مباشرة بعد وصول لولا داسيلفا إلى سدة الحكم في البرازيل، طُرح السؤال الكبير الذي يرسم معالم العلاقات الخارجية للمغرب مع شركائه التقليدين والجدد. ومن هذا المنطلق تنتظر الرباط انعطافة في الموقف الرسمي البرازيلي في ملف الصحراء، خاصة وأن الأخيرة تحاول النأي بنفسها عن الدخول في الملف رغبة في عدم خسارة أحد الأطراف المتنازعة من المغرب أو الجزائر. الرغبة القوية للمغرب لدفع شركائه إلى الخروج من مناطقهم الرمادية، ظهرت جليا في تمثيل رئيس الحكومة عزيز أخنوش للملك محمد السادس في حفل تنصيب الرئيس البرازيلي الجديد، والرسالة الملكية إلى داسيلفا، تطلع فيها تعاون أكبر من أجل ترسيخ الشراكة الاستراتيجية المتعددة الأبعاد القائمة بين البلدين.
وفي ظل تراجع تأثير أطروحة الإنفصال التي تروج لها جبهة البوليساريو في أمريكا اللاتينية خلال السنوات الماضية، رغم تمكنها من تحصيل اعترافات من قبل السياسين من تيار اليسار الذين وصلوا إلى الحكم في عدد من دول المنطقة، لكن البرازيل لم يسبق لها أن اعترفت ب"جمهورية" البوليساريو، غير أن الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس المنتخب حديثا، يعتبر من بين الأحزاب الداعمة للجبهة.
وخلال حقبة الرئيسة السابقة ديلما روسيف، التي تنتمي لنفس الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس لولا ا سيلفا، كان البرلمان البرازيلي قد صوت في شهر غشت من سنة 2014 على قرار بالإجماع يؤيد الاعتراف بالبوليساريو كدولة، لكن تراجع مد البوليساريو في أمريكا اللاتينية يلقي بظلاله اليوم على العلاقات البرازيلية المغربية، خاصة بعد صعود رئيس جديد يبحث عن تقوية علاقاته بلاده مع الدول وتلافي الحسابات السياسية.
ورغم ذلك لم تتخذ الرئيسة البرازيلية قرار الاعتراف ب"جمهورية" البوليساريو، نظرا لأنها كانت تحاول اتخاذ مواقف أكثر اعتدالا فيما يخص القضايا الدولية، على الرغم من أن حزب العمال، روّج بشكل كبير في الدفاع عن أطروحة البوليساريو، وخلال مؤتمره الخامس الذي عقد في يونيو من سنة 2015، والذي تميز بحضور رئيسة البلاد آنذاك ديلما روسيف والرئيس المنتخب حديثا لولا داسيلفا، صادق على وثيقة السياسة الخارجية التي تضمنت دعمه للبوليساريو.
ووفق متابعين فالعلاقات المغربية البرازيلية في ظل سلطة جديدة في هذه الأخيرة، ستحاول القفز على سياج السياسية والدفع بالعلاقات الثنائية في أبعادها المختلفة انطلاقا من مبدأ احترام السيادة، ومن ثم تقوية الروابط الاقتصادية بما أن البرازيل تعد سادس قوة اقتصادية في العالم تمثل اليوم الشريك الأول للمغرب في أمريكا الجنوبية والزبون الثالث للمغرب في العالم فيما يمثل المغرب الشريك الاقتصادي الخامس للبرازيل في إفريقيا والعالم العربي. وتعرف المبادلات التجارية بين البلدين نموا متزايد سنة بعد أخرى حيث سجلت هذه المبادلات خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2013 ارتفاعا بنسبة 8 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية.
أما في مجال السياحة فيستقبل المغرب حوالي 15 ألف سائح برازيلي سنويا وهو رقم من الممكن أن يرتفع بشكل ملموس مع إطلاق خط جوي مباشر بين البلدين والذي من المتوقع أن يساهم في تعزيز المبادلات وتشجيع رجال الأعمال البرازيليين على للسفر إلى المغرب والاستثمار فيه.