عرفت العلاقات المغربية الموريتانية الكثير من الشد والجذب خلال العديد من مراحل العلاقة الدبلوماسية بفعل قضية الصحراء المغربية، غير أنه في المرحلة الأخيرة بدأت هذه العلاقة تسلك مسارا إيجابيا حسب ما يرى العديد من المتتبعين. في هذا الإطار، استقبل ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، يوم الإثنين بالرباط، رئيس البرلمان الموريتاني، الشيخ ولد أحمد ولد بايه الذي حل بالمغرب على رأس وفد موريتاني في إطار زيارة عمل تستمر لأيام.
كما أجرى الوفد الموريتاني، العديد من اللقاءات بالرباط، حيث التقى خلالها برئيسي مجلس النواب رشيد الطالبي العلمي ورئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة.
وتناولت المحادثات التي أجراها الوفد الموريتاني مع المسؤولين المغاربة، مختلف جوانب علاقات التعاون بين الرباط ونواكشوط وسبل تعزيزها، والتي تزامنت مع دعوة قادة "جبهة البوليساريو" برلمانيين ورؤساء أحزاب موريتانيين للمشاركة في مؤتمرها المقبل المقرر عقده في يناير المقبل.
في هذا الإطار، أبرز حسن بلوان، الباحث في العلاقات الدولية، أن العلاقات المغربية تعتبر علاقات مصيرية وتتجاوز الطابع الاستراتيجي، بالنظر إلى التاريخ المشترك والحدود المتصلة والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والتحديات الأمنية التي تطرحها المنطقة خاصة فيما يتعلق بمحاربة بالإرهاب، إضافة إلى الأزمة المفتعلة حول الصحراء المغربية.
وأضاف بلوان في تصريحه ل"الأيام 24″، أنه خلال السنوات الأخيرة دخلت العلاقات المغربية الموريتانية مرحلة تتسم بالتفاهم خاصة مع تولي الرئيس محمد ولد الغزواني، دخلت العلاقة بين البلدين في مرحلة جديدة خاصة في مجالات التعاون الاقتصادي والأمني، إضافة إلى تفهم السلطات الموريتانية لمطالب المغرب المتعلقة بالقضية الوطنية الأولى.
من جهة أخرى يشير الباحث في العلاقات الدولية إلى أن هناك تكامل اقتصادي بالنظر لكون الأراضي الموريتانية هي الوجهة الأولى لعدد من المستثمرين المغاربة، وخاصة المصدرين المغاربة الذين ينتجون الخضر والفواكه والأسمدة إلى غير ذلك من النشاطات الاقتصادية ذات الأهمية للطرفين.
وأضاف بلوان، أنه في إطار تبادل الزيارات بين المسؤلين المغاربة والموريتانيين، تتفهم السلطات ببلاد "شنقيط" للإجراءات التي تقوم بها السلطات المغربية في المنطقة لتأمين معبر الكركرات وضمان حالة الأمن والعبور في الاتجاهين من مليشيات "البوليساريو".
وأشار المتحدث نفسه، إلى أنه رغم محاولة الجزائر لأجل استعمال سياسة التهديد والترغيب اتجاه موريتانيا، فإن هذه الأخيرة لازالت تتفهم المطالب المغربية وتنخرط بشكل كبير في تطوير هذه العلاقات على عدة مستويات بم يعود بالنفع على شعبين البلدين والمنطقة عموما.
وأضاف بلوان أن موريتانيا تتبنى الحياد الإيجابي وهو ما يدخلها كشريك استراتيجي بالنسبة للمغرب، وتحول ما أمكن أن تدعم المطالب المغربية وتتفهما، ولكن في نفس الوقت دون أن حصول قطيعة مع الجارة الشرقية "الجزائر"، مضيفا أنه مع توالي اعتراف الدولي بمغربية الصحراء فإن موريتانيا تحاول اتخاذ مواقف أكثر ايجابية على مستوى الأرض رغم وجود موقف غير واضح على المستوى السياسي.
كما أوضح المتحدث نفسه، أن الموقف الموريتاني إيجابي إلى حد ما، "ما يعتبر تروي في اتخاذ مواقف قوية خاصة مع المستجدات الإقيليمة، وهو ما يضع موقفها في دائرة الحرج والذي تشتغل عليه للحفاظ على دائرة التوازن بين المصالح الاستراتيجية مع المغرب وأيضا عدم قطع العلاقات مع الجزائر".