فقدت الجزائر الكثير من نفوذها في محيطها الساحلي، حيث أدار لها المجلسان العسكريان في ماليوالنيجر ظهريهما، في حين يعزز المغرب قوته ونفوذه في الغرب والساحل الإفريقي، وفق تقرير نشراه صحيفة لوفيغارو الفرنسية، وذكرت بأن من تجليات التراجع الدبلوماسي الجزائري، الأزمة السياسية مع مالي.
ومنذ الانقلاب العسكري في مالي، تدهورت علاقات الجزائر و باماكو إلى حد كبير. حيث الصحيفة الفرنسية عن مصادرها في الخارجية الجزائرية أن المجلس العسكري لم يرق له أن الرئيس عبد المجيد تبون طلب منهم تسريع العملية الانتقالية، وأن الجزائر رحّبت بالإمام ديكو (معارض وصاحب نفوذ قوي). حيث لم يتقبل العسكر في مالي التدخل الجزائري في شؤونهم الداخلية.
وتكشف لوفيغارو أن هذا الاتفاق الذي تم توقيعه في عام 2015 لإنهاء الحرب بين باماكو والجماعات المسلحة في شمال مالي والتي استمرت منذ عام 2012، على إعادة انتشار تدريجي للجيش الوطني المالي في المدن الرئيسية بشمال البلاد.
في الواقع، لم يتم تنفيذ الاتفاق، وفي ظل عدم استقرار السلطة المركزية في مالي، وصعود الجماعات الجهادية وتدخل القوى الأجنبية، لم تصبح المنطقة هادئة، بل على العكس تماما.
وتتهم الجزائرمالي برفض مقترحات الوساطة، وطلب انسحاب مينوسما (بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة)، وتكثيف برامج الأسلحة التي تمولها دول ثالثة أو حتى "استخدام المرتزقة (الروس)"؛ فيما تنتقد مالي جارتها بسبب "الأعمال العدائية وغير الودية والتدخل ودعمها للجماعات الإرهابية والانفصالية".
وتؤكد الصحيفة الأخطر من ذلك، إلى جانب المخاوف التي تثيرها الفوضى في مالي على أعلى مستويات السلطة الجزائرية، يضاف العجز الحقيقي عن تهدئة الأزمات التي تختمر على جبهات أخرى.
وتدهور العلاقات مع مالي ليست وحدها في مسلسل ازمات الدبلوماسية الجزائرية خارجيا، هناك النيجر، وعلى الرغم من كونها "دولة شقيقة"، والشريك الاقتصادي والأمني للجزائر، إلا أن العلاقة ساءت أيضا. ففي شهر أكتوبر الماضي، وجّه رئيس الوزراء الانتقالي المعين من قبل المجلس العسكري، كلمات قاسية ضد الجزائر، واتهمها بالرغبة في "التلاعب" بالسلطة الجديدة في نيامي، التي رفضت الوساطة الجزائرية.
وتنقل "لوفيغارو" عن الدبلوماسي والوزير السابق عبد العزيز رحابي حديثه عن "عجز الدبلوماسية الجزائرية التي كانت مؤثرة في المنطقة." ويقول: "ماذا لدينا في مالي؟ هل لدينا بنوك وشركات ومعلمون وأطباء؟ ليس لدينا أي من ذلك، ليس لدينا ما نسميه عناصر أو أدوات التأثير أو الوجود. لسنا مرئيين"، كما صرح لوسيلة إعلام محلية.
ونقلت الصحيفة أيضا عن دبلوماسي جزائري سابق، قوله: " الجزائر، التي تزعزع استقرارها بسبب الانقلابات في منطقة الساحل، وأيضا بسبب انسحاب قوة برخان من مالي، ظلت في راحة دوغمائيتها دون التصرف في مواجهة السياسة الواقعية المفروضة. والأسوأ من ذلك، أنها قللت من أهمية الدور النشط المتزايد الذي تلعبه القوى غير الإقليمية، مثل تركيا أو الإمارات".