كشف مصدر قيادي من فرق المعارضة بمجلس النواب، التي وجهت رسالة إلى رئيس المجلس من أجل تقديم طلب تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول "واقعة استيراد الغازوال الروسي وما ارتبط بها من شكوك بخصوص مدى شفافية العملية وسلامتها ومشروعيتها"، (كشف) كواليس هذه المبادرة. وأوضح المصدر ذاته أن طلب تشكيل هذه اللجنة غايته كشف حقيقة ما يروج بشأن استيراد الغاز الروسي، وما يرتبط به من شكوك، وليس موجها ضد أي طرف، ولفت إلى أن فريق الحركة الشعبية والمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية وفريق التقدم والاشتراكية الموقون على هذه المبادرة عرضوا على الفريق الاشتراكي قبل الإعلان عنها. وأشار مصدر هسبريس إلى أن إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، ومنسق المعارضة، ربط الاتصال برئيس الفريق الاشتراكي، عبد الرحيم شهيد، وعرض عليه المبادرة، لكنه طلب مهلة إلى حين اجتماع المكتب السياسي للحزب من أجل اتخاذ قرار حيال الموضوع، مبرزا أنه بعد الاجتماع تبين أن الفريق غير متحمس لهذه الخطوة، وهو ما استدعى الإعلان عنها من طرف المكونات الثلاثة. وشدد المتحدث ذاته على أن المبادرة مفتوحة في وجه جميع النواب الذين يمكنهم التوقيع عليها، سواء من فرق المعارضة أو فرق الأغلبية، مضيفا أن الهدف هو كشف الحقيقة وطمأنة الرأي العام الوطني. وبحسب الفصل 67 من الدستور يجوز أن تشكل بمبادرة من الملك، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين، لجان نيابية لتقصي الحقائق، يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة، أو بتدبير المصالح أو المؤسسات والمقاولات العمومية، وإطلاع المجلس الذي شكلها على نتائج أعمالها. ولا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية، ما دامت هذه المتابعات جارية. وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق، سبق تكوينها، فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها. وتعتبر لجان تقصي الحقائق مؤقتة بطبيعتها، وتنتهي أعمالها بإيداع تقريرها لدى مكتب المجلس المعني، وعند الاقتضاء بإحالته على القضاء من قبل رئيس هذا المجلس. وإلى حد الآن لم تستطع الفرق التي دعت إلى هذه المبادرة الحصول على توقيعات ثلث أعضاء مجلس النواب، التي يشترطها الدستور لتشكيل لجان تقصي الحقائق، وهو ما يبدو متعذرا حتى إذا انضم الفريق الاشتراكي إلى قائمة الموقعين، إذ لن يتعدى عدد التوقيعات 98 توقيعا، فيما يتطلب تشكيل هذه اللجنة جمع أزيد من 131 توقيعا. ردا على ذلك، اعتبر المصدر الذي تحدث لهسبريس أن فرق المعارضة حتى ولو لم تكن تتوفر على الثلث فإنها تنتظر انخراط نواب الأغلبية في هذه المبادرة، مشيرا إلى أن من شأن تشكيل هذه اللجنة إعادة الاعتبار للأدوار الرقابية للبرلمان. وتأتي هذه المبادرة الرقابية، بحسب الموقعين عليها، إثر ما تم تداوله من لجوء شركاتٍ متخصصة في الاستيراد الحر للمحروقات إلى اقتناء الغاز الروسي، بكمياتٍ كبيرة، لكن مع أسئلة حارقة تتعلق بالوثائق المثبِتة لمصدر هذا الاستيراد وأثمانه، وكذا بالأرباح التي تحوم الشكوك حول مشروعيتها، وحول شفافية العمليات التجارية المرتبطة بها؛ علاوة على ما يمكن أن يكون قد حصل من مضاربات تأسست على إعادة تصدير هذا الغاز الروسي المستورد، خارج الضوابط المعمول بها، وذلك إلى بلدان أخرى تحظر استيراده. وتهدف مكونات مجلس النواب، من وراء هذه المبادرة، بحسب رسالة الموقعين عليها، إلى وقوف مجلس النواب على حقيقة هذه الشكوك والشبهات، لاسيما أن الموضوع له ارتباطٌ وثيق بالأمن الطاقي، والفاتورة الطاقية، وغلاء الأسعار، والقدرة الشرائية للمواطن المغربي، وقدرات المقاولة الوطنية، وبالمداخيل الضريبية المفترضة، وبحكامة عالَم الأعمال. كما تهدف المكونات المذكورة، من وراء المبادرة، إلى استيضاح ملابسات وحيثيات الموضوع، بغاية أن تتخذ الخطوات اللازمة في ما بعد، من طرف السلطات المعنية، كلٌّ من موقع مسؤوليتها واختصاصاتها، وفي إطار ما يتيحه الدستور والقانون، من أجل طمأنة الرأي العام في حال انتفاء الشبهات، أو من أجل ترتيب الآثار الضرورية في حال ثبوتها.