تستمر "كرة ثلج" رفض نتائج الانتخابات الرئاسية بالجزائر في التدحرج، فبعدما أعلن المترشحون الثلاثة للانتخابات الرئاسية في الجزائر، عبد المجيد تبون (الفائز بنسبة 94 بالمائة) وعبد العالي حساني شريف ويوسف أوشيش، في بيان مشترك لهم، رفضهم للنتائج الأولية المعلن من قبل رئيس السلطة الوطنية للانتخابات محمد شرفي، شنّ المرشحان الخاسران هجوما لاذعا على السلطة المستقلة للانتخابات، في أعقاب النتائج المعلنة.
وركزت معظم عناوين الصحف الكبرى في الجزائر، على هذا الحدث باعتباره "غير مسبوق"، مع تحميل المسؤولية كاملة لسلطة الانتخابات ورئيسها. وورد في بعض العناوين أن "هيئة شرفي تعبث بنتائج الانتخابات"، بينما تناولت أخرى مضمون الغموض والضبابية الواردة في بيان المرشحين.
ومن جانب المرشحين، عبّر عبد العالي حساني شريف في ندوة صحافية، عن خيبة أمله من طريقة إدارة العملية الانتخابية، مشيرا إلى وجود تلاعب بالنتائج وبنسب المشاركة.
وقال إن "النتائج المعلنة عبّرت عن نفسها"، وأنه يملك دلائل على وجود تلاعب في النتائج، مما يضر بالثقة في العملية الانتخابية. وأوضح أن الأرقام التي أُعلنت غير قابلة للتحليل السياسي ولا يمكن الاعتماد عليها لإقناع المواطن بوجود شفافية.
وفي رسالته لأصحاب القرار عقب تجربة الرئاسيات، شدد حساني شريف، على ضرورة القيام بإصلاح سياسي عميق، مشيرا إلى أن "هذا الإصلاح كان جزءا من برنامجه الانتخابي، وأكد أن برنامجه لا يزال متاحا أمام الجزائريين".
وفيما يخص السلطة الوطنية للانتخابات، دعا "المرشح الإسلامي" لإعادة النظر فيها كليا، بما يجعلها منتخبة ومنبثقة من الأحزاب، وليست معينة كما هو الوضع الحالي لها.
وأعلن حساني شريف، أن الطعون ستُقدم إلى المحكمة الدستورية، مطالبا بضرورة وجود سلطة منتخبة تدير شؤون البلاد بمسؤولية، مشيرا إلى أن هناك ولايات لم تسلم المحاضر حتى الآن، مثل ولاية تبسة، مما يثير تساؤلات حول مصداقية العملية الانتخابية. وأكد على ضرورة صحوة الضمير لدى المسؤولين، محذراً من التلاعب بمصير البلاد.
أما يوسف أوشيش، مرشح جبهة القوى الاشتراكية، فأعرب هو الآخر في ندوة صحافية بمقر حزبه، عن قلقه الشديد إزاء غياب الشفافية والغموض الذي اكتنف عملية جمع وإعلان النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية. وأوضح أن هذا الأمر يضع البلاد في وضعية غير مريحة بل وخطيرة، مشددا على أن اللحظة حساسة وتتطلب من الوطنيين المخلصين تحمل مسؤولياتهم.
وبخصوص النتائج المعلنة، أكد أوشيش، أن "هناك أرقاما مزيفة لا تتطابق مع المحاضر المقدمة من مراكز الاقتراع"، مشيرا إلى أن هذا التلاعب يعتبر التفافا على الإرادة الشعبية.
وأضاف أن السلطة الوطنية للانتخابات "تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الانحرافات الخطيرة التي تقوض الانتخابات وتعيد إلى الأذهان أسوأ الممارسات".
وشدد المترشح الأخير في الترتيب، على أن جبهة القوى الاشتراكية ستحتفظ بكامل حقوقها في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للحفاظ على اختيار وإرادة الناخبين، وطالب بفتح تحقيق معمق لتحديد المسؤوليات ووضع حد لهذه التصرفات في المستقبل.
وبرغم هذه الصعوبات، قال أوشيش إن حملته الانتخابية "سعت إلى إقناع الأغلبية الصامتة بالتعبير عن نفسها والمشاركة في الانتخابات"، مؤكدا أن ارتفاع نسبة المشاركة كان من الممكن أن تؤثر على النتيجة النهائية للاقتراع.
ومع ذلك، أشار إلى أن المناخ العام للانتخابات لم يشجع على مشاركة قوية، وألقى باللوم على بعض الجهات من المعارضة والسلطة التي عملت على تثبيط عزيمة الناخبين.
ولفت أوشيش إلى أن جبهة القوى الاشتراكية تميزت بخطاب جاد ومسؤول، وببرنامج طموح وواقعي، كما تمكنت من إعادة تموضعها في قلب المشهد السياسي الوطني، وتوسيع قاعدتها النضالية والاجتماعية في جميع ولايات البلاد وكذلك بين الجالية الوطنية في الخارج.
وفي ظل اللغط الحاصل، تتجه الأنظار للمحكمة الدستورية في الجزائر التي يقع على عاتقها إصدار النتائج النهائية للتصويت، إذ بدأ أمس المرشحون تقديم طعونهم لدى هذه الهيئة الدستورية العليا.
وتشير المادة 260 من قانون الانتخابات الجزائري، إلى أن "المحكمة الدستورية تفصل في الطعون المتعلقة بالانتخابات خلال مدة ثلاثة أيام".
وتضيف المادة أنه "إذا ثبت صحة الطعون ووجود مخالفات، تعيد المحكمة صياغة محاضر النتائج وفقًا لقرار معلل". وبعد الفصل في الطعون، تعلن المحكمة الدستورية، وفق القانون، النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية في غضون عشرة أيام من تاريخ استلام المحاضر من قبل رئيس السلطة المستقلة.
وكان رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي، قد أعلن خلال ندوته الصحافية يوم الأحد الماضي، عن حصول المترشح حساني شريف عبد العالي عن حركة مجتمع السلم على 178797 صوتا، ما يمثل نسبة 3.17 بالمئة. في وقت يتحدث ممثلو المرشح عن تحقيق نحو 350 ألف صوت.
أما المترشح يوسف أوشيش عن جبهة القوى الاشتراكية، فأعطته أرقام السلطة 122146 صوتا، ما يمثل نسبة 2.16 بالمئة. بينما يشير ممثلوه إلى حصوله على أكثر من 200 ألف صوت.
وعادت الحصة الأكبر حسب شرفي، للمترشح عبد المجيد تبون، ب5 ملايين و329 ألفاً و253 صوتاً، ما يمثل نسبة 94.65 بالمئة، بينما تشير أصداء من مديرية حملته الانتخابية إلى تحصيله نحو 6 ملايين صوت.