تشكيل لجنة حقائق للوقوف على مابات يعرف إعلاميا ب"فضيحة استيراد الغزوال الروسي" بأثمنة منخفضة وإعادة بيعه في السوق المغربي بثمن أعلى من سعره الحقيقي. يبدو أن طريق اللجنة، "موحلة ووعرة" بعدما تعذر على الأطراف السياسية البرلمانية التي قدمت المباردة الرقابية وهم، فرقا الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية والمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، جمع التوقيعات اللازمة لإخراج لجنة تقصي حقائق في الموضوع إلى حيز الوجود. ووجدت الأطراف السياسية التي قدمت المبادرة الرقابية في سياق حشد التأييد البرلماني لهه الخطوة، على اعتبار أنهم المباردة تحتاج جمع توقيعات ما لا يقل عن ثلث أعضاء مجلس النواب، المتكون من 395 عضواً، ما يمثل نحو 132 توقيعاً. ولجمع هذه التوقيعات وجه أصحاب المبادرة رسالة إلى أعضاء مجلس النواب طالبين الحصول على توقيعات لتشكيل "لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول واقعة استيراد الغازوال الروسي من طرف شركات تعمل في المغرب، وما ارتبط بها من شكوك بخصوص مدى شفافية العملية وسلامتها ومشروعيتها".
المبادرة التي انظم إليها ثلاث أحزاب من المعارضة، يغيب حزب رابع، يتعلق الأمر بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي اختار الصمت ورفض التوقيع على مباردة تشكيل لجنة تقصي حقائق حول الغازوال الروسي.
وبحسب مصدر خاص من المعارضة، أكد ل"الايام 24″ أن المباردة الرقابية لا تخص الأحزاب الثلاثة الموقعة،ولكن مفتوحة لجميع البرلمانين سواء من في المعارضة أو الأغلبية، على اعتبار أن هدفها الأساسي هو البحث والإجابة عن أسئلة كثيرة مرتبطة بالملف، نظرا لأنه يمس الاقتصاد الوطني وتباين الحقيقة الغائبة.
والمصدر ذاته، اعتبر أن المبادرة تم عرضها على رئيس الفريق الاشتراكي، عبد الرحيم شهيد، وعرض عليه المبادرة، لكنه طلب مهلة إلى حين اجتماع المكتب السياسي للحزب من أجل اتخاذ قرار حيال الموضوع، مبرزا أنه بعد الاجتماع تبين أن الفريق غير متحمس لهذه الخطوة، وهو ما استدعى الإعلان عنها من طرف المكونات الثلاثة.
في وجه جميع النواب الذين يمكنهم التوقيع عليها، سواء من فرق المعارضة أو فرق الأغلبية، مضيفا أن الهدف هو كشف الحقيقة وطمأنة الرأي العام الوطني.
سبب تخوف الأغلبية البرلمانية من تشكيل لجنة تقصي الحقائق في الموضوع، مؤكدا أن الداعين لتشكيل اللجنة، أي الفريق الحركي والاشتراكي والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية، لا يريدون اتهام أي طرف، بل يريدون الوقوف عند الحقائق. وانتقد المتحدث ذاته تفاعل بعض نواب حزب "التجمع" مع المبادرة، قائلا، إن كانوا على ثقة بأن رئيس الحكومة بصفته الاقتصادية في القطاع لا يستورد الغازوال الروسي وغير متورط فعليهم التوقيع إبراء للذمة. وأشار الحموني إلى أن المكونات الثلاث أحاطت الرأي العام بطلب تشكيل اللجنة، لكي يتابع الموضوع وما يقع، منبها إلى أنه سيتم عقد ندوة صحفية في الأيام المقبلة، حول اشتغال المعارضة ما بين الدورتين والآفاق المستقبلية، كما سيتم عقد ندوة أخرى في حال عدم جمع النصاب القانوني لتشكيل اللجنة، والتي سيتم فيها ذكر أسماء الموقعين وترك البقية أمام مسؤوليتهم السياسية تجاه المواطنين.
المبادرة الرقابية "تأتي إثر ما تم تداوله من لجوء شركات متخصصة في الاستيراد الحر للمحروقات إلى اقتناء الغاز الروسي بكميات كبيرة، لكن مع أسئلة أُثيرت تتعلق بالوثائق المثبتة لمصدر هذا الاستيراد وأسعاره، وكذا الأرباح التي تحوم الشكوك حول مشروعيتها، وحول شفافية العمليات التجارية المرتبطة بها. علاوة على ما يمكن أن يكون قد حصل من مضاربات تأسست على إعادة تصدير هذا الغاز الروسي المستورد خارج الضوابط المعمول بها إلى بلدان أخرى تحظر استيراده".
دريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، ومنسق المعارضة، ربط الاتصال
المبادرة
الرسالة أن الهدف هو وقوف مجلس النواب على حقيقة هذه الشكوك والشبهات، لا سيما أن الموضوع له ارتباط وثيق بالأمن الطاقي، والفاتورة الطاقية وغلاء الأسعار، والقدرة الشرائية للمواطن المغربي وقدرات المقاولة الوطنية، والمداخيل الضريبية المفترضة، وبحكامة عالم الأعمال. كما أشار الموقعون على الطلب إلى أن المبادرة ترمي إلى توضيح ملابسات الموضوع، بغاية أن تُتَّخذ الخطوات اللازمة من طرف السلطات المعنية، كل من موقع مسؤوليته واختصاصاته، موضحين أن الهدف أيضاً هو «استيضاح أسئلة أخرى بخصوص إمكانية حصول مضاربات تأسست على إعادة تصدير الغاز الروسي المستورد، جزئياً أو كلياً، بشكل أو بآخر، وخارج الضوابط والقواعد المعمول بها». وتشير الرسالة إلى أن حصة واردات الغاز الروسي كانت في حدود 9 في المائة سنة 2022، لكنها وصلت خلال الشهرين الأولين فقط من عام 2023 إلى نحو 13 في المائة، حسب إحصائيات إدارة الجمارك المغربية، وأنه «اعتباراً لانخفاض سعر الغازوال الروسي، دون أن يكون لذلك انعكاس واضح على أسعار المواد الطاقية في السوق الوطنية، فإن الأمر يعزز بعض الشكوك والشبهات حول حقيقة ونزاهة وشفافية الأسعار والأرباح، ووثائق مصدر الاستيراد». ويأتي طلب تشكيل هذه اللجنة بناء على الدستور المغربي، الذي نص في الفصل 67 منه على أنه «يجوز أن تشكل بمبادرة من الملك، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين، لجان نيابية لتقصي الحقائق، يُناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة، أو بتدبير المصالح أو المؤسسات والمقاولات العمومية، وإطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها»، وكذا بناء على القانون التنظيمي المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق، والنظام الداخلي لمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان).