إن المتأمل للمشهد الحزبي في المغرب اليوم يقف مشدوها أمام ، المستوى الذي وصلت إليه بعض الأحزاب تنظيميا وسياسيا على الأقل ، وليس ما وقع للاستقلاليين في مؤتمرهم مساء الجمعة 29 شتنبر 2017 بجديد فقد سبقته مؤتمرات أكثر غرائبية وسريالية . الاستقلاليون أكدوا بالملموس، أن السياسة كعمل نبيل يروم خدمة المواطنين ، ماتت من زمان ولم يبق سوى أفراد يتسابقون نحو مواقع حزبية ، للظفر بكراسي سياسية وزارية أو برلمانية ولتذهب كل تكهنات المحللين حول تخليق الحياة العامة والانتقال السياسي الديمقراطي إلى الجحيم .
فحرب الصحون التي اندلعت مساء أمس بين أنصار حميد شباط وحمدي ولد الرشيد الذي يدعم نزار بركة سارت بذكرها المواقع ومنصات التواصل الاجتماعي "الأمريكية".
لقد عايشت الاستقلاليين عن قرب فيهم رجال صادقون بالفعل وآخرون امتهنوا السياسة بالوراثة وبينهما متسلقون يبحثون عن جزء من كعكة السياسة التي لم يعد لها طعم .
أن يقع ما وقع في حزب الاستقلال، وهو الحزب الذي وصفه الملك محمد السادس في رسالة تهنئة إلى حميد شباط عشية انتخابه أمينا عاما قبل خمس سنوات، بالحزب العتيد في المشهد السياسي الوطني، فهذا ينبئ عن حجم التراجع الذي عرفه الحزب على مستوى الديمقراطية الداخلية إن وجدت ، ويكشف عن خلافات حادة لا تخطئها العين، كما يكشف أن الأحزاب دونه بعيدة بعد المشرقين عن الفعل السياسي الذي ينبني في الأساس على الأخلاق والتعاقد مع الناخب وفق أولويات محددة .
إن حرب الصحون والكراس داخل حزب عتيد، تؤشر بشكل بديهي على أن حروبا أخرى يمكن أن تندلع داخل أحزاب أقل عتادا وعدة وصحونا من حزب الزعيم علال الفاسي.
لكن بعض المحللين الأكثر ايجابية، يذهبون إلى أن ما وقع لحزب الاستقلال يدخل في باب التدافع العادي الذي يمكن أن يحدث داخل أي مؤسسة حزبية، فيما يرى آخرون أن هذا التطايرالمثير للكراسي والصحون ليس احتفالا غريبا او تدافعا بل هو عنف تمت ممارسته داخل مؤتمر وهو أعلى هيئة تقريرية في الحزب ، والسياسة ليست فعلا عنيفا بالضرورة.
فهل نستدل على موت السياسة بمثل هذه الحوادث العابرة للمواقع وشبكات التواصل الاجتماعي في 2017، آم أن جلب وجوه في الدقائق الأخيرة للمؤتمرات الحزبية والكولسة وعزوف الناس على الانتخابات خاصة الشباب وتراجع نسب المشاركة فيها ، وتدني الخطاب السياسي و طغيان المحسوبية والزبونية في هذه الأحزاب وتنظيماتها الموازية هو المؤشر؟ .
قطعا هذا كله يدفع إلى التساؤل .. ما جدوى هذه الأحزاب أصلا إن كان المراد هو مجرد تأثيث لمشهد غير مقنع حتى لأصحابه، بله أن يقنع مواطنا سئم الوعود والوجوه التي شاخت صورها على صفحات الجرائد الورقية وشاشات الحواسيب.