أعلنت متحدثة باسم رئاسة الوزراء البريطانية داونينغ ستريت، اليوم الجمعة، أن الحكومة العمالية البريطانية الجديدة برئاسة كير ستارمر تراجعت عن مشروع أطلقه المحافظون للطعن في طلب إصدار مذكرة توقيف دولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت متحدثة باسم رئاسة الوزراء، "كان اقتراحا من الحكومة السابقة لم يقدم قبل الانتخابات، وما أستطيع أن أؤكده أن الحكومة لن تتبناه وذلك تماشيا مع موقفنا الثابت أن القرار يعود للقضاء"، مشددة على على الأهمية التي توليها الحكومة التي تشكلت إثر فوز حزب العمال في انتخابات 4 يوليوز، للفصل بين السلطات ودولة القانون.
وفي الوقت الذي أعرب مسؤول إسرائيلي، الجمعة، عن خيبة أمل إزاء إسقاط بريطانيا تحفظاتها لدى "المحكمة الجنائية الدولية" على طلب المدعي العام كريم خان إصدار مذكرتي اعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، يرى متتبعون أن الحكومة البريطانية قد تخط سياسة مستقلة بعيدة عن الولاياتالمتحدةالأمريكية.
موقع "ميدل إيست آي" في لندن، نشر تقريرا أعدّه عمران ملا قال فيه إن الحكومة العمالية في بريطانيا قد تعلن عن تحرك يفرض بعض القيود على مبيعات الأسلحة لإسرائيل، لكن ليس وقفها بشكل دائم.
ونقل الموقع عن مصادر في حزب "العمال" قولها إن الحكومة ستعلن، في الأيام المقبلة، فرض قيود على صفقات الأسلحة، ولكنها لن تعلق تصدير الأسلحة.
وجاءت هذه التطورات بعد ما قال وزير الخارجية ديفيد لامي، الأسبوع الماضي، إنه طلب، في اليوم الأول من دخوله وزارة الخارجية، مراجعة شاملة بالتزام إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني.
وقال كريس دويل، من مجلس التفاهم العربي- البريطاني إن "الخطوة المحتملة، وإن الحكومة البريطانية قد تستهدف مبيعات الأسلحة لإسرائيل، مرحب بها، لو وضعت قيودا جدية على مبيعات الأسلحة هذه، وبطريقة تمنع إسرائيل من استخدامها".
وتأتي التطورات الأخيرة في ظل تعرض "العمال" لضغوط من منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان لتعليق بيع الأسلحة إلى إسرائيل. وعبّرَ مسؤولون بارزون في الحزب عن أثر موقف الحزب من الحرب في غزة، وخسر مقاعد في الانتخابات العامة بسبب سخط الناخبين المسلمين على دعم بريطانيا للحرب الإسرائيلية في غزة. وانتخب خمسة نواب مستقلين على قائمة المستقلين، وببرامج انتخابية تدعو لدعم الفلسطينيين ووقف الحرب.
من جهتها، ذكرت صحيفة "التايمز"، في تقرير أعدّه جورج غريلز، أن حكومة "العمال" اتخذت "موقفا متشددا" من إسرائيل، بعد فوزها في الانتخابات العامة وخسارة مقاعد في بلاكبيرن وليستر وبيرمنجهام وديوزبري وباتلي قرب ليدز لناشطين مؤيدين لفلسطين.
وقرر وزير الخارجية لامي، الأسبوع الماضي، رفع الحظر عن تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بعد تعليق حكومة المحافظين الدعم بناء على مزاعم إسرائيلية بأن موظفين في الوكالة دعموا هجوم "حماس" في 7 أكتوبر.
وفي إشارة جديدة لنهج "العمال" الجديد من إسرائيل، سينشر لامي النصيحة القانونية بشأن مبيعات الأسلحة، الأسبوع المقبل. وقالت الصحيفة إن لامي تردد في زيارته إلى إسرائيل، الأسبوع الماضي، بتقديم تطمينات لنتنياهو حول "الجنائية الدولية".
ورأت الصحيفة أن سحب الاعتراض على طلب المدعي العام، واستئناف دعم أونروا، يظهر أن الحكومة مستعدة لممارسة المزيد من الضغوط على نتنياهو بسبب الرد العسكري الإسرائيلي القاسي في غزة. ويظهر أيضاً أن ستارمر، المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان، يهتم بالمؤسسات القانونية الدولية أكثر من الولاياتالمتحدة.
وفي شهر ماي الماضي، أدان الرئيس بايدن جهود المدعي العام ل "المحكمة الجنائية الدولية" للحصول على أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، ووصفها بأنها "مشينة".
وعلى الرغم من أن أوامر الاعتقال ستكون بمثابة إجراءات رمزية إلى حد كبير، إلا أن مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون صوّت لصالح تمرير تشريع يفرض عقوبات على مسؤولي المحكمة.
بالمقابل، تشير هذه التحركات المبكرة إلى أن رئيس الوزراء البريطاني، وهو مؤلف كتاب عن القانون الأوروبي لحقوق الإنسان، يرسم مساره الخاص بشأن الصراع الذي أثار حيرة الزعماء الغربيين، بما في ذلك بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز.
وكان تحالف بريطانيا الوثيق مع الولاياتالمتحدة سببا في حدوث صدع بين حزب "العمال" والعديد من أنصاره، الذين طالبوا بدعوة بريطانية أسرع لوقف فوري لإطلاق النار في غزة.
وبينما يتوقع عددٌ قليل من المحللين أن تلتزم الحكومة الجديدة بخط الحكومة السابقة، يعتقد البعض أنه بدلا من إسقاط اعتراضها بالكامل، قد تختار بريطانيا تقديم نص أكثر دقة إلى المحكمة.
ويأتي هذا التحول في بريطانيا في الوقت الذي تدخل فيه الولاياتالمتحدة نفسها فترة من عدم اليقين السياسي المتزايد بشأن إسرائيل. إذ أثار انسحاب بايدن من حملة عام 2024، وظهور نائبة الرئيس كامالا هاريس كمرشحة ديمقراطية مفترضة، تساؤلات حول ما إذا كانت الولاياتالمتحدة ستغيّر حساباتها بشأن إسرائيل والحرب في غزة.