كان استقبال الملك الراحل الحسن الثاني، لشيوخ وأعيان قبائل إقليم وادي الذهب، من أجل تقديم بيعتهم، نقطة فاصلة في مسار استكمال الوحدة الترابية للمغرب. بيعة قُدمت للجالس على العرش بعد استرجاع الإقليم الذي كانت اتفاقية مدريد 1976 قد منحته للجار الجنوبي للمملكة موريتانيا.
بيعة شيوخ قبائل إقليم وادي الذهب، لحظة تاريخية إذ أعقبت فترتي المسيرة الخضراء "6 نونبر 1975" وتوقيع اتفاقية مدريد "أبريل 1976″، ليتوج ذلك باسترجاع إقليم وادي الذهب عام 1979.
لحظة تحمل رمزية ودلالات عميقة ومفتاح سبر أغوار خلفيات النزاع الاقليمي حول الصحراء المغربية، ودخول الجزائر وجبهة البوليساريو حرب استنزاف مع المغرب، وإغراق القضية في مستنقع المسارات والتسويات الدولية.
فبعد الرجوع إلى تفاصيل الحدث وخلفياته. سبق لكل من إسبانيا والمغرب وموريتانيا التوقيع في مدريد يوم 14 نونبر 1975، على اتفاق يمهد لخروج إسبانيا باعتبارها المستعمر القديم للصحراء بالإضافة إلى تقسيمها بين المغرب وموريتانيا (الساقية الحمراء للمغرب ووادي الذهب لموريتانيا).
الاتفاق الذي مرت عليه سنوات، سيعرف رجة كبيرة بعد وقوع انقلاب في موريتانيا شهر يوليوز 1978 عندما أُطيح بحليف المغرب، الرئيس المختار ولد داداه، ليتولى قائد أركان الجيش المصطفى بن محمد السالك مقاليد الحكم في نواكشط، وهو ما مهد للنظام الحاكم في البلاد للتنصل من الاتفاق الثلاثي مع المغرب واسبانيا.
الرئيس الجديد في موريتانيا، اختار فتح باب المصالحة مع قادة جبهة البوليساريو التي أعلنت دخولها في صراع عسكري مباشر مع المغرب، واعلان الهدنة مع نواكشوط.
التطور اللافت استغلته الجزائر التي لعبت دور الوساطة في مفاوضاتو بين جبهة البوليساريو وموريتانيا في غشت من سنة 1979، ووقع الجانبان اتفاق سلام يعلن رسميا عن انسحاب موريتانيا من اتفاقية مدريد، وأمر صناع القرار في نواكشوط بعد هذا الاتفاق قواتهم العسكرية بالانسحاب من إقليم وادي الذهب وتركه لميليشيات البوليساريو.
هذا المستجد دفع المغرب إلى التحرك سريعا، حيث وجه الملك الراحل الحسن الثاني أوامره للقوات المسلحة الملكية، بالدخول إلى إقليم وادي الذهب وإفشال مخطط الجزائر والبوليساريو.
وفي الرابع عشر من غشت من سنة 1979 قام عدد من علماء وشيوخ إقليم وادي الذهب بزيارة العاصمة الرباط، من أجل تقديم البيعة للملك الراحل الحسن لثاني. وبعد أيام من ذلك أصدرت وزارة الداخلية مرسوما يقضي بإنشاء عمالة وادي الذهب.
وفي الرابع من شهر مارس من سنة 1980 توجه الملك الراحل الحسن الثاني إلى مدينة الداخلة عاصمة الإقليم، وتم تنظيم حفل الولاء الذي يقام بمناسبة ذكرى عيد العرش بالمدينة، في خطوة حملت رسائل عدة إلى مختلف الأطراف في الجزائر والبوليساريو وموريتانيا.