بعد "كمالها لنصف الولاية، لازالت الحكومة تواجه سهام الانتقادات الحادة، التي تأتي في سياق عجزها على إيجاد منفذ حقيقي للأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاقبت بشدة على المملكة المغربية منذ توليها مقاليد السلطة التنفيذية، وفي مقدمتها ارتفاع أسعار المواد الغذائية والبترولية بسبب تعاظم مؤشر التضخم وتزايد وتيرة البطالة، إضافة إلى استفحال ظاهرة الإجهاد المائي.
ورغم محاولة الحكومة في العديد من المرات إخراج "عنقها من ضيق الزجاجة" بإعطاء تفسيرات للوضعية الراهنة، تواصل أطراف المعارضة انتقاد العمل الحكومي، خاصة بعد اتهام هذه الأخيرة ب"التنصل" من وعودها الانتخابية. وتعتبر هذه المناسبة فرصة لتقييم أداء الحكومة بعد مرور حوالي 29 شهرا من تنصيبها.
فشل حكومي محض
علي بوطوالة، نائب الأمين العام لفيدرالية اليسار الديمقراطي، قال إن "حكومة أخنوش تعتبر من أفشل وأضغف الحكومات على مر تاريخ المغرب، رغم أنها جاءت في ظرفية صعبة جدا تحكمها الظروف الداخلية والخارجية، لكن مع الأسف الشديد لم تقم بحلحلة بعض القضايا التي لها طابع اجتماعي واقتصادي".
وأضاف بوطوالة، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "الحكومة الحالية عجزت عن حل مشكل التضخم وأيضا إرتفاع الأسعار، بالإضافة إلى الزيادة في ثمن المحروقات الطاقية، وهذا يدل بالملموس على أنها غير قادرة على تحمل المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتعلقة بهذه الوضعية".
وتابع المتحدث عينه أن "مشكل المياه يطرح نفسه بقوة في هذا السياق المتأزم، علما أن المياه التي تم استنزافها راجعة بالأساس إلى القطاع الفلاحي، الذي كان يديره عزيز أخنوش رئيس الحكومة الحالية".
وأشار السياسي المعارض إلى أن "هناك إجماع من طرف جميع الأطياف السياسية والاجتماعية على ضرورة محاربة الفساد، وتشريع قوانين تحد من هذه الظاهرة التي استفحلت، وعلى الحكومة إرجاع قانون الإثراء غير المشروع الذي سيفتح الطريق أمام تفعيل المبدأ الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة".
أهداف وضياع الفرص
من جهته، يرى عزوز الصنهاجي، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أنه "خلال نصف ولايتها، ما يسجل للحكومة هو تفعيلها للدعم الاجتماعي والتقدم في النصوص التشريعية والتنظيمية لإصلاح منظومة الصحة، والتفاعل الإيجابي مع تداعيات "زلزال الحوز"، والنجاح النسبي في تدبير الجفاف إلى حد الآن والحفاظ على التوازنات المالية".
وأورد الصنهاجي، في تصريح ل"الأيام 24″، أن "الحكومة لم تعمل على التدخل لتخفيف غلاء الأسعار، وأسعار المحروقات تحديدا؛ ولم تقم بتحسين مناخ الأعمال، حيث لا يزال هناك تضارب للمصالح والتفاهمات غير المشروعة التي أكدها مجلس المنافسة؛ كما أن نسبة البطالة وصلت إلى معدلات لم نصلها منذ التسعينات".
وزاد أيضا أن الحكومة "لم تقم بتفعيل ميثاق الاستثمار الجديد لإحداث ما يلزم من مناصب الشغل. أما بخصوص مسألة التعليم، لم تستطع بعد الحكومة الشروع في إصلاح المناهج والبرامج، وكان تدبيرها لاحتجاجات الشغيلة التعليمية مرتبكا ويفتقد إلى الحس السياسي الاستباقي".
وأضاف الصنهاجي أيضا أن "الخدمات الصحية لم يقع فيها تقدم كبير، وذلك شرط أساسي لإعطاء المعنى الحقيقي لورش تعميم التغطية الصحية"، مشيرا إلى أن "الحكومة أيضا لا تتعاطى مع البرلمان بالشكل المطلوب (عدم الحضور المتواتر لرئيس الحكومة والوزراء إلى البرلمان؛ عدم الجواب على أسئلة البرلمانيبن في الآجال الدستورية؛ التعاطي المستخف مع مقترحات القوانين…)".
وأردف السياسي المعارض أن "الحكومة كذلك لم تستطع لا الوفاء بالتزاماتها مثل مدخول الكرامة، والأحرى أن تستطيع التفاعل مع توصيات ومرتكزات النموذج التنموي الجديد"، مبرزا أنها "لا تتفاعل إيجابا وفعليا مع تقارير مؤسسات الحكامة، مثل المجلس الأعلى للحسابات".
وفيما يتعلق بالماء، أكد عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن الحكومة "لم ترد الاعتراف بأن الفلاحة التصديرية هي التي تستنزف معظم مواردنا المائية ( أكثر من 87 في المائة)، وبالتالي تصر على عدم مراجعة مخطط الجيل الأخضر لكي يتم تكييف نموذجنا الفلاحي مع متطلبات وآثار التغيرات المناخية".