موجة غضب واسعة، أثارها ارتفاع أسعار السردين في مختلف المدن المغربية، إذ أكد العديد من نشطاء منصات التواصل الاجتماعي وصول ثمنه إلى ما بين 25 و30 درهما للكيلوغرام الواحد بعدما كان يتراوح بين 10 و20 درهما للكيلوغرام. وأعرب عدد من المدونين عن استيائهم من غلاء السردين الذي يعرف ب"سمك الفقراء"، محذرين من تداعيات ذلك على القدرة الشرائية للمواطنين خاصة في ظل موجة الغلاء التي تشمل عددا من المواد الاستهلاكية الأخرى خاصة اللحوم البيضاء والحمراء، بينما تساءل آخرون عن أسباب هذا الغلاء "رغم أن البلاد تتوفر على ثروة سمكية وواجهتين بحريتين".
ويرى العديد من المتتبعين، أن ارتفاع أسعار السردين ما هي إلا نقطة من بحر الغلاء الذي أصبح يئن تحت وطأته المغاربة في ما يتعلق بمختلف السلع والمواد الغذائية، منبهين إلى أن هناك تسيب في قطاع اللحوم سواء الأسماك أو الدواجن أو الأغنام والأبقار، وأن التجار هم من يتحكمون في أسعار مختلف هذه المواد الغذائية بعيدا عن أي مراقبة أو زجر.
بدورها، نبهت جمعيات حماية المستهلك في العديد من المرات من غياب مراقبة الأسواق من طرف مجلس المنافسة والسلطات المحلية حيث تشهد زيادات متتالية في أسعار المواد الاستهلاكية بشكل صاروخي دون حسيب أو رقيب.
وإذا كانت المواطنون وجمعيات حماية المستهلك يعزون الارتفاع الصاروخي لأسعار السردين إلى ضعف المراقبة وإلى فرض التجار لاسعار فاحشة بحثا عن الربح دون مراعاة القدرة الشرائية للمواطنين، فإن هناك من يرى بأن أسباب هذا الارتفاع مركبة فيها ما هو مرتبط بضعف المراقبة وكثرة الوسطاء، وفيها ما هو مرتبط بتراجع المخزون السمكي بالمغرب جراء عدة عوامل بشرية وأخرى طبيعية.
الخبير في الصيد البحري والأستاذ الباحث بمعهد الزراعة والبيطرة، محمد الناجي، اعتبر أن السردين أصبح ضحية ضغط شديد من الاستغلال لعدة مكونات بالقطاع، مع ضعف المراقبة، مبينا أن الكميات المستخرجة من البحر فاقت قدرة الوسط البيئي على الإنتاج والتجدد، وبالتالي فإنه من الطبيعي أن حتى هذا المنتوج الذي كان متوفرا بشكل كبير أصبح ينخفض.
وأفاد الناجي، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه إضافة إلى عامل الإفراط في الصيد الذي وصل مستويات قياسية، هناك أيضا عامل التغيرات المناخية، مشيرا إلى ارتفاع درجات الحرارة السنة الماضية والتي قبلها، حيث سُجلت أرقام قياسية لدرجات الحرارة، تجاوزت مثلا في منطقة أكادير السنة الماضة 50 درجة وهو رقم قياسي عالمي.
وتابع أن ارتفاع درجة حرارة مياه البحر بدرجة أو اثنين يؤدي إلى خلل في المنظومة البحرية بشكل كبير جدا، مما يؤدي إلى تضرر كل مكونات حلقات السلسلة الغذائية داخل البحر وعلى رأسها السردين، أي الأسماك السطحية الصغيرة التي تكون هي قاعدة هرم السلسة الغذائية.
وشدد على أن حلقات هذه السلسة الغذائية تأثرت بشكل كبير، وبالتالي القدرة الإنتاجية للبحار المغربية تراجعت بشكل كبير، مبينا أن ذلك يؤدي إلى تراجع القدرة الإنتاجية وإمكانيات الصيد والمصطادات، وبالتبع تتأثر كل الأنشطة التي ترتبط بالصيد البحري، بشكل سلبي.
واعتبر الناجي، أن السردين الذي كان يشتريه المغاربة مثلا ب4 دراهم للكيلو بمدينة آسفي، أصبح يخرج من ميناء المدينة ب 10 دراهم ليصل ى عند المستهلك ب 15 و20 إلى 25 درهم.
وخلص الناجي، إلى أن تراجع السردين على مستوى العرض، يرجع لسببين، الأول بنيوي يتمثل في الإفراط في عملية الصيد، مشيرا إلى أن أسطول الصيد البحري أصبح يفوق القدرات الإنتاجية.
أما ثاني الأسباب، حسب الناجي، فهي التغيرات المناخية التي تقع بين الحين والأخر، مشيرا إلى أن ظاهرة "النينيو" التي تظهر في عرض سواحل أمريكا الجنوبية كل 5 أو 7 سنوات، تمتد أثارها إلى عدة مناطق في العالم وينتج عنها تراجع كير في الكتلة الحيوية.