في الوقت الذي كان فيه مراسل الجزيرة، وائل الدحدوح، يزاول نشاطه الصحفي بكل مهنية وحياد، وأثناء نقله لمشاهد مروعة من مكتب الجزيرة بقطاع غزة، بعد غارة قوية استهدفت منطقة جنوب وادي غزة في مخيمات "النصيرات"، التي تتواجد ضمن المناطق التي طلب الاحتلال من السكان التوجه إليها، تفاجىء "الدحدوح" أن الغارة الجوية داهمت منزله واسقطت شهداء كثر من بينهم ابنه وزوجته وابنته. في مشهد مؤلم وحزين نقلته عدسات مصورين "الجزيرة" الإخبارية، ولم يكن في مقدور الشعب العربي عامة والمغربي على وجه الخصوص سوى مواساة المراسل "المكلوم" والزميل الذي تميز واشتهر "بتغطيته الدقيقة للقصف الإسرائيلي والمجازر العديدة التي يرتكبها في عدوانه المتواصل على قطاع غزة، ونقل حجم الدمار والاستهداف الواضح للمدنيين العزل في القطاع".
ولنقل حقيقة وتفاصيل الواقعة التي شهدت عليها الرقعة الجغرافية بجنوب وادي غزة، كان لابد ربط الإتصال بزميلنا "وائل الدحدوح"، الذي استمر في ممارسة مهامه مباشرة بعد تشييع جثمان عائلته الشهيدة.
وبنبرات الحزن والألم قال وائل الدحدوح، مراسل الجزيرة بقطاع غزة، إنه "من الصعب الحديث عن الفقد والوجع والألم لكن هذا هو قدرنا ووضعنا الحالي، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون، هذا مصاب كبير حيث كنت على الهواء مباشرة ساعة استهداف أسرتي في المنزل الذي نزحت إليه، وسط قطاع غزة في منطقة النصيرات".
وأضاف وائل الدحدوح، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه "كنت أتحدث عن الغارات والمجازر في نقل مباشر، قبل أن يأتي أحد الزملاء قال لي أن المكان المستهدف الذي تتحدث عنه هو المكان الذي تتواجد به أسرتك، وبالفعل عندما توجهت إلى المكان وجدت أن عائلتي سقط عليها المنزل".
وتابع المتحدث عينه أنه "في المستشفى كان الوضع صعب جداً، بين تكفين الشهداء والبحث عن الجرحى، أين يحيى وأين خلود وبتول ووفاء، هذا يحتاج إلى تصوير والاخر يحتاج إلى عملية جراحية أو تقطيب، لقد أمضينا ليلة سوداء صعبة للغاية".
"في الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس، قمنا بتشييع الشهداء ودفنهم في قبر جماعي، بصعوبة وجدنا قطعة أرضية لدفن هؤلاء الشهداء ضحايا الحرب العدوانية الإسرائيلية"، يقول المتحدث.
واستدرك الدحدوح قائلا: "ذهبت إلى المستشفى من أجل ترقب حالة باقي أفراد الأسرة، ثم رجعت فورا لتأدية عملي كمراسل للجزيرة العربية، وأواصل على نقل الأحداث كما هي إلى المشاهد، ورصد كل الغارات الجوية التي يتم استهداف بها الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، والمجازر الدموية التي ترتكب في حق كل فلسطيني".
وخلص المراسل حديثه بالتأكيد على أنه "حتى هذه اللحظات نقول دائما هذا الوجع عظيم والفراق صعب، وهذا الجرح لا يقتطب، وسأستمر في أداء هذا الواجب ونقل كل تفاصيل الحرب إلى حين وصول خاتمة حياتي كباقي الشهداء السابقين".