رغم خلفيته الفكرية اليسارية، كان المرحوم عبد العزيز النويضي، شخصية وطنية بامتياز، استطاعت أن تحظى باحترام جميع التيارات اليسارية منها والإسلامية، انطلاقا من قيم الحكمة والرزانة والدفاع عن المظلومين والانتصار للديمقراطية التي ميزت مساره الحافل بالنضالات.
عبد العلي حامي الدين، الرئيس السابق لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان، والقيادي بحزب العدالة والتنمية، نعى المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي، الذي وافته المنية أمس الخميس، واصفا وفاته ب"الخسارة الكبيرة لكل من يدافع عن الحقوق والحريات في بلادنا".
وقال حامي الدين في تصريح خص به "الأيام24″، إن "الفقيد كان رجلا صادقا في نضاله لا يفتر عن التفكير والإنتاج العلمي والكتابة في المجال الدستوري والقانوني والحقوقي، وكان منشغلا بقضايا الإصلاح الدستوري وتطوير حقوق الإنسان في بلادنا ومحاربة الفساد وترسيخ حرية التعبير والصحافة واستقلال القضاء".
وكشف حامي الدين أن معرفته بالراحل تعود إلى نهاية تسعينيات القرن الماضي، حيث توطدت علاقاته به تدريجيا حتى أصبح صديقا فوق العادة تربطه به علاقة قوية تجعله من بين أهم الشخصيات التي يستشيرها في عدد من القضايا والإشكاليات ذات الطبيعة القانونية والسياسية".
"كان للفقيد حضور نوعي في المحطات والمنعطفات الحقوقية والسياسية في بلادنا، وكان له إسهام قوي بالرأي والاستشارة والموقف في مختلف القضايا الراهنة"، يحكي حامي الدين بتأثر، مردفا بالقول: "جمعتني به عدة لقاءات وندوات وحوارات أذكر منها اشتغالنا جميعا في الحوار الوطني حول المجتمع المدني واللجنة الاستشارية لإصلاح قوانين الصحافة بالإضافة إلى حضوره الدائم في فعاليات وأنشطة منتدى الكرامة لحقوق الإنسان عندما كنت أتولى رئاسته، بالإضافة إلى مشاركتي معه عدد من الندوات داخل المغرب وخارجه، حيث جمعتنا أسفار عديدة إلى القاهرة وبيروت وباريس ومدريد".
وتابع: "هي مناسبة لأكشف عن سر ربما لأول مرة وهي أن الأستاذ النويضي ساهم بشكل فعال في إعداد مشروع مذكرة حزب العدالة والتنمية للإصلاحات الدستورية سنة 2011 في أعقاب دينامية 20 فبراير التي كان من أبرز داعميها".
وأردف القيادي الإسلامي: "أذكر أني حملته في سيارتي من الرباط ذات صباح باكر من شهر مارس 2011 وتوجهنا إلى الدارالبيضاء اتجاه منزل الأستاذ المصطفى الرميد حيث قضينا يوما كاملا في العمل نحن الثلاثة إلى وقت متأخر من الليل، وهناك تبلورت أبرز المقترحات الرامية لإصلاح الوثيقة الدستورية".
"آخر لقاء جمعني بالمرحوم كان يوم الثلاثاء المنصرم، حيث كان الأستاذ النويضي ضيفا على النادي السياسي لمؤسسة عبد الرحيم بوعبيد وقدم عرضا عن مكافحة الفساد في المغرب باعتباره رئيسا لجمعية ترانسبارانسي-المغرب إلى جانب الأستاذ الراشيدي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والوقاية من الرشوة"، يقول حامي الدين.
وأكد حامي الدين في ختام تصريحه أن "الالتزام السياسي اليساري للنويضي لم يمنعه من الانفتاح على جميع التيارات الفكرية والسياسية دون أن يتعصب لرأي أو ينحاز لقبيلة إلا ما يتعلق باحترام الديموقراطية وحقوق الإنسان"، مشددا على أنه "كان متشبعا بفكرة الكتلة الديموقراطية التي توحد جميع التيارات الجادة من أجل ديموقراطية حقيقية في هذا البلد".