أصعب تحدّ يواجه الدبلوماسية المغربية في سياستها الشاملة لكسب الاعتراف لصالح مغربية الصحراء هو قارة إفريقيا وخاصة ما وراء صحرائها حيث يغيب الاستقرار والانقلابات أسهل من شربة ماء، آخرها في بوركينافاسو وقبلها غينيا ومالي، وتؤثر هذه التغييرات على مستوى كرسي الرئاسة على السياسة الخارجية وعلاقات هذه الدول مع أصدقائها. بوركينافاسو التي شهدت يوم الجمعة 30 شتنبر انقلابا عسكريا هو الثاني خلال ثمانية أشهر في منطقة الساحل، نجح المغرب في عهد الرئيس بليز كومباوري قامت بتنزيل على أرض الواقع لموقفها من الصحراء المغربية بافتتاح قنصلية في مدينة الداخلة سنة 2020، قبل أن يسقط في انقلاب عسكري في يناير من السنة الجارية.
ورغم انقلاب شهر يناير بقيادة الكولونيل بول هنري دامبيا ودخول البلاد في مرحلة انتقالية، لم يتغير موقف واغادوغو وواصلت وقوفها إلى جانب المغرب في المحافل الدولية كان آخرها منتصف شهر شتنبر المنقضي حيث كانت بوركينافاسو حاضرة بين 35 دولة أعلنت دعمها لسيادة المغرب على صحرائه في مجلس حقوق الانسان بجنيف.
لكن التغيير الذي طرأ في القيادة العسكرية يوم الجمعة الماضي والانقلاب على الرجل النافذ والقوي بول هنري دامبيا، أدخل البلاد نفقا مظلما وأزّم في ظرف ساعات فقط علاقاته مع الجمهورية الفرنسية ما يفتح باب التكهنات بتغيير كبير في السياسة الخارجية لبوركينافاسو.
وحسب مصادر مطلع ل"الأيام24″ فإن الرباط تراقب عن كثب هذه التحولات التي تشهدها البلاد فالمجموعة العسكرية التي نفذت الانقلاب لا تزال غير مستقرة على حال ولم يتضح بعد توجهها العام.
ولا تزال المملكة المغربية كما جرت العادة في مثل هذه الأحداث تلتزم الصمت ولم تصدر موقفها بعد، حيث أصبح عرفا لدى دبلوماسية الرباط أن تصمت أكبر وقت ممكن وتجمع ما يلزم من معطيات لبناء موقف واضح دون السقوط في تعقيدات العلاقات الدولية.
هنالك معطيات هامة جدا لا يمكن إغفالها تؤكد أهمية الحفاظ على علاقات مع المغرب كيفما كانت هوية الحاكم، وهي أن 10 في المئة من الاستثمارات المغربية الموجهة إلى إفريقيا تتركز في الأبناك والاتصالات والتأمين والبناء في بوركينافاسو، كما يستفيد طلبتها من عدد مهم من المنح الدراسية إضافة إلى اتفاق تم توقيعه بعد فتح القنصلية في الداخلة تم بموجبه إلغاء التأشيرة بين البلدين، وإذا كان السبب المعلن من منفذي الانقلاب هو فشل دامبيا في التصدي للهجمات الإرهابية فإن بوركينافاسو تحظى بدعم مهم من الأجهزة المغربية في محاربة الإرهاب.
وتقع بوركينا فاسو التي لا منفذ لها على البحر، بمحاذاة ساحل العاج ومالي والنيجر وبنين وتوغو وغانا.
ويتألف سكانها البالغ عددهم 21,5 مليون نسمة (أرقام البنك الدولي في 2021) من ستين مجموعة عرقية يشكل الموسي الأغلبية بينها، وستون بالمئة من السكان مسلمون وحوالى ربعهم من المسيحيين.
استقلت فولتا العليا، المستعمرة الفرنسية السابقة، في الخامس من غشت 1960. في 1966 أطاحت انتفاضة شعبية بأول رئيس هو موريس ياميوغو، تلتها سبعة انقلابات عسكرية.
في 1983، تولى ضباط ثوريون شباب السلطة بقيادة توماس سانكارا، الذي أعاد تسمية البلد بوركينا فاسو ("بلد الرجال الشرفاء") وحاول أن يقودها على طريق التنمية الاقتصادية. لكنه طبق سياسته بقبضة من حديد.
ولا يزال "تشي سانكارا" موضع تقدير كبير في بوركينا فاسو وإفريقيا.
في 1991، أعاد بليز كومباوري تأسيس نظام التعددية الحزبية بعد حكم عسكري دام أحد عشر عاما. وانت خب رئيسا في 1991 وأعيد انتخابه في 1998 و2005 (في مواجهة المعارضة التي قدمت مرشحين للمرة الأولى) و2010.
وأطيح بانقلاب في 24 يناير 2022 وباشر رجل البلد القوي اللفتنانت كولونيل بول هنري سانداوغو داميبا عملية انتقالية تستمر حتى صيف 2024. وأطاحه هو نفسه انقلاب عسكري الجمعة.