أسوأ أنواع النشالين عادة، أولئك الذين إن ضبطتهم يمدون يدهم في جيبك، يقولون بابتسامة ملغزة: "كنت غير تانضحك معاك، باش نشوفك واش غادي تعيق بي ولا لا!"
حينها لا يجد الكثيرون منا، سوى أن يعتبروا الأمر مزحة، ويتجاوزون الأمر، مادامت الحكاية في النهاية، انتهت بدون خسائر المثير في الحكاية هنا، أن نفس هذه الطريقة، أصبحت سلوكا سياسيا. لا نتحدث عن النشل هنا (حاشا ولا يتمثل أن نقارن السياسة بالنشل)، نتحدث عن قاعدة "كنت غير تانضحك معاك، باش نشوفك واش غادي تعيق بي ولا لا!"
السيد "مجرد رئيس الحكومة" قصد الدشيرة الجهادية قبل أيام، وقال من بين ما قال: "هناك من يهددنا ونحن نعرف قراءة الرسائل لكننا لا نريد أن نفضح الأمور، و إذا مات سي بها فنحن مستعدون للموت في سبيل الله". بنكيران ببساطة، ربط بين تهديدات قال إنه يتلقاها، وبين وفاة باها، وقال إن كل البيجيديين مستعدين للموت في سبيل الله، ولكن... ملي سخن الطرح، واعتبر الناس أن الجملة أعلاه، تعني فيما تعنيه، أن هناك شكوكا تحوم حول وفاة باها، وهو ما توحي به الجملة ... خرج مقربون من بنكيران لينفوا الأمر، وليعتبروا أن كل تفسير لهذه الجملة، هو مجرد "تأويلات غريبة"، وأن بنكيران ينفى بشكل قاطع أن يكون قد شكك في الحادثة أو أراد إدخال الريبة في نفوس المغاربة معتبرا رحيل باها حادثا عرضيا.
… كون زعما تاواحد ما انتبه لكلام بنكيران، وتاواحد ما قال راه رئيس الحكومة يشكك في ملابسات وفاة الراحل باها، كون ما جا لا نفي لا تفسير… ولكن ملي كلشي ضرو راسو وبغا يفهم ما قصده بنكيران، خرج علينا "مجرد رئيس الحكومة" بتفسير يشبه إلى حد كبير ديك اللعيبة ديال " كنت غير تانضحك معاك "
قبل بنكيران، فاق شباط واحد النهار، وهو يقول لينا إن بنكيران عندو علاقة مع داعش والنصرة والموساد… ملي سولوه كيفاش دار لهاد "التخربيقولوجيا" أجاب بأن كل هاديك الهضرة هي "تحليل شعبي"! ما معنى "تحليل شعبي"؟ … في نظري المتواضع، "التحليل" الشعبي، هو مرادف لضرورة "تحريم" ممارسة السياية على أشباه شباط، والله أعلم
… بعد "تبوريدة" بنكيران في الدشيرة الجهادية، التي اعتبر فيها أيضا أن الله راضي على الحكومة لدرجة أنه طيح ثمن البترول وليصانص والمازوط و… طيح الشتا بزاف. بعد هذه التبوريدة الجهادية، وحديثه عن الاستعداد للموت مثل باها، خرج علينا (ديما تا يخرجو علينا ما عرفتش علاش)، واحد العبقري اسمه "أحمد الهلالي"، عضو حركة التوحيد والإصلاح، وقال: "شباط بخلقه لأجواء فتنوية وتحريضه الهستيري ضد رموز الحكومة والعدالة والتنمية هو المسؤول الأول عن موت عبد الله باها".
ملي وقفات البيضة فالطاس، وقالو ليه هاد الشي خطير وخاص تحقيق فمثل هاد الكلام، قال ليهم: "حينما سئل شباط عن اتهاماته لرئيس الحكومة بالنتماء للموساد وداعش وجبهة النصرة، أجاب أن هذا الأمر مجرد تحليل شعبي وما كتبته على الفايسبوك هو اختبار لهذه النظرية" ... التلاعب بملف حساس مثل وفاة الراحل باها، أصبح مجرد اختبار، واختبار لاش؟ هادي هي الكارثة الأفظع... الهلالي قال ليك بغا يختبر "نظرية شباط"!... علاه كون شباط قادر ينتج نظرية أو فكرة... أو مجرد جملة لها معنى، كنا غادي نوصلو لهاد الحالة؟؟
بالتزامن مع هاد الضحك الباسل كله، طالب بيجيديون بالتحقيق مع شباط في ما اعتبروه تصريحات لزعيم وأيقونة حزب الاستقلال تضمنت ما اعتبروه، تهديدا مبطنا لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بالقتل. وطالب الاستقلاليون بالتحقيق في كلام بنكيران المشكك حسبهم في رواية وفاة الراحل باها ... وخرج "يتيم" بدوره ليعتبر أن المطالبة بإعادة التحقيق في ملابسات وفاة باها، متاجرة بدم الوزير الراحل، دون أن يعتبر أيضا، أن استعمال وفاة باها، من طرف قادة البيجيدي... هي أيضا نوع من المتاجرة بدم الوزير الراحل
... المهم في الحكاية هنا، أن: كل هاد الأنواع ديال البشر الذين يمارسون ما يسمى سياسة في بلدي، ملي تايحصلو... تا يقلبوها "غير كنت تانضحك معاك"
ما يقولونه في النهاية، هو مجرد كلام يطلبون منا ألا نتوقف عندهن وألا ننتبه إليه لأنه، لا يعني ما فهمنا، ولا يعني أصلا ما قالوه...
الأموات في بلدي، أصبحوا مجرد وسيلة أخرى من وسائل "تقرقيب الناب" السياسي الأموات... والتهديد بالقتل، والاتهام بالقتل والتصريح بالاستعداد للموت في سبيل الله ... كل هذه البشاعة، أصبحت ببساطة، نظريات سياسية تُختبر وتُمارس
... في كل التجارب الإنسانية على مر التاريخ، حين يصل البشر إلى الحضيض، يبدؤون في النحت على الصخر بالأظافر كي يعودوا إلى السطح... كي يطفوا على السطح من جديد في زمن بنكيران وشباط ومن معهما... هم أيضا يصلون إلى الحضيض، إلى القعر...
وحينها فقط، يبدؤون هم أيضا... في حفر القعر، ليس من أجل العودة إلى السطح، فقط من أجل البحث عن حضيض أعمق يحفرون قعرهم حتى بجثة راحل مثل باها... اللهم وفقهم في حفرهم! ... ربما حينها، نستطيع العودة للسطح