تسود مخاوف من أن تتحول منطقة إمنتانوت التابعة لإقليمشيشاوة، إلى بؤرة لانتشار الحصبة، وذلك في ظل تفاقم تسجيل حالات الإصابة والوفيات بهذا الداء الفتاك خلال الآونة الأخيرة في صفوف الفئات السنية الصغرى التي تتأثر بشكل رئيسي، خاصة منها بعمر أصغر من 5 سنوات.
وحصد الحصبة الذي يعرف في الأوساط المغربية باسم "بوحمرون" أرواح أطفال على مستوى دواوير سكساوة ودمسيرة بدائرة إمنتانوت، مثلما كشف ذلك ل"الأيام 24″، محمد أنفلوس، رئيس الفرع الإقليمي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بشيشاوة، مؤكدا أن هذا المرض المُميت اجتاح بشكل رهيب المنطقة.
ولفت المتحدث إلى أنه قبل أيام قليلة فقط من شهر يوليوز الجاري، لفظ 4 أطفال بدوار "أگنتار" أنفاسهم الأخيرة، بعد ظهور أعراض هذا المرض عليهم، وهو ما أثار الرعب في نفوس الأسر التي يتعذر عليها الولوج إلى العلاجات جراء بُعد مقرات سكناها في المداشر والقرى عن المستشفى أو المراكز الصحية.
وعزا أنفلوس هذا الوضع إلى عدد من المسببات، أبرزها غياب حملة تلقيحية فعالة وناجعة من لدن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تحث الأمهات والآباء على الإقبال على تطعيم أبنائهم، علاوة على عدم توفر أغلب المراكز الصحية لإمنتانوت على التلقيح المضاد لهذا الفيروس الخطير واسع الانتشار.
في السياق، استحضر أنفلوس حملة التلقيح الواسعة التي كانت المملكة قد أطلقتها عام 2013، والتي انتهت بتطعيم 11 مليون نسمة من المغاربة، مما انعكس على تطويق انتشار "بوحمرون" وقتها.
ولفت الفاعل الحقوقي عينه إلى أن معطى آخر يبرز بقوة وقد يكون عاملا مفسرا لهذا الوضع الباعث على القلق، يتعلق بتخوف المواطنين من اللقاحات ارتباطا بالجدل الدائر حول نجاعة تلك المعتمدة ضد فيروس "كورونا".
لكن، هذه التبريرات كلها لا تسقط الدور المنوط بوزارة الصحة، يشدد أنفلوس، مستطردا: "هناك تقصير واضح من لدن الوزارة الوصية في هذا الباب"، قبل أن يضيف: "ثم إننا لا نعلم لماذا تم إلغاء برنامج الصحة المدرسية الذي كان يستهدف تلاميذ المؤسسات التعليمية بالمملكة، بما فيها تلك المتواجدة بالمناطق القروية والنائية".
إلى ذلك، تتحفظ وزارة الصحة عن كشف حصيلة الإصابات بهذا الوباء شديد العدوى على المستوى الوطني، في وقت تؤكد فيه أن مصالحها اتخذت عددا من الإجراءات لتطويق انتشاره، تتعلق أساسا بتكثيف حملات التلقيح ضده بجميع مؤسسات الرعاية الصحية الأولية، وفي إطار الخدمات التي تقدمها الوحدات الطبية المتنقلة بالوسط القروي، غير أن الانتشار الواسع له يسائل نجاعتها خاصة وأن إقليم اشتوكة آيت باها لوحده وصل مجموع المصابين فيه إلى 409 حالة.