أكد محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ علم السياسة والسياسات العمومية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن شروع الجزائر في استغلال الحديد ب"غار اجبيلات" يسائل الجانب القانوني لهذا الإخلال بالمعاهدات الدولية في ظل سريان اتفاق الاستغلال المشترك مع المملكة المغربية منذ 1972.
وأوضح بنطلحة، في تصريح ل"لأيام 24″، أن هذا الاتفاق المشترك بين المغرب والجزائر، "تسري مدته ل60 عاما، وما يؤكد ذلك هو الوثيقة التي نشرتها الجريدة الرسمية الجزائرية قبل خمسين سنة مرفوقة بأمر يحمل توقيع الراحل هواري بومدين تحت رقم 73-21 بتاريخ 17ماي 1973 والتي نشرت بالجريدة الرسمية الجزائرية عدد 4 8،السنة العاشرة في 15 يونيو 1973، وتنص على تأسيس شركة جزائرية مغربية لاستثمار منجم غار اجبيلات، ويشار إليها باسم الشركة الجزائرية المغربية (ش.ج.م)".
وذكر أستاذ علم السياسة والسياسات العمومية أن هذه الاتفاقية الدولية تحمل اسم "المعاهدة الجزائرية المغربية المتعلقة بخط الحدود القائمة بين الدولة المغربية والدولة الجزائرية"، ويشير الاتفاق، يضيف المتحدث ذاته إلى أن احتساب موعد الاستغلال المشترك ينطلق من تاريخ البدء الفعلي في العملية، وينص أيضا على أنه عند انتهاء مهمة الشركة تتشاور الدولتان من أجل التوصل لاتفاق مشترك من أجل تحديد الصيغة التي تعطى لتعاونهما من بعد في هذا الميدان.
وسجل بنطلحة أنه "جاء في الاتفاقية أيضا أن الشركة يجب أن يكون لها مقر في الجزائر وآخر في المغرب وأن تكون الأسهم بنسبة 50 بالمئة بين الطرفين، علما أن هذا المنجم يوجد في أراضي الصحراء الشرقية التي تضم ولايات تندوف وبشار وأدرار، وهي أجزاء من تراب المملكة المغربية التي ضمتها فرنسا غصبا وقسرا إلى الجزائر كما تؤكد ذلك الوثائق التاريخية، كما أن هناك وثائق تؤكد بأن الحكومة الجزائرية المؤقتة آنذاك ستقوم بإرجاع الأراضي التي ضمتها فرنسا للجزائر فور خروج الاستعمار الفرنسي".
وشدد المتحدث ذاته على أن "القضاء الدولي مطالب بالبث في هذا الخرق السافر للقانون الدولي، انطلاقا من المادة 17 من الاتفاقية، حيث جاء فيها "… ففي حال وقع نزاع بين الطرفين بخصوص تأويلها أو تطبيقها وفقا لمعاهدة إفران( أي اتفاق ترسيم الحدود) يتم رفع النزاع إلى محكمة العدل الدولية للبث فيه" وهو فصل أساسي في صلب معاهدة 1972″.
وزاد قائلا: "القانون الدولي واضح بالنسبة لتحلل النظام الجزائري من هذا الاتفاق، لأن المبدأ هو أنه لايجوز لدولة أن تتحلل بإرادة منفردة من المعاهدات التي ترتبط بها، وقد تأكد هذا المبدأ في تصريح لندن سنة 1871 الصادر بمناسبة تحلل روسيا من التزاماتها المقررة في اتفاقية باريس لسنة 1856 المتعلقة بحياد البحر الأسود".
وأشار بنطلحة إلى أن القانون الدولي يؤكد طبقا للمادة 60 من اتفاقية فيينا،أنه إذا أخل أحد أو بعض أطراف معاهدة ما بالالتزامات الناشئة عنها أو خالف أحكامها، فإن من حق الطرف الآخر أو الأطراف الأخرى أن يفسخوا المعاهدة أويوقفوا العمل بها،مما من شأنه إبطال كل الاتفاقيات السابقة.
وخلص بنطلحة إلى أن " النظام العسكري الجزائري بهذا الفعل اللامسؤول والذي يخالف المعاهدات والقوانين الدولية،يريد جر المنطقة إلى مستنقع التصعيد،بل إنه أصبح في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي،ويرتكب أخطاء استراتيجية على المستوى الإقليمي والدولي حيث فقد البوصلة وبات يلعب بالنار و عليه أن يتحمل مسؤولية أخطائه".