يبدو أن العلاقات المغربية الفرنسية مقبلة على اختبار دبلوماسي جديد خلال الفترة المقبلة، على خلفية المتغيرات التي يعرفها المشهد السياسي في هذا البلد الأوروبي، خاصة بعد الفوز الذي حققته أحزاب اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية. وفاز التجمع الوطني اليميني في الانتخابات الأوروبية في فرنسا، حاصدا 31,36 بالمائة من الأصوات، متقدما بفارق كبير عن المعسكر الرئاسي الذي أيده 14,6 بالمائة من الناخبين.
هذه النتائج دفعت الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى اتخاذ قرار بحل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة خلال الثلاثين يوما المقبلة.
هذا "الزلزال السياسي" الذي ضرب فرنسا ينذر بإحداث تأثيرات ليس على الصعيد المحلي، بل أيضا في علاقات باريس مع العديد من الدول، ومن بينها المغرب.
أستاذ العلاقات الدولية خالد الشيات، اعتبر أن صعود اليمين المتطرف في الانتخابات الأوربية الأخيرة وفي فرنسا بالخصوص هو "صعود طبيعي وعادي"، مبينا أن المؤشرات التي عبّرت عنها النتائج تشير إلى وجود تحول كبير ومستمر نحو اليمين واليمين المتطرف لاعتبارات ترتبط بتحولات اقتصادية بالأساس وقيمية ومجتمعية وثقافية هي مرتكز الخطاب اليميني في أوربا عموما.
وأوضح الشيات، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "اليمين الأوربي ليس يمينا واحدا أو موحدا، بل هو يمين مشتت، لديه وجود مختلف في مجموعة من الدول الأوربية، يتراوح ما بين اليمين الأكثر تطرفا واليمين المتطرف، واليمين الأقل تطرفا واليمين التقليدي الذي وجد في أوروبا لاعتبارات تاريخية".
وقال الشيات، إن "هذه الظاهرة مقلقة من الناحية السياسية لباقي دول العالم وللأوربيين، واختبارٌ لقيمهم التي قامت عليها الدولة الحديثة"، مسجلا أن "هذا اليمين هو نفس اليمين التي كان موجودا في أوربا في الزمن الغابر، لأنه يمين يرتبط بهوية داخلية أكثر مما يرتبط بسياسة خارجية أو توسعية".
وأضاف أن صعود اليمين المتطرف هو استجابة ثقافية أكثر منه استجابة استراتيجية أو لغايات مرتبطة بالتوسع على المستوى الخارجي"، مؤكدا أن اليمين بمختلف ألوانه ليس لديه تصورات مختلفة عن باقي الأطياف السياسية فيما يتعلق بالسياسة الخارجية تجاه محيطه القريب والبعيد.
وتابع أن تحالفاته التقليدية مع دول ليبرالية غربية وتوجهاته نحو تكريس علاقات تعاون مع الدول التي كانت تجمعه بها علاقات عادية، كما هو الحال بالنسبة للمغرب، مشددا على أن "الأمر لا يختلف بوجود حكومة يمينية أو يسارية".
وأشار الشيات، إلى أن ما يمكن أن يُعكر صفو هذه علاقات التعاون بين الرباطوباريس، هو موضوع الهجرة، خاصة ما يتعلق بالمغاربة الموجودين في عدة دول بطريقة غير قانونية في إطار ما يسمى الهجرة غير النظامية.
ونبه الشيات، إلى أن "ملف الهجرة يمكن أن يثير مشاكل بين الرباط وهذه الدول خاصة باريس، في حالة إذا ما إذا ما قررت الترحيل الجماعي لكل هؤلاء الأشخاص في نفس الوقت، وهو الأمر الذي قد يكلف المغرب من الناحية الاقتصادية"، مردفا: "أما غير ذلك فلا أعتقد أن هناك مشاكل على مستوى علاقات التعاون بين المغرب وهذه الدول الأوربية خاصة فرنسا".