يونيو 2018، الذي ينظم الأنشطة الصناعية المستفيدة من الإعفاء الضريبي المؤقت، وتوسيع المشروع الجديد القائم على الأنشطة الدفاعية ليشمل شركات تعمل في صناعة العتاد الدفاعي في مجال الأسلحة والذخيرة.
وتأتي خطوة الإعفاء الضريبي للصناعات الدفاعية، حسب هشام معتضد، مستشار في الشؤون السياسية والإستراتيجية، في حديث ل"الأيام 24″، "كجزء من رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز قاعدة الصناعات الدفاعية في المغرب وتوطينها".
واعتبر معتضد، أن هذا القرار يعكس، من الناحية السياسية، حرص المغرب على تحقيق استقلالية أكبر في قطاع حيوي يساهم في تعزيز سيادته الوطنية، مضيفا أن "الاستثمار في الصناعات الدفاعية يتجاوز كونه مجرد مسألة اقتصادية، ليصبح ركيزة أساسية لتحقيق الأمن القومي والجاهزية الإستراتيجية".
أما من الناحية الاقتصادية، فيُعد الإعفاء الضريبي، وفق المستشار في الشؤون السياسية والإستراتيجية، "حافزا لجذب الاستثمارات المحلية والدولية في هذا المجال، مما يسهم في خلق منظومة صناعية متكاملة توفر فرص عمل وتدعم الاقتصاد الوطني"، مبينا أن "تشجيع هذه الصناعات يقلل من الاعتماد على الواردات الدفاعية، مما يسهم في تقليل العجز التجاري ويوجه الموارد المالية نحو تطوير تقنيات دفاعية محلية متقدمة".
وتابع المتحدث عينه، أن هذا القرار يمثل خطوة محورية لتعزيز الابتكار ونقل المعرفة التكنولوجية إلى المغرب، مما يضعه في موقع تنافسي إقليمي ودولي، مسجلا أن "هذا التوجه ينسجم مع إستراتيجية المغرب لبناء صناعة دفاعية متكاملة قادرة على تلبية احتياجاته واحتياجات شركائه الإقليميين".
وأشار إلى أن "الإعفاء الضريبي للصناعات الدفاعية يمثل أرضية خصبة لتطوير شراكات إستراتيجية مع الدول الرائدة في هذا القطاع، إذ يعزز جاذبية المغرب كشريك موثوق به لاستضافة مشاريع مشتركة في التصنيع الدفاعي، مما يدعم مبادرات نقل التكنولوجيا والتدريب الفني"، ملفتا إلى أن "هذا الانفتاح الإستراتيجي يشجع الدول الرائدة مثل الولاياتالمتحدة وفرنسا وتركيا على إقامة مصانع ومراكز بحث وتطوير داخل المغرب".
وعلى المستوى العسكري، يدعم هذا التوجه، حسب معتضد، "بناء منظومة دفاعية متطورة قادرة على تلبية احتياجات القوات المسلحة الملكية وتعزيز قدراتها التكنولوجية"، مبرزا أنه "يوفر فرصة لتطوير أسلحة ومنظومات دفاعية متخصصة بالتعاون مع الدول الشريكة، مما يعزز القوة العسكرية للمغرب ويعزز مكانته الجيوسياسية".
ويرى المستشار الأمني أن "هذه الشراكات أيضا وسيلة فعالة لتوسيع شبكة العلاقات الدولية للمغرب، خاصة في مجالات التعاون الأمني والتكنولوجي"، مضيفا أن "هذا التكامل يعزز الاستفادة من الخبرات العالمية ويضع المغرب على خارطة الدول المؤثرة في مجال الصناعات الدفاعية، مما يدعم استقراره الإقليمي والدولي".
وأكد أن "هذا الإعفاء الضريبي يمثل محفزا رئيسيا لتسريع توطين الصناعات الدفاعية في المغرب، حيث يشجع الشركات المحلية والدولية على الاستثمار في تطوير مصانع ومنشآت متخصصة داخل المملكة"، لافتا إلى أن "هذا التوجه يخلق بيئة صناعية ديناميكية تعتمد على الإنتاج المحلي بدلا من الاستيراد، مما يدعم رؤية المغرب في تحقيق اكتفاء ذاتي في المجال الدفاعي".
وأشار المتحدث عينه إلى أنه "من الناحية الإستراتيجية، يوفر الإعفاء الضريبي مرونة مالية للشركات، مما يسمح لها بتركيز استثماراتها على الابتكار ونقل التكنولوجيا، وهو أمر أساسي لبناء منظومة دفاعية مستقلة ومتطورة، كما يعزز هذا القرار البنية التحتية المحلية، ويشجع على إنشاء مراكز تدريب وبحث تعزيز الكفاءات الوطنية".
وخلص معتضد، إلى أن هذا القرار سيسهم، على المدى الطويل، في خلق سلسلة توريد متكاملة تشمل الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تزود الصناعات الدفاعية بالمكونات والمواد، مبينا أن "هذا التكامل الصناعي يعزز من تنافسية المغرب ويجعله مركزاً إقليمياً لتصنيع المعدات الدفاعية، مما يدعم تطلعاته ليصبح لاعباً محورياً في الأمن الإقليمي والدولي".