وجهت أحزاب المعارضة بمجلس النواب انتقادات لاذعة لحكومة عزيز أخنوش، في جلسة المساءلة لرئيس الحكومة اليوم الاثنين، حول ملفي الاستثمار والتشغيل، معتبرة أن الحكومة لم تحقق الأهداف التي سطرتها في هذين المجال، بل زادت من تعميق أزمة التشغيل. وفي هذا السياق، قال عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي–المعارضة الاتحادية، إن تدفقات الاستثمارات الخارجية المباشرة نحو المغرب "تراجعت بشكل حاد في 2023، بناقص 53,3% مقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق 2022". وأضاف شهيد أن التدفقات الصافية للاستثمارات الأجنبية تقلصت ب"11 مليار درهم، لتستقر في حدود 10,1 مليار درهم عوض 21 مليار درهم المسجلة خلال 2022 كما أشار التقرير الشهري الأخير لمكتب الصرف حول المبادلات الخارجية"، مذكرا بأن تدفقات الاستثمارات الخارجية عند مجيء حكومة أخنوش في 2021، كانت "تتخطى حاجز 20,2 مليار درهم، علما أنها كانت في 2018 تتخطى حاجز 33,5 مليار درهم". وزاد شهيد منتقدا الحكومة: "في سنة 2023، جذبت مصر أزيد من 11 مليار دولار، وجنوب إفريقيا 9 مليارات دولار، وإثيوبيا 3.7 مليارات دولار، والسنغال 2.6 مليار دولار، بينما اكتفى المغرب بجذب 1.1 مليار دولار"، مردفا: "إنها الأرقام الناطقة التي لا تحتاج إلى تعليق". واعتبر رئيس الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية أنه من "غير المفهوم أن يكون المنحى التصاعدي للاستثمار يوازيه في عهد الحكومة منحى تصاعدي للبطالة، وآخر مماثل لفقدان الاقتصاد الوطني لمناصب الشغل"؛ إذ انتقلت البطالة من 11,8 بالمائة سنة 2022 إلى 13 بالمائة سنة 2023، فيما وصلت نسبة البطالة إلى 13,7 بالمائة على المستوى الوطني في الربع الأول من سنة 2024′′. وسجل شهيد أن معدل البطالة بلغ ارتفاعا وصل إلى 35,9 بالمائة لدى الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، كما عرف معدل البطالة لدى الأشخاص الحاصلين على شهادة ارتفاعا ملموسا وصل إلى 20,3 بالمائة، فيما انتقل حجم الناشطين المشتغلين في حالة شغل ناقص إلى 1.069.000 شخص على المستوى الوطني، حسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط". من جهته، قال إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إن الأمن الاجتماعي والمجتمعي له صلة وثيقة بالتشغيل، مؤكدا أهمية التعامل مع التشغيل ب"المنطق الذي تعاملنا به مع مدونة الأسرة". وذكر السنتيسي أن المشكل في الاستثمار هو أن "ثلاث جهات فقط تستحوذ على 80 بالمائة من الاستثمارات"، مشددا على أن هذا الأمر يكرس غياب العدالة المجالية في توزيع هذه الاستثمارات. وسجل السنتيسي أن هذا التوزيع يفسر "ركود الجهوية وغياب الإرادة السياسية في تنزيل الجيل الثاني من الجهوية المتقدمة"، متسائلا عن استمرار التلكؤ في حسم موضوع الإضراب. وقال مخاطبا رئيس الحكومة: "لديكم علاقات جيدة مع اتحاد المقاولات، لماذا لا نحل مشكل موضوع الإضراب؟ قانون الإضراب أساسي وهيكلي ويشكل عائقا في جلب الاستثمار". أما عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، فوجه بدوره انتقادات حادة إلى رئيس الحكومة، معتبرا أن مشكل الاستثمار في المغرب يتمثل أساسا في "الجمع بين المال والسلطة والريع والاستثمار". وأشار بووانو إلى أن "البعض يقول إن السيد أخنوش لم يخلق فرص الشغل"، مضيفا أن "المؤشر السلبي منذ ألفين سُجِّل معكم السيد رئيس الحكومة"، مؤكدا أن الأمر "لا يحتاج إلى المزايدة". وشدد رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية على أن التشغيل "مسألة وطنية معقدة"، ودعا إلى مناظرة وطنية حول الاستثمار برعاية الملك، "تحضر فيها كل الأطراف لكي تساهم في حل هذه الإشكالية، سواء في السنتين ونصف السنة المتبقية (من الولاية الحكومية الحالية)، أو في ما تبقى من عمر دولتنا الكبيرة"، وفق تعبيره.