أزمة الريف وحراك السبعة أشهر لازالت تعصف بالعديد من الملفات التي أصبحت تشكل عنوانا بارزا للأزمة التي أدخلت الرباط والمنطقة في نفق مظلم يصعب التكهن بتبعاته المستقبلية ولا بالكلفة السياسية التي سيكون على صانع القرار السياسي دفعها. السبت الماضي انفجرت أزمة جديدة على خلفية الحراك والصراع الدائر في الريف بعد بلاغ وزارة الخارجية المغربية، الذي يطالب بتوقيف نشاط سعيد شعو البرلماني السابق واللاجئ بهولندا، على خلفية تحركه الداعم لحراك الريف واتهامه بالاتجار في المخدرات، قبل أن تتلقى الرباط مفاجأة من وزارة العدل والخارجية الهولندية برفض طلب تسليم شعو أو وقف نشاطه.
ما الذي دفع الرباط إلى إصدار بلاغ رسمي عن طريق وزارة الخارجية للمطالبة بوقف نشاط سعيد شعو، البرلماني المغربي السابق؟ وما هي خلفية هذا البلاغ؟ وهل وصل الرجل إلى درجة من الخطورة تهدد الاستقرار بالمغرب وفي الريف خصوصا، ودفعت الرباط إلى المغامرة بأزمة ديبلوماسية جديدة مع أمستردام؟ وهل فعلا أصبح الرجل يمول أنشطة تهدد الاستقرار الأمني للمغرب ويطالب علانية باستقلال منطقة الريف في إطار ما أطلق عليه حركة 18 شتنبر التي أعلن عنها سنة 2014، والتي تطالب بدفع الحراك لرفع سقف مطالبه السياسية لطرح مطالب بانفصال الشمال عن المغرب؟
قبل أزمة حراك الريف لم يعد أحد يسمع عن سعيد شعو الذي غادر المغرب منذ سنة 2010، بعد صدور مذكرة بحث عنه في إطار ما أثير حول وجود ملف مخدرات تورط فيه إلى جانب بارون المخدرات السابق الزعيمي، قبل أن يعود هذا الرجل المثير للجدل للواجهة عبر بلاغ وزارة الخارجية، الذي طالب بوقف نشاطه وتسليمه للرباط في إطار البحث عنه على خلفية اتهامه بالاتجار في المخدرات.
المعطيات المتوفرة لحد الآن، والتي تعتبر مزعجة للرباط، أكثر على ما يبدو من اتهامه بالاتجار في المخدرات، لأن هذا ملف معروف منذ 2010، تاريخ مغادرته للمغرب، هي أن الرجل بدأ يتحرك في إطار مخطط يهدد الاستقرار بالمنطقة، واستطاع على مدى السنوات الأخيرة تكوين قاعدة من الأنصار داخل دياسبورا الريفية المهاجرة بأوربا، بل إن شعو بدأ يعمل صراحة على خلق مجلس تأسيسي على شاكلة برلمان منفى، يقود إلى ما يعتبره ضروريا في صراعه السياسي مع الرباط وتأسيس جمهورية في الريف ولعل تمدد هذه المطالب، وتحرك الرجل وسط دياسبورا الريفية في وقت توجد فيه المنطقة في حالة اضطراب، على خلفية صراع مفتوح، هو ما يقلق صانع القرار بالرباط.
وكان ملفتا في بلاغ وزارة الخارجية السبت الماضي أن الرباط ذهبت مباشرة إلى البعد السياسي في تحرك الرجل، وهو اتهامه بأنه يسترزق بالاضطرابات، في إشارة إلى دخول الرجل على خط الأزمة في الريف، حيث كانت بعض المصادر قد أشارت إلى أن شعو حاول مرارا إقناع ناصر الزفزافي، زعيم حراك الريف، برفع سقف مطالبه الاجتماعية إلى مطالب سياسية واضحة، تؤدي إلى الاعتراف في البداية بهوية خاصة بالمنطقة، وبعد ذلك التعامل على هذا الأساس من أجل بلورة مطالب سياسية تطرح إمكانية إعادة التفاوض مع الرباط لإعطاء المنطقة حكما ذاتيا، لابد أن يقود، حسب شعو، إلى استقلال المنطقة على المدى البعيد. وكان شعو قد قال في تصريح سابق للصحافة الهولندية إن حراك الريف لا يمكن أن يتفاوض بشأنه إلا مع الملك مباشرة، باعتبار أن المفاوضين الذين تم إسالهم من قبل الرباط لا يملكون سلطة القرار لحل الأزمة أو إعطاء حلول وأجوبة للشباب الثائر في الريف، وأن شخص الملك هو الوحيد الذي يملك السلطة بالمغرب.
تحريض شعو للزفزافي وأنصاره لم يؤد على ما يبدو لأي اختراق في المنطقة، وهذا بتصريح الزفزافي نفسه، الذي طالب شعو وأطرافا أخرى ترغب في الدخول على خط الأزمة في المنطقة بالبقاء بعيدا، وترك المطالب الاجتماعية هي أساس الحراك في المنطقة، وهو ما يزيد من التساؤل حول خلفية تحرك الرباط ضد سعيد شعو، وتحويله إلى عنوان أزمة ديبلوماسية مع أمستردام.