أعلن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أمس الاثنين، خلال جلسة المساءلة الشهرية حول السياسة العامة، عن تمكن المغرب من تعزيز مكانته في القطاعات الاستراتيجية، ما جعل الاقتصاد الوطني يحقق الريادة القارية والدولية، في عدد من الصناعات الحديثة، مضيفا أن المملكة تتوفر على أرضية اقتصادية ملائمة لمختلف الاستثمارات التي خصصت لها الحكومة 12 مليار درهم، إضافة إلى ما يزيد على 14 مليار درهم لتحفيز التشغيل.
وفي المقابل، وفي اليوم نفسه، كشفت المندوبية السامية للتخطيط أن معدل البطالة ارتفع إلى 13.6 في المائة، ما بين الفصل الثالث من سنة 2023، ونفس الفصل من سنة 2024، منتقلا بذلك من 13,5 بالمائة إلى 13,6 بالمائة، ليشكل هذا التباين مفارقة عجيبة تستدعي طرح سؤال: لماذا لا تنعكس الاستثمارات الضخمة التي أشار إليها رئيس الحكومة على سوق الشغل، وهل يطلع أخنوش على تقارير المؤسسات الوطنية قبل تحضير أجوبته في جلسات المساءلة؟
وفي هذا السياق، يجد بعض مراقبي الشأن السياسي أن ملف البطالة لا يزال يشغل حيزا واسعا ضمن الملفات غير المستحبة من طرف الحكومة، ولعله خارج أولوياتها أيضا، في وقت كان الأجدر أن تشرع في تكثيف كل الجهود الممكنة لتسطير برنامج متكامل، للإحاطة بهذه الاحصائيات التي تضعها كل مرة في موقف المساءلة، ولعل ذلك يسهم في استعادة بعض من الثقة المتآكلة في برنامجها الحكومي، الذي ساهم بنحو غير مسبوق في تسجيل حركات احتجاجية متعاقبة، يبدو أنها ستتخذ مسارا آخر مستقبلا خاصة في ظل الأرقام المرتقعة لمعدل البطالة بالمغرب.
وارتباطا بما سبق، وأمام حجم الانتصارات التي حققها المغرب في قضيته الوطنية أمام المنتظم الدولي، والتي مكنته من نيل إعجاب وانتباه قوى عظمى، بفضل السياسة الرشيدة للملك محمد السادس من جهة، والأداء الدبلوماسي من جهة أخرى، يُلح الوضع الحالي بضرورة رفع إيقاع العمل الحكومي، بنحو مواز، بدلا من اعتماد مقاربة "الهروب إلى الأمام" والاختباء وراء معطيات غير واقعية لا تجد لها أثرا في سوق الشغل الوطنية.
وأمام الفرص الضائعة في السنوات الثلاث الماضية، تعهدت الحكومة في مشروع قانون مالية 2025، إلى جانب الميزانية التي وضعتها لدعم التشغيل وتحفيز الاسثمارات، خصصت ميزانية مليار درهم للحفاظ على فرص الشغل في العالم القروي، ومليار درهم لتحسين فعالية برامج النهوض بالتشغيل، فإن السؤال الذي يطرح هو: هل تستطيع حكومة أخنوش تدبير أزمة التشغيل فيما تبقى من عمر ولايتها؟