فازت منظمة "نيهون هيدانكيو" اليابانية المناهضة للأسلحة الذرية، بجائزة نوبل للسلام لعام 2024، حسبما أعلنت الأكاديمية السويدية المانحة للجائزة اليوم الجمعة. المنظمة، التي تضم ناجين من القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناغازاكي وتُعرف أيضاً باسم "هيباكوشا"، وستحصل على ميدالية، شهادة، وجائزة مالية قدرها 11 مليون كرونة سويدية (1.1 مليون دولار).هيروشيما وناغازاكي: كيف نجت "كوكورا المحظوظة" من القنبلة النووية؟هيروشيما وناغازاكي: شهادات لناجيات من القنبلة الذريةالناجون من الهجوم النووي الأمريكي على اليابان: "جحيم القنبلة يجب ألا يتكرر" وقال رئيس لجنة نوبل يورغن واتني فريدنيس لدى إعلانه الفائز، إن اللجنة اختارت تكريم المنظمة "لجهودها المبذولة من أجل عالم خالٍ من الأسلحة النووية ولإثباتها، عبر شهادات، أن الأسلحة النووية يجب ألا تستخدم مجدداً بتاتاً". وأشار إلى أن "جائزة هذا العام تركز على ضرورة الحفاظ على هذه المحظورات النووية. علينا جميعنا مسؤولية، خصوصاً الدول المسلّحة نووياً". وبكى توشيوكي ميماكي، الرئيس المشارك للمنظمة، خلال مؤتمر صحافي بعد إعلان الجائزة وقال "لم أحلم أبداً بأن هذا يمكن أن يحدث". وشبّهت المنظمة الوضع في قطاع غزة بالوضع في اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية. وقال ميماكي "في غزة أهل يحملون أطفالهم المضرجين بالدماء. الأمر يشبه اليابان قبل 80 عاما". وأضاف "الأطفال في اليابان (هيروشيما وناغازاكي) فقدوا آباءهم في الحرب وأمهاتهم في القنبلة الذرية. أصبحوا أيتاماً".
بدوره، وصف رئيس بلدية هيروشيما كازومي ماتسوي الأسلحة النووية بأنها "شر مطلق". وأضاف "يجب على الأجيال القادمة أن تعلم أن ما حدث ليس مجرد مأساة لهيروشيما وناغازاكي، بل هي مأساة تهم البشرية جمعاء ولا ينبغي أن تتكرر". ويؤشر منح نوبل السلام لنيهون هيدانكيو إلى الاهتمام العالمي بتهديد الصراع النووي الذي يطغى على القتال في كل من أوكرانيا والشرق الأوسط. فخلال غزو روسيالأوكرانيا، ألمح قادتها مراراً وتكراراً إلى أنهم قد يكونون مستعدين لاستخدام الأسلحة النووية التكتيكية إذا زاد الغرب من دعمه لأوكرانيا بطريقة تعتبرها روسيا غير مقبولة. ولقد نجحت هذه التهديدات في كبح الدعم الغربي خوفاً من التصعيد. وفي الشرق الأوسط، فإن معظم استراتيجية إسرائيل تقوم على الخوف من أن إيران تسعى إلى امتلاك القدرة النووية، وهو ما تنفيه طهران. وتملك حالياً تسع دول السلاح النووي، هي الولاياتالمتحدةوروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية وعلى الأرجح إسرائيل، بحسب فرانس برس. ومع تزايد التوترات الجيوسياسية في العالم، تعمل الدول المسلّحة نووياً على تحديث ترساناتها، وفق ما قال باحثون من معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) في يونيو.
في فبراير 2023، أعلنت روسيا تعليق مشاركتها في معاهدة "نيو ستارت"، وهي أحدث معاهدة للحد من القدرات النووية الاستراتيجية لروسياوالولاياتالمتحدة. وفي يناير، كان هناك حوالى 9585 رأساً نووياً متاحاً للاستخدام المحتمل، من بين 12121 رأساً نووياً في كل أنحاء العالم، وفق الباحثين.BBCأحد مؤسسي المنظمة، توشيوكي ميماكي، الذي نجا من القصف الذري لهيروشيما عام 1945 هيروشيما ونغازاكي Getty Imagesمبنى النصب التذكاري للسلام في هيروشيما هو المبنى الوحيد الذي بقي قائماً في المنطقة بعد إسقاط القنبلة الذرية الأولى في عام 1945 يحيي العالم العام المقبل الذكرى السنوية الثمانين لأول هجومين نوويين في التاريخ، أسفرا عن مقتل حوالى 214 ألف قتيل وأديا إلى استسلام اليابان وانتهاء الحرب العالمية الثانية.
ففي 6 غشت من عام 1945، ألقت قاذفة أمريكية قنبلة اليورانيوم فوق مدينة هيروشيما، مما أسفر عن مقتل حوالي 140 ألف شخص.
وتجمع منظمة "نيهون هيدانكيو" التي أسِّست عام 1956، الناجين من القنبلتين الذين تعرضوا للإشعاع ويتضاءل عددهم مع مرور الوقت. وقد بدأ عملهم بعد نحو عقد على دمار هيروشيما وناغازاكي. ويقول موقع المنظمة إن العدد الإجمالي للهيباكوشا الذين ما زالوا على قيد الحياة والذين يعيشون في اليابان يبلغ 174080 شخصاً. وهناك عدة آلاف من الهيباكوشا الذين يعيشون في كوريا وأجزاء أخرى من العالم. ويتزامن تقدم الناجين من القنبلة النووية في السن مع اشتداد الصراعات العالمية. وبالنسبة لهم، يبدو خطر التصعيد النووي أكثر واقعية من أي وقت مضى. وتقول ميتشيكو كوداما، البالغة من العمر 86 عاماً: "جسدي يرتعش وتفيض الدموع من عيني"، عندما تفكر في الصراعات التي تدور حول العالم اليوم خاصة في أوروبا والشرق الأوسط. وأضافت: "يجب ألا نسمح بإعادة خلق جحيم القصف النووي، أشعر بالقلق والخوف".
وميتشيكو ناشطة قوية في مجال نزع السلاح النووي، وتقول إنها ترفع صوتها حتى يمكن سماع أصوات الذين ماتوا، وإدراك الخطر من خلال توثيق أقوال الشهود لتعتبر به الأجيال القادمة. وتقول: "أعتقد أنه من المهم الاستماع إلى روايات مباشرة عن الهيباكوشا الذين تعرضوا للقصف المباشر".BBC/MINNOW FILMSتقول ميتشيكو إن المطر الأسود "مثل الطين" سقط من السماء كانت ميتشيكو في المدرسة - في السابعة من عمرها - عندما أسقطت القنبلة على هيروشيما. وقالت: "من خلال نوافذ الفصل الدراسي، كان هناك ضوء كثيف يتجه نحونا، كان مزيج من الأصفر والبرتقالي والفضي". وتصف كيف تحطمت النوافذ وتشققت في جميع أنحاء الفصل الدراسي - وتناثر الحطام في كل مكان "وضرب الجدران والمكاتب والكراسي". وتابعت قائلة: "لقد انهار السقف، لذلك أخفيت جسدي تحت المكتب". بعد الانفجار، نظرت ميتشيكو حول الغرفة المدمرة. في كل اتجاه كانت تستطيع رؤية الأيدي والأرجل محاصرة.ومضت قائلة: "زحفت من الفصل الدراسي إلى الممر وكان أصدقائي يطلبون المساعدة". وعندما جاء والدها ليأخذها، حملها إلى المنزل على ظهره. وتقول ميتشيكو إن المطر الأسود "مثل الطين" سقط من السماء، لقد كان خليطًا من المواد المشعة وبقايا الانفجار، ولم تتمكن أبدًا من نسيان رحلة العودة إلى المنزل. وتقول ميتشيكو: "لقد كان مشهداً من الجحيم، الأشخاص الذين كانوا يهربون نحونا، احترقت معظم ملابسهم بالكامل وذابت لحومهم". وتتذكر رؤية طفلة بمفردها في نفس عمرها تقريباً، وكانت قد أصيبت بحروق بالغة. وتقول ميتشيكو: "لكن عينيها كانتا مفتوحتين تحملقان في المجهول، إن عيون تلك الطفلة ما زالت محفورة في ذاكرتي لا تغادرني، لا أستطيع أن أنساها، وعلى الرغم من مرور 78 عامًا، فهي في ذهني وروحي".لم تكن ميتشيكو لتعيش اليوم لو بقيت عائلتها في منزلهم القديم، وكان على بعد 350 متراً فقط من مكان انفجار القنبلة، فقبل حوالي 20 يوما، انتقلت عائلتها إلى منزل آخر، على بعد بضعة كيلومترات فقط، وهذا ما أنقذ حياتها.Getty Imagesسوناو تسوبوي الناجي من القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما، وأحد مؤسسي منظمة نيهون هيدانكيو مرشحون مثيرون للجدل ويعني قرار منح الجائزة لنيهون هيدانكيو أن لجنة نوبل ابتعدت عن المرشحين الأكثر إثارة للجدل لجائزة السلام. فقد كانت هناك تكهنات واسعة النطاق بأن وكالة الأممالمتحدة لدعم الفلسطينيين - الأونروا - كانت قيد النظر للحصول على الجائزة. المنظمة هي المزود الرئيسي للمساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة، وأثير الجدل العام الماضي حولها، بعد فصل تسعة من أعضائها، بعد اتهامات إسرائيلية بمشاركتهم في هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر من العام الماضي.
وقد وقع أكثر من 12 ألف شخص على عريضة تحث اللجنة على عدم منح الأونروا الجائزة. وكانت هناك مخاوف مماثلة بشأن ترشيح محكمة العدل الدولية. وتنظر الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة حالياً في دعوى رفعتها جنوب أفريقيا ضد اسرائيل، تحت عنوان "تطبيق اتفاقيّة منع جريمة الإبادة الجماعيّة والمعاقبة عليها في قطاع غزة"، وتتهم إسرائيل بانتهاك الاتفاقية المذكورة. وتنافس على جائزة نوبل للسلام هذا العام 286 مرشحاً ، منهم 197 فرداً و89 منظمة، وهي ترشيحات تُقدّم من شخصيات بارزة تشمل أعضاء البرلمانات الوطنية والحكومات والمحاكم الدولية.
ويمكن تقديم الترشيحات من قبل أشخاص في مناصب ذات سلطة كبيرة، بما في ذلك أعضاء الجمعيات الوطنية والحكومات والمحاكم الدولية. وكانت جائزة نوبل للسلام لعام 2023 قد مُنحت للناشطة الإيرانية في مجال حقوق الإنسان المحتجزة في إيران نرجس محمدي، تكريماً لعملها في الدفاع عن حقوق النساء. من بين الفائزين السابقين بالجائزة، أسماء بارزة مثل مارتن لوثر كينغ جونيور ونيلسون مانديلا. وضمت قائمة مجلة "تايم" للمرشحين لهذا العام مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ومحكمة العدل الدولية، واليونسكو، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والناشطة البيئية غريتا ثونبرغ. وأمس، منحت الأكاديمية السويدية جائزة نوبل للأدب لعام 2024 للكاتبة الكورية الجنوبية هان كانغ، تقديراً لنثرها الشعري المكثف الذي يواجه الصدمات التاريخية ويعبر عن هشاشة الحياة البشرية. كما فاز بجائزة نوبل للكيمياء لعام 2024 العلماء ديفيد بيكر، وجون غامبر، وديميس هاسابيس عن أبحاثهم في "التصميم الحاسوبي للبروتين" و"توقع بنية البروتين". وفي الفيزياء، منحت الجائزة للعالمين جون هوبفيلد وجيفري هينتون عن أبحاثهما في مجال تعلم الآلة باستخدام الشبكات العصبية الاصطناعية. * نوبل الآداب للكورية هان كانغ لكشفها "هشاشة الحياة البشرية" * من هو "عراب الذكاء الاصطناعي" الذي فاز بجائزة نوبل للفيزياء؟