بعد رفع مؤسسة وسيط المملكة تقريرا إلى رئيس الحكومة، بشأن النقاش المثار حول امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، والذي تضمن مقترحات وتوصيات، شكلت خلاصة الوساطة التي باشرتها هذه المؤسسة في الموضوع، وبناء على بلاغ المؤسسة الذي حمل بين ثناياه ما يشير إلى الإقرار بوجود اختلالات شابت تدبير المباراة، يبقى سؤال المسؤولية مطروحا على مختلف المستويات. وفي تعليقه على بلاغ مؤسسة وسيط المملكة بشأن التقرير الذي رفعته إلى رئيس الحكومة، قال عبد الحفيظ اليونسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، "إننا أمام بلاغ يشير إلى وجود تقرير أنجزه وسيط المملكة بخصوص ما شاب مباراة ولوج مهنة المحاماة، وأيضا الوساطة التي قام بها بين الأطراف ذات العلاقة بالموضوع (الشباب المعتصمين، ووزارة العدل ورئاسة الحكومة)".
وأضاف اليونسي، في تصريح ل"الأيام24″، أن "البلاغ، يتضح بين ثناياه، أن هناك بعض الاختلالات التي شابت تدبير هذه المباراة"، مشيرا أنه بناء على ذلك، فإن ما "كان يروج في الإعلام وعلى لسان بعض المرشحين، أصبح اليوم -ضمنيا- في تقرير لمؤسسة دستورية، أي أننا أمام تدبير لمباراة كانت فيها مجموعة من الاختلالات، وهو ما أشار إليه البلاغ بضرورة توفير ضمانات لطمأنة المرتفقين، بمعنى أن ما جرى في السابق لم يكن يصل إلى هذا المستوى، ويُفهم به بطريقة ضمنية، أننا أمام اختلالات".
وتابع المتحدث: "ما يجب أن يترتب عن هذه الوساطة والبلاغ والتقرير، هو تحميل المسؤولية السياسية والقانونية والإدارية لمن ساهم في هذا الاختلال"، مؤكدا أن "وزير العدل والإدارة المشرفة على المباراة من الناحية التقنية واللوجيستيكية ومن الناحية الإدارية والبيداغوجية، عليهم أن يتحملوا المسؤولية كاملة في هذا المجال".
وأوضح اليونيسي، أن "تحميل المسؤولية يأخذ 3 مستويات، المستوى الأول هو المسؤولية السياسية، وعليه يجب على الوزير أن يقدم استقالته أو أن تقوم السلطة الدستورية المخول لها ذلك بإعفائه نظرا لوجود هذا النوع من الاختلالات. والمستوى الثاني تدبيري، وعليه يجب أن لا يشرف الوزير على الإجراءات التي يمكن أن تعرفها المباراة في المرحلة المقبلة"، مشيرا أنه "لا يمكن لطرف نزاع أن يكون طرفا في تدبير مشكل كان هو السبب فيه".
"أما المستوى الثالث"، يردف المتحدث، موضحا "فهو المتعلق بالمسؤولية القانونية، حيث يجب أن يأخذ البحث مسارات أخرى بناء على تقرير مؤسسة وسيط المملكة".
يشار أن مؤسسة وسيط المملكة، قالت في بلاغ لها، أنها رفعت "تقريرا خاصا" إلى رئيس الحكومة، حول النقاش الذي أثير بمناسبة امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة الأخير، وذلك في إطار مقتضيات القانون رقم 14.16، ضمنته مقترحات وتوصيات شكلت خلاصة الوساطة الهامة التي باشرتها في الموضوع، وذلك في سياق علاقة ارتفاقية قائمة على الثقة وحسن النية؛ منوهة في نفس الوقت بالتجاوب الكبير والتفاعل الإيجابي والمسؤول الذي اتسمت به اللقاءات المجراة مع رئيس الحكومة ووزير العدل، ورئيس وأعضاء مكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب، وكل المعنيين الذين تسنى الإنصات إليهم حول مختلف جوانب الموضوع.
وقد خلص التقرير الخاص إلى تقديم التوصيات والمقترحات التالية: الإعلان عن امتحان جديد يستجيب لنفس شروط امتحان دورة 04 دجنبر 2022، مع الحرص على إعلان النتائج النهائية ومنح شهادات الأهلية للممتحنين الناجحين في الامتحان الجديد بداية شهر أكتوبر المقبل، لتمكين من أراد منهم من الاستفادة مع زملائهم من مقتضيات المادة 11 من القانون المنظم لمهنة المحاماة في شأن تقديم طلب الترشيح للتقييد في لائحة المحامين المتمرنين.
كما خلص التقرير إلى التزام وزارة العدل بتوفير متطلبات القرب الارتفاقي في إيداع الطلبات بالنسبة لمن لا تسمح لهم ظروفهم بالإيداع المادي لملفات الترشيح المقبلة، وذلك من خلال اعتماد آلية الإيداع الإلكتروني، مع الاستمرار في إتاحة الفرصة لكل الممتحنين للاطلاع على أوراق الامتحان متى طلبوا ذلك، وإيجاد حلول استثنائية، بالنسبة لهذا الامتحان، بالنسبة للمترشحين الذين لم تعد تتوفر فيهم الشروط المتطلبة في الامتحان السابق كعامل السن أو غيره.
وأكد الوسيط ضرورة إحاطة الامتحان الجديد بكل الضمانات الممكنة التي من شأنها أن تبعث على الاطمئنان لدى الممتحنين، مع مراعاة نتائج الامتحان الجديد ضمن التصورات والسياسة التدبيرية المستقبلية ذات الصلة.
وأوصت المؤسسة بالأخذ بعين الاعتبار مختلف المقترحات الواردة في التقرير وفق آجال زمنية محددة تتيح إمكانية تسليم شواهد الأهلية في بداية شهر أكتوبر المقبل، مسجلة الانخراط الواضح والتجاوب الكبير اللذين عبرت عنهما وزارة العدل خلال كل مراحل معالجة هذا الملف.