في الثامن من نونبر سنة 2021 استدعى رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون ورئيس أركان الجيش الجنرال السعيد شنقريحة كل رؤساء البعثات الدبلوماسية لإعادة ترتيب الأوراق والدخول في حملة جديدة لتشبيك العلاقات الدولية، وكان ذلك في مؤتمر أعقب مجموعة من التطورات أبرزها قطع الجزائر علاقاتها مع المغرب وبالتزامن مع الذكرى الأولى لخرق جبهة البوليساريو لاتفاق وقف إطلاق النار وأياما بعد اتهامها لمجلس الأمن بالتحيز لصالح الرباط، وخلال هذا التجمع أعلن تبون أنه يرغب في خوض سباق العضوية غير الدائيمة في هذا المجلس، واليوم كثفت الدبلوماسية الجزائرية من تحركاتها في نيويورك بالتزامن مع أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة. الحملة يقودها وزير الخارجية بالخارج رمطان لعمامرة بمقر الاممالمتحدة ومعه المندوب الدائم لدى الأممالمتحدة نذير العرباوي تهدف إلى ترقية ترشيح الجزائر لمقعد غير دائم في مجلس الأمن لفترة تمتد من 2024 إلى 2025 ولعضوية مجلس حقوق الإنسان في جنيف خلال الانتخابات التي ستجرى في إطار الدورة 77 للجمعية العامة في يونيو 2023، وفق ما نشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
ويقول لعمامرة إن "الولاية القادمة في مجلس الأمن ستشكل فرصة متجددة للجزائر لإعادة تأكيد مبادئها ومشاركة رؤيتها حول القضايا المطروحة على جدول أعمال مجلس الأمن في مجال السلم والأمن الدوليين".
لكن مهمة الجزائر غير يسيرة حيث سيكون عليها إقناع عدد كبير من الدول المحسوبة على التحالف الغربي والقفز على علاقاتها المتوترة بالولايات المتحدةالأمريكية حيث يسجل البيت الأبيض أن الجزائر من الدول التي ترفض التصويت على مسودات القرارات التي تقوم واشنطن بصياغتها.
كما أن التحولات العميقة التي تجري الآن في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا عقّدت علاقات كل الدول الصديقة لموسكو، فالجزائر وقفت ضد العقوبات الغربية على الروس وحاولت اللعب بورقة الغاز مع الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الخصام الذي بدأته مع اسبانيا بسبب موقفها المؤيد للحكم الذاتي في صحراء المغرب، وتبقى فرنسا المعروفة بموقفها الداعم للمغرب في مجلس الأمن والثابت طيلة سنوات من الدول الكبيرة التي تفكر الجزائر في كسبها باستغلال الأزمة الصامتة بين الرباط وباريس.
وتعول على دعم كامل من الاتحاد الافريقي قد تحصل عليه ما لم تحدث تطورات معاكسة لرغبتها في الدخول إلى مجلس الأمن لكن اعتمادها على دعم السعودية في حشد التأييد من أعضاء من منظمة التعاون الإسلامي يبقى ورقة غير مضمونة ولا يضمن على الأقل أصوات الخليج، في انتظار ما قد تخرج به من استضافتها للقمة العربية مطلع شهر نونبر القادم.
هذا الترشح يفرض على الدبلوماسية الجزائرية اجتياز عقبة صعبة شكّلها انتقادها لمجلس الأمن شهر أكتوبر واتهامه بعدم الحياد والانحياز لصالح المملكة المغربية حيث قالت الجمهورية الجزائرية بعد مصادقة المجلس على قرار يمدد مهمة بعثة المينورسو ويدعوها إلى المشاركة في مسلسل الموائد المستديرة باعتبارها طرفا في النزاع: " إن الجزائر تعبر عن عدم دعمها لهذا القرار المتحيّز… هذا القرار يفتقر بشدة إلى المسؤولية والتبصر جراء الضغوط المؤسفة الممارسة من قبل بعض الأعضاء المؤثرين في المجلس".