فيديو عن وصول الملك محمد السادس إلى مدينة المضيق    الصحراء المغربية.. منتدى "الفوبريل" بالهندوراس يؤكد دعمه لحل سلمي ونهائي يحترم سيادة المغرب ووحدته الترابية    المداخيل الضريبية ترتفع بنسبة 24,6 % عند متم يناير 2025    تحقيق في رومانيا بعد اعتداء عنيف على طالب مغربي وصديقته    الرشوة توقف عميد شرطة بمراكش    توقعات أحوال الطقس لليوم السبت    إحباط محاولة تهريب 1852 وحدة من المفرقعات بميناء طنجة المتوسط    إطلاق "كازا تراث"… منصة مخصصة لاكتشاف تراث المدينة    مشروع قرار أمريكي بشأن أوكرانيا يثير الجدل في الأمم المتحدة    حماس تسلم محتجزين إسرائيليين ضمن اتفاق التبادل السابع    كيوسك السبت | المغرب الأول إفريقيا وال 16 عالميا في أساسيات مزاولة الأعمال    الصين تطلق أول نموذج كبير للذكاء الاصطناعي مخصص للأمراض النادرة    عجز الميزانية يتفاقم منتقلا من 1.7 إلى 6.9 مليارات درهم بين يناير 2024 ويناير 2025    ما أبرز ردود الفعل على الجدال بين إسرائيل وحماس بشأن جثة الرهينة بيباس؟ وكيف ردّت الحركة؟    ستقلب المعادلات..عين المغرب على المقاتلات الشبح    انفجار ثلاث حافلات في تل أبيب، ويعتقد أنه "هجوم على خلفية قومية"    قرعة دوري أبطال أوروبا.. ديربي مدريدي وقمتان ناريتان    النصيري يدخل التاريخ مع فنربخشة التركي    إدارة الرجاء توجه رسالة إلى جمهورها قبل مباراة الكلاسيكو    المغرب يطلق أول رحلة جوية خالية من الكربون نحو أوروبا بوقود طيران مستدام    خلال رمضان.. 272 واعظا لمواكبة مغاربة العالم في 13 دولة    "تصريحات تهكمية" تضع وهبي في مرمى نيران نادي قضاة المغرب    بلاغ هام من الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء    القوة الناعمة.. المغرب يحافظ على مكانته العالمية ويكرس تفوقه على الدول المغاربية    أربعيني في قبضة أمن الحسيمة    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    دراسة: هذه أفضل 4 أطعمة لأمعائك ودماغك    هل نبدأ في فقدان شبابنا بعد الخامسة والثلاثين؟    رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    تقدم في التحقيقات: اكتشاف المخرج الرئيسي لنفق التهريب بين المغرب وسبتة    لجنة تتفقد المناخ المدرسي ببني ملال    المنتخب النسوي يفوز وديا على غانا    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    "الفوبريل" يدعم حل نزاع الصحراء    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    فوز صعب ل"الماص" على المحمدية    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    المدير السابق للاستخبارات الفرنسية للأمن الخارج: المغرب كان دائما في طليعة مكافحة الإرهاب    اختتام القمة العربية المصغرة في الرياض بشأن غزة من دون إصدار بيان رسمي    أزولاي: البصمة المغربية مرجع دولي لشرعية التنوع واحترام الآخر    ارتفاع المداخيل الضريبية بنسبة 24,6 في المائة عند متم يناير 2025    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    الملتقى الوطني الاتحادي للمثقفات والمثقفين تحت شعار: «الثقافة دعامة أساسية للارتقاء بالمشروع الديمقراطي التنموي»    محكمة بالدار البيضاء تتابع الرابور "حليوة" في حالة سراح    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تكريم استثنائي لرائد إقليمي في الفلاحة الذكية والمستدامة    روايات نجيب محفوظ.. تشريح شرائح اجتماعيّة من قاع المدينة    إطلاق تقرير"الرقمنة 2025″ في المنتدى السعودي للإعلام    حوار مع "شات جيبيتي" .. هل تكون قرطبة الأرجنتينية هي الأصل؟    أوشلا: الزعيم مطالب بالمكر الكروي لعبور عقبة بيراميدز -فيديو-    سفيان بوفال وقع على لقاء رائع ضد اياكس امستردام    طه المنصوري رئيس العصبة الوطنية للكرة المتنوعة والإسباني غوميز يطلقان من مالقا أول نسخة لكأس أبطال المغرب وإسبانيا في الكرة الشاطئية    6 وفيات وأكثر من 3000 إصابة بسبب بوحمرون خلال أسبوع بالمغرب    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هو حسن نصر الله أمين عام حزب الله؟
نشر في الأيام 24 يوم 28 - 09 - 2024

Reuters أصدر حزب الله اللبناني بيانا يوم السبت ينعى فيه الأمين العام حسن نصر الله. بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي صباح السبت نجاح عملية اغتيال نصر الله مساء الجمعة.

في هذا التقرير نتعرف أكثر على أمين عام الحزب منذ 32 عاماً، فمن هو حسن نصر الله؟

حسن نصرالله هو رجل دين شيعي يتولى قيادة جماعة حزب الله في لبنان منذ فبراير 1992. تُعتبر هذه الجماعة حاليا واحدة من أهم الأحزاب السياسية في لبنان، ولديها قوات مسلحة خاصة بها إلى جانب الجيش الوطني اللبناني.

ويُعتبر نصرالله الذي يحظى بشعبية واسعة في لبنان ودول عربية أخرى، الوجه الرئيسي لحزب الله وقد لعب دوراً درئيسياً في تحوّل الجماعة تاريخياً لدخول الساحة السياسية واكتساب نفوذ في هيكل الحكومة اللبنانية.
* نتنياهو يقول إن الجيش يعمل على "تغيير ميزان القوى في الشمال"
* "لم يكن أمامنا سوى الهرب": الخوف والتوتر في لبنان تحت القصف الإسرائيلي
لدى نصرالله علاقة خاصة مع كل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية وزعيمها، آية الله علي خامنئي. ورغم أن حزب الله أُدرِج ضمن قائمة المنظمات الإرهابية من قبل الولايات المتحدة، إلا أن قادة إيران ونصرالله لم يُخفوا يوماً علاقاتهم الوثيقة. لدى نصرالله معجبون متحمسون بقدر ما لديه أعداء شرسون. ولهذا السبب، لم يظهر علناً لسنوات خوفاً من أن يتم اغتياله من قبل إسرائيل. لكن اختفاءه لم يمنع جمهوره من الاستماع إلى خطبه بشكل شبه أسبوعي.
الطفولة والمراهقة
وُلد حسن نصرالله في غشت 1960 في أحد الأحياء الفقيرة شرق بيروت. كان والده يملك محل بقالة صغيراً، وكان نصرالله هو الابن الأكبر بين تسعة أبناء.

كان عمره 15 عاماً عندما بدأت الحرب الأهلية في لبنان، وهي عبارة عن معارك مدمرة استمرت لمدة 15 عاماً في هذا البلد الصغير الواقع على البحر الأبيض المتوسط، والتي رسّم خلالها المواطنون اللبنانيون حدوداً وحاربوا بعضهم البعض بناءً على انتمائهم الطائفي.

في بداية الحرب، قرر والد حسن نصرالله مغادرة بيروت والعودة إلى قريته الأصلية في جنوب لبنان: البازورية التي ينتمي سكانها إلى الطائفة الشيعية مثل العديد من القرى في مدينة صور في محافظة الجنوب، وهناك تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي. يؤمن الكثير من أبناء الطائفة الشيعية بأنهم تعرضوا للتمييز وعدم المساواة خلال الحقبة الاستعمارية للقوى الكبرى مثل الإمبراطورية العثمانية وفرنسا، واستمرت هذه المشاعر خلال فترة الاستقلال عندما استولى النخب المسيحية والسنية على السلطة. في تلك الفترة، اتُهمت الميليشيات المسيحية والسنّية بتلقي الدعم من دول أجنبية لتحقيق نجاح عسكري. في الوقت نفسه، اعتُبرت الطائفة الشيعية التي تشكل الأغلبية في جنوب لبنان إضافةً إلى وادي البقاع في شرق لبنان، مع مجموعة صغيرة من المسيحيين الموارنة والأرثوذكس، في الخطوط الأمامية لمحاربة إسرائيل. في مثل هذا المناخ، لم يتوجه حسن نصرالله فقط إلى هويته الشيعية، بل في سن الخامسة عشرة انضم إلى أهم مجموعة سياسية-عسكرية شيعية لبنانية في ذلك الوقت: حركة أمل، وهي جماعة مؤثرة وناشطة أسسها الإمام موسى الصدر.
العودة إلى لبنان والنضال المسلح
Getty Imagesرغم أن نصرالله درس في النجف لمدة عامين فقط ثم اضطر لمغادرة العراق، إلا أن وجوده في النجف كان له تأثير عميق على حياته هاجر حسن نصرالله إلى النجف في سن 16 عاماً. وكان العراق في ذلك الوقت بلداً غير مستقر، عانى من عقدين متتاليين من الثورات والانقلابات الدموية والاغتيالات السياسية. خلال هذه الفترة، ورغم أن حسن البكر كان لا يزال رسمياً في السلطة، فإن صدام حسين، الذي كان نائب رئيس العراق آنذاك، قد اكتسب نفوذاً كبيراً. بعد مرور عامين فقط على وجود حسن نصرالله في النجف، توصّل قادة حزب البعث، وبخاصة صدام، إلى استنتاج مفاده أنه يجب اتخاذ المزيد من الخطوات لإضعاف الشيعة. وكان أحد قراراتهم طرد جميع الطلاب الشيعة اللبنانيين من الحوزات العلمية في العراق. ورغم أن نصرالله درس في النجف لمدة عامين فقط ثم اضطر لمغادرة العراق، إلا أن وجوده في النجف كان له تأثير عميق على حياة هذا الشاب اللبناني: فقد التقى في النجف برجل دين آخر يُدعى عباس الموسوي. وكان الموسوي يُعتبر أحد طلاب موسى الصدر في لبنان، وخلال إقامته في النجف تأثر بقوة بالأفكار السياسية لروح الله الخميني. كان الموسوي أكبر من نصرالله بثماني سنوات، وسرعان ما أصبح مدرساً صارماً ومرشداً مؤثراً في حياة حسن نصرالله. وبعد عودتهما إلى لبنان، انضم الإثنان إلى القتال في الحرب الأهلية. لكن هذه المرة، توجه نصرالله إلى مسقط رأس عباس الموسوي في بلدة النبي شيت في البقاع.
الثورة الإيرانية وتأسيس "حزب الله"
Getty Imagesفي عام 1985، أعلن حزب الله رسمياً عن تأسيسه. بعد عام من عودة حسن نصرالله إلى لبنان، وقعت ثورة في إيران. استولى روح الله الخميني الذي كان يحظى بإعجاب رجال الدين مثل عباس الموسوي وحسن نصرالله، على السلطة. وقد غيّر هذا الحدث بشكل عميق العلاقة بين شيعة لبنان وإيران. بالإضافة إلى ذلك، تأثرت الحياة السياسية والكفاح المسلح للشيعة اللبنانيين بشكل كبير بالأحداث في إيران وبأيديولوجيا الإسلام السياسي الشيعي. بالنسبة لحسن نصرالله، كان هذا التحول العميق ناتجاً إلى حد كبير عن حكم أصدره روح الله الخميني. ففي عام 1981، التقى نصرالله بقائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في طهران. وقد عيّنه الخميني ممثلاً له في لبنان "لرعاية شؤون الحسبة وجمع الأموال الإسلامية". بعد ذلك، بدأ نصرالله في القيام برحلات متقطعة إلى إيران، حيث أقام علاقات مع أعلى مستويات صنع القرار والسلطة داخل الحكومة الإيرانية. وأولى الإسلاميون الشيعة في إيران اهتماماً كبيراً بالسجل التاريخي والروابط الدينية مع الشيعة اللبنانيين. وكان الشعور المعادي للغرب ركيزة أساسية في النسخة الإيرانية من الإسلام السياسي الشيعي التي روّج لها روح الله الخميني. وأصبحت معاداة إسرائيل "القضية الفلسطينية" واحدة من أهم الأولويات في السياسة الخارجية لإيران بعد الثورة. خلال هذه الفترة، كان لبنان الذي كان بالفعل محاصراً بالحرب الأهلية والاضطرابات، قد أصبح قاعدة رئيسية للمقاتلين الفلسطينيين. وكان لهم وجود قوي في جنوب لبنان، بالإضافة إلى بيروت. ومع تصاعد عدم الاستقرار في لبنان، هاجمت إسرائيل البلاد في يونيو 1982، واحتلت بسرعة أجزاء كبيرة منها. وزعمت إسرائيل أن الهجوم كان رداً على العدوان الفلسطيني.

بعد وقت قصير من الغزو الإسرائيلي، قرر قادة الحرس الثوري الإسلامي في إيران الذين كانوا يمتلكون خبرة في الحروب التقليدية بسبب هجوم العراق على إيران، إنشاء مجموعة ميليشيا في لبنان تتبع بالكامل لإيران. واختاروا الاسم الذي كانوا معروفين به في إيران ليكون اسم هذه المجموعة: "حزب الله". في عام 1985، أعلن حزب الله رسمياً عن تأسيسه. انضم حسن نصرالله وعباس الموسوي، مع بعض الأعضاء الآخرين في حركة أمل، إلى هذه المجموعة التي تم إنشاؤها حديثاً. وكان يقودها شخصية أخرى تُدعى صبحي الطفيلي. وسرعان ما تركت هذه المجموعة بصمتها في السياسة الإقليمية من خلال تنفيذ أعمال مسلحة ضد القوات الأمريكية في لبنان.
في طريقه إلى القيادة
Getty Imagesبعد عزل الطفيلي، عاد حسن نصرالله إلى بلاده، بعدما بدت مواقفه حول دور سوريا في لبنان قد تعدلت، وأصبح فعلياً الرجل الثاني في جماعة حزب الله. عندما انضم نصرالله إلى جماعة حزب الله، كان عمره 22 عاماً فقط وبمعايير رجال الدين الشيعة، كان يُعتبر مبتدئاً. في منتصف الثمانينيات، ومع تعمق علاقة نصرالله مع إيران، قرر الانتقال إلى مدينة قم لمواصلة دراسته الدينية. وخلال فترة وجوده في الحوزة العلمية في قم، أصبح نصرالله متمكناً من اللغة الفارسية وأقام علاقات صداقة وثيقة مع العديد من النخب السياسية والعسكرية في إيران. عندما عاد إلى لبنان، نشأ خلاف كبير بينه وبين عباس الموسوي. في ذلك الوقت، كان الموسوي يدعم زيادة النشاط السوري والنفوذ في لبنان تحت قيادة حافظ الأسد، في حين أصر نصرالله على أن تركز الجماعة على الهجمات ضد الجنود الأمريكيين والإسرائيليين. وجد نصرالله نفسه في الأقلية داخل حزب الله، وبعد ذلك بوقت قصير، تم تعيينه "ممثلاً لحزب الله في إيران". أعادته هذه الوظيفة إلى إيران وأبعدته في الوقت نفسه عن الساحة اللبنانية. ظاهرياً، بدا أن نفوذ إيران على حزب الله يتضاءل، ورغم الدعم الشامل من طهران، ثبت أن التأثير على قرارات حزب الله كان صعباً. تصاعد التوتر إلى درجة أنه في عام 1991 تم عزل صبحي الطفيلي من منصب الأمين العام لحزب الله بسبب معارضته لارتباط الجماعة بإيران، وتم تعيين عباس الموسوي بدلاً منه. بعد عزل الطفيلي، عاد حسن نصرالله إلى بلاده، بعدما بدت مواقفه حول دور سوريا في لبنان قد تعدلت، وأصبح فعلياً الرجل الثاني في جماعة حزب الله.
قيادة حزب الله اللبناني
Getty Imagesبناءً على اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، سُمِح لحزب الله بالاحتفاظ بأسلحته اغتيل عباس الموسوي على يد عملاء إسرائيليين بعد أقل من عام من انتخابه أميناً عاماً لحزب الله. في العام نفسه، 1992، انتقلت قيادة الجماعة إلى حسن نصرالله. في ذلك الوقت، كان عمره 32 عاماً، واعتبر الكثيرون أن اختياره مرتبط بعلاقاته الخاصة مع إيران. حتى من منظور العديد من رجال الدين الشيعة، كان نصرالله يفتقر إلى التعليم الديني الكافي، ولهذا السبب استأنف دراسته بالتوازي مع مهامه القيادية. كانت إحدى المبادرات المهمة لحسن نصرالله في ذلك الوقت ترشيح بعض المنتسبين وأعضاء "حزب الله" في الانتخابات اللبنانية. كان قد مر عام على الوساطة السعودية في الحرب الأهلية اللبنانية ونهايتها في اتفاق الطائف. قرر نصرالله جعل الجناح السياسي لحزب الله فاعلاً جدياً في البلاد إلى جانب الفرع العسكري. نتيجة لهذه الاستراتيجية، تمكن حزب الله من الفوز بثمانية مقاعد في البرلمان اللبناني. وفي الوقت نفسه، كان الجناح العسكري للحزب لا يزال متهماً بالتخطيط لعمليات إرهابية وتنفيذها. وقع تفجير مركز الجالية اليهودية في الأرجنتين والهجوم على السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين خلال هذه الفترة. في تلك الأثناء، وبناءً على اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، سُمِح لحزب الله بالاحتفاظ بأسلحته. في ذلك الوقت، كانت إسرائيل قد احتلت جنوب لبنان، وبصفته منظمة تقاتل ضد القوات المحتلة، ظل حزب الله مسلحاً. كما أن الدعم المالي الإيراني مكّن نصرالله من توفير خدمات الرعاية الاجتماعية والرفاهية للعديد من الشيعة اللبنانيين من خلال تشكيل شبكة معقدة من المدارس والمستشفيات والجمعيات الخيرية. وأصبحت هذه السياسة التي لا تزال مستمرة حتى اليوم، واحدة من الجوانب المهمة للحركة السياسية والاجتماعية للشيعة في لبنان.
انسحاب إسرائيل وشعبية نصرالله
Getty Imagesزادت شعبية نصر الله في أعقاب حرب 2006 في عام 2000، أعلنت إسرائيل أنها ستنسحب بالكامل من لبنان، منهية احتلالها للمناطق الجنوبية من البلاد. احتفل حزب الله بهذا الحدث باعتباره انتصاراً كبيراً، ونُسب الفضل في هذا الانتصار إلى حسن نصرالله. كانت هذه هي المرة الأولى التي تنسحب فيها إسرائيل بشكل أحادي من أراضي دولة عربية دون اتفاق سلام، واعتبر العديد من المواطنين العرب في المنطقة ذلك إنجازاً مهماً. ومع ذلك، منذ ذلك الحين، أصبحت مسألة السلاح واحدة من القضايا المهمة المتعلقة باستقرار وأمن هذا البلد. وبعد انسحاب إسرائيل من لبنان بدأت قوى سياسية لبنانية وأجنبية تطالب بنزع سلاح حزب الله، فيما تمسّك الحزب بسلاحه. لاحقاً، توصل نصرالله إلى اتفاق لتبادل الأسرى خلال مفاوضات مع إسرائيل، مما أدى إلى الإفراج عن أكثر من 400 أسير فلسطيني ولبناني ومواطنين من دول عربية أخرى. في ذلك الوقت، بدا نصرالله أكثر قوة ونفوذاً من أي وقت مضى، وواجه خصومه في السياسة اللبنانية تحدياً جدياً في مواجهته ومنع توسع نفوذه وقوته.
اغتيال الحريري وانسحاب سوريا
AFPعام 2005 توجه الغضب الشعبي نحو جماعة حزب الله وحليفتها العسكرية الرئيسية داخل لبنان، سوريا، اللتين اتهمتا بالتورط في اغتيال الحريري. في عام 2005، بعد اغتيال رفيق الحريري، رئيس وزراء لبنان آنذاك، تغير الرأي العام. كان رفيق الحريري واحداً من أهم السياسيين المقربين من السعودية، وقد بذل جهوداً كبيرة لمنع صعود نفوذ حزب الله. توجه الغضب الشعبي نحو حزب الله وحليفته العسكرية الرئيسية داخل لبنان، سوريا،واتهمتا بالتورط في اغتيال الحريري. ونتيجة للتظاهرات الكبيرة التي قامت بها المعارضة في بيروت، أعلنت سوريا أنها ستسحب قواتها من البلاد. ومع ذلك، عندما جرت الانتخابات البرلمانية في نفس العام، لم يزدد فقط عدد الأصوات التي حصل عليها حزب الله، بل تمكن أيضاً من تعيين اثنين من أعضائها في الحكومة. في صيف عام 2006، نفذ مقاتلو حزب الله عملية على الحدود الجنوبية للبنان، أسفرت عن مقتل جندي واحد وأسر جنديين. ردت إسرائيل بهجوم شرس استمر 33 يوماً، قُتل خلاله نحو 1,200 لبناني. وكانت نتيجة هذه الحرب زيادة في شعبية نصرالله الذي تم تصويره في الدول العربية كآخر من يقاوم إسرائيل. في نهاية الحرب، رفض حزب الله مرة أخرى تسليم أسلحته. بالإضافة إلى ذلك، لعبت الجماعة دوراً رئيسياً في إعادة إعمار الدمار الذي خلفته الحرب، وهو دور قال معارضو الجمهورية الإسلامية في إيران إنه تحقق بفضل الدعم المالي السخي من طهران.
ازدياد النفوذ وترسيخ مكانة نصرالله
Getty Imagesالجيش الإسرائيلي اغتال العضو البارز في حزب الله إبراهيم عقيل الذي عيّنه الحزب خلفاً للقائد العسكري فؤاد شكر الذي اغتالته إسرائيل في شهر يوليو/ تموز الماضي. مع تزايد نفوذ حزب الله، أصر خصومه السياسيون، خصوصاً السنة في لبنان، على أن حزب الله تحوّل إلى دولة داخل دولة، وقالوا إن أنشطته يضعف أمن لبنان واقتصاده. في عام 2008، وبعد أشهر من الصراع السياسي، قررت الحكومة اللبنانية تفكيك نظام الاتصالات الذي كان تحت سيطرة "حزب الله" ووضع شؤون الاتصالات بالكامل تحت سيطرة الحكومة. نصرالله رفض هذا القرار، وفي وقت قصير، سيطرت ميليشياته بشكل كامل على بيروت. قوبل هذا التحرك من قبل نصرالله بانتقادات واسعة من الدول الغربية. ومع ذلك، وبعد المفاوضات السياسية، تمكن من زيادة قوة حزب الله في مجلس الوزراء اللبناني. تمكن نصرالله من تجاوز أزمات تاريخية مثل الربيع العربي، والحرب الأهلية السورية، والأزمة الاقتصادية المستمرة في لبنان، وتراجع تمثيله في المجلس النيابي اللبناني بعد الانتخابات الأخيرة عام 2022. في عمر 63 عاماً، يعتبر حسن نصر الله قائداً سياسياً وعسكرياً في لبنان، رغم الانقسام حول مكانته، ودوره، ورفض خصومه السياسيين لسطوته على الساحة اللبنانية، ونشر حزب الله للأسس الأيديولوجية للإسلام الشيعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.