يوم 5 أبريل 2017، تم ترسيخ اسم التقنوقراطي عبد الوافي لفتيت على رأس وزارة الداخلية في حكومة سعد الدين العثماني، من قلب الموانئ جاء هذا المهندس الكتوم، الخجول، يوم ولد عبد الوافي لفتيت بقرية تافريست 29 شتنبر 1967 كان قد مر عقد من الزمان على عام "إقبارن" الوشم الجريح على جسد الريفيين، على إثر انتفاضة الحاج سلام أمزيان عام 1958 / 1959، والتدخل العنيف للجيش في قمع الانتفاضة التي خلفت جراحا وأحقادا ظلت تشتعل مثل الجمر تحت الرماد.. بعد شد الرحال إلى فرنسا، التي حصل من أكبر مؤسساتها العلمية ذات الصيت العالمي على دبلوم مدرسة "البولتكنيك" في باريس عام 1989، ودبلوم المدرسة الوطنية للقناطر والطرق عام 1991، وهما ديبلومان يفتحان لك في المغرب على ذلك الزمان أبواب السماء، وجد عبد الوافي لفتيت الطريق سالكة لمراكز المسؤولية عبر العراب الكبير للتقنوقراط، الراحل عبد العزيز مزيان بلفقيه.
بعد مغادرته مدرسة الطرق والقناطر، اشتغل عبد الوافي لفتيت في بنك (CCF) "القرض التجاري الفرنسي" بباريس، لكن لم يغره مجال المال والأعمال، فدخل المغرب ليضع خدمته في قلب القطاع العام، حيث قضى عشر سنوات في مكتب استغلال الموانئ بين عامي 1992 و 2002، وعين على رأس مديرية موانئ كبرى بأكادير، آسفي ثم طنجة، قبل أن يتم تعيينه في فاتح ماي 2002 مديرا للمركز الجهوي الاستثمار بولاية طنجةتطوان، بالكاد أتم فيه سنته الأولى لتبرز نجاعته كمهندس تقنوقراطي، هكذا عينه الملك محمد السادس عاملا على إقليم الفحص أنجرة في 13 شتنبر 2003، وبعد ثلاث سنوات سيصبح عاملا على إقليمالناظور، موطن الولادة والنشأة في الريف المغربي.
في مارس 2010، اقترح الراحل بلفقيه الذي كان يشرف على المشاريع الكبرى للمملكة، المرتبطة بالبنية التحتية خاصة، اسم عبد الوافي لفتيت على الملك محمد السادس، من أجل إعادة تشغيل المنطقة المينائية لطنجةالمدينة، حيث أصبح مديرا عاما للشركة المكلفة بتهيئة الميناء، بعد نجاحه في إعادة هيكلة ميناء الناظور، وإشرافه عن قرب على تهيئة مشروع الكورنيش وبحيرة مرتشيكا، وفي أربع سنوات قام بتنظيف عمراني كبير أضحت بصماته واضحة على واجهة مدينة الناظور.
في 24 يناير 2014، عين الملك محمد السادس لفتيت واليا على جهة الرباطسلا زمور زعير، وهي الجهة التي ظلت بمثابة المختبر الحقيقي للقدرة على إبداء الكفاءة والنجاعة لدى مسؤولي الإدارة الترابية، لقد بدأ لفتيت يقترب مما يهيئ له على نار لم تكن هادئة، بحكم التحولات المتسارعة التي شهدها المغرب في العقد الثاني من الألفية الثالثة.
هنا ستظهر واقعة ما يسمى ب "خدام الدولة" والتي أبرزت أن والي جهة العاصمة استفاد من بقعة أرضية مساحتها 3755 م 2 مقابل 350 درهما فقط للمتر الواحد، وعوض أن يطفئ بيان لصديقيه محمد حصاد ومحمد بوسعيد نيران الانتقاد التي أوقدها شباب الفايسبوك، زادا من حرائقها بعدما ثبتت استفادتهما أيضا من أراضي "خدام الدولة".
طيلة المدة التي عمل فيها واليا على جهة الرباطسلا، دخل عبد الوافي لفتيت في صراع مباشر مع مسؤولي مجلس المدينة الذي كان يسيره حزب العدالة والتنمية، ولعل هذا ما يفسر اعتراض العديد من قياديي الحزب، وفي مقدمتهم عبد الإله بنكيران، تقول مصادرنا، على تعيين مهندس الموانئ ضمن الفريق الحكومي برئاسة سعد الدين العثماني، "لكن نشاء ويشاء" !