Getty Images على مدار الأيام الماضية، أثارت تصريحات متتالية حول مهام الحياة الزوجية والأسرية، من جهة الحقوق والواجبات، جدلا واسعا في مصر، وأفرزت حالة استقطاب حاد، ظهرت جلية في تباين آراء مستخدمي مواقع التواصل في البلاد إزاء توقيته وجدواه، وانعكاساته على تماسك الأسرة. وتركزت أهم محاور النقاش حول عدد من القضايا، من أبرزها: المفاضلة بين عمل المرأة ورعايتها لمنزلها، وضوابط مشاركة الزوجين في المهام المنزلية، وخدمة كل منهما للآخر، ومسؤولية إرضاع الأم لأطفالها. تنظر مدونة بي بي سي ترند في أسباب استمرار وتفاقم هذا الجدل، كما تستعرض آراء متخصصين حول أهم نقاط الخلاف. * ما حقيقة الجدل حول شائعة موت صانع المحتوى الأردني أحمد الخليلي؟ كيف بدأ الجدل؟ بدأ الجدال بعد تصريحات للدكتورة شيرين غالب، نقيبة أطباء القاهرة، نصحت فيها طالبات خريجات بأهمية أن تكون "الأولوية للمنزل ولتربية الأولاد قبل المهنة"، وقد أثارت تلك التصريحات جدلا واسعا. بعد ذلك تصدر اسم الدكتورة هبة قطب، استشارية العلاقات الأسرية، تويتر بعد تصريحاتها لوسائل إعلام محلية في مصر عن ضرورة مشاركة الرجال لزوجاتهم في دخول المطبخ والطهي، وتأكيدها أنه "لا يوجد سند شرعي أو قانوني يجبر المرأة على الالتزام بالطهي لزوجها دون مشاركة أو تبادل للأدوار". ثم تصدر وسم المحامية نهاد أبو القمصان مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما نشرت مقطع فيديو عبر صفحتها الشخصية على فيسبوك قالت فيه إن "القرآن لم يجبر السيدات على إرضاع أولادهن". واستشهدت أبو القمصان في كلامها بالآية القرآنية: "والوالِدَات يُرضِعنَ أَولَادَهن حولَينِ كَامِلَينِ لِمَن أَرَادَ أَن يُتِم الرضَاعَةَ، وَعَلَى الْمَولُودِ لَه رزقهن وكسوتهن بالمعروف فإِن أَرضَعنَ لَكُم فَآتُوهن أُجُورَهُن". * اعتداء أفراد أمن على فتيات في دار أيتام يصدم سعوديين جدال عبر فيسبوك و تويتر وقد أعرب عدد من الإعلاميين ورجال الدين في مصر عن رأيهم حول الجدال الدائر عن حقوق الزوجة وواجبات الأم، وجاءت ردود أفعالهم متباينة أيضا. إذ استنكر الإعلامي ولاعب كرة القدم السابق أحمد شوبير الجدال الدائر حول الموضوع برمته. https://twitter.com/ShobierOfficial/status/1565143818558738433?s=20&t=Sz2pS7b4DnULbqzq37RNag كما شنت الإعلامية ياسمين عز هجوما كبيرا على جميع التصريحات التي أثارت جدلا، وطالبت بالتوقف عن "إصدار مثل تلك التصريحات التي من شأنها تهديد العديد من الأسر المصرية". https://www.youtube.com/watch?v=0aN5FVLCr6s ورفض الشيخ مظهر شاهين، إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، التصريحات التي وصفها ب"الخاطئة"، وأكد أن "الأم الحقيقية لا تنتظر أجراً على أمومتها". كما برز رأي ثالث أشار إلى أهمية "الموازنة بين الجانبين"، منهم الشاعر المصري أمير طعيمة، الذي أشار إلى "ضرورة حرص كل طرف على الآخر في العلاقة بين الجانبين". facebook * انسحاب المغرب من بطولات رياضية في تونس يؤجج الجدل حول التوتر بينهما مدونون ومغردون منتقدون محمد إبراهيم أحمد، وهو قانوني يقول إنه حاصل الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، فند تصريحات أبو القمصان لافتاً إلى أنها "ليست صحيحة بالمرة". facebook فيما أشارت مغردة إلى أن "المذهب الحنفي ينص على وجوب خدمة الزوجة لزوجها ووجوب الرضاعة". https://twitter.com/LSxLPFR1Dkax7oq/status/1565694732499656706?s=20&t=2QWb-coBjnQqWGFHpwuMsg واستنكر فريق من المغردين تصريحات قطب وأبو القمصان، بدعوى أنه "من غير المعقول عند عودة الزوج من العمل بعد يوم شاق ألا يجد طعاما". https://twitter.com/NEIogJyISz0a4Li/status/1563699450123534337?s=20&t=dzLQ88HN6Q7THIqfm_Z87g * حزن عارم في ليبيا بعد مقتل الفنان الكوميدي مصطفى بركة متضامنون مع قطب وأبو القمصان وظهرت تغريدات متوازنة تدعو إلى مشاركة الزوجين في أعمال المنزل. بينما تضامن مغردون وناشطون مع كلام قطب وأبو القمصان، وقالوا "إن هذا رأي فقهي مختلف عليه، وهو بأمر ليس بجديد". facebook وأشارت مغردات إلى أن "تصريحات قطب لا تعني إهمال السيدات لمهامهن، بل إنها توضح فقط أنها غير مجبرة على ذلك"، و"أن يساعد الزوج زوجته كما كان يفعل النبي محمد مع زوجاته". https://twitter.com/Hanahas06553106/status/1565692211563462658?s=20&t=KDzWW0uE3uqCKXU6r6tJUg علماء الأزهر يجيبون: هل الأم ملزمة بإرضاع طفلها؟ وماذا عن خدمة زوجها؟ قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه والشريعة الإسلامية بالأزهر، لوسائل إعلام محلية مصرية: "قال الله تعالى في كتابه الكريم، في سورة البقرة، "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ"، لذلك فالمرأة مطالبة بإرضاع أولادها سنتين كاملتين، ويسن الرضاع الكامل". وأوضح أنه "إذا عجزت الأم عن إرضاع طفلها لظروف طبية، ففي هذه الحالة يجب توفير مرضعة أو اعتماد الأم على اللبن الصناعي، وليس عليها ذنب، وعلى الزوج في حالة إرضاع الزوجة لطفلها، أن يوفر لزوجته ما يعينها من أكل وشرب ونفقة وكسوة لإرضاعها لابنه، فهذا الأمر مكلف به الزوج ولا يتوانى عنه القرآن والسنة". وحول موضوع خدمة الزوج أكد كريمة أن "جمهور الفقهاء قالوا إن خدمة الزوجة للزوج لا تجب عليها، ولكن الأولى لها أن تفعل ما جرت عليه العادة". ولكنه أوضح أيضا أن "الحنفية أكدوا أنه على الزوجة أن تخدم زوجها ديانة لا قضاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين قسم الأعمال بين علي وفاطمة رضي الله عنهما جعل لها الأعمال المنزلية ولعلي الأعمال خارج المنزل"، وأشار إلى أن "الرأي الراجح ما ذهب إليه بعض المالكية وطائفة من أهل العلم وهو أن تخدم الزوجة زوجها فيما جرت به العادة". وأضاف كريمة أن "الفقهاء استدلوا بذلك بما صح عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بأنهن كن يخدمن النبي صلى الله عليه وسلم وكانت الصحابيات الجليلات تفعلن ذلك مع أزواجهن، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول يا عائشة أطعمينا، ويطلب منها أن تسن السكين". وأكد أنه يميل للرأي القائل إن للزوجة تخدم زوجها فيما تطيق وحسب طاقتها وتؤجر وتثاب على ذلك: "أنا اختار أن الزوجة تؤجر وتثاب حين تعين زوجها بالخدمة ولكن دون تعسف من الزوج". وأشار كريمة إلى أن "جمهور العلماء أجازوا كذلك خدمة الزوج لزوجته، ولها أن تقبل ذلك منه، وقال الحنفية كذلك إن الزوج يخدم زوجته تطوعًا"، لكنه نبه إلى أنه "يتعين على العلماء والدعاة ألا ينحازوا لطرف على حساب طرف". من جهته أكد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، أن "الأسرة هي صمام أمان المجتمع، وتتعرض إلى حملة شرسة من الدعوة للتفكيك عبر آلية تأليب وتحريض النساء على أزواجهن وأطفالهن". وأضاف أن "هناك افتراءات تجعل المرأة تتصور أنها خالية من أية مسئولية، فهي في بيتها غير ملزمة بشيء، وبدأ الأمر بعدم إلزامها بخدمة بيتها، إلى عدم إلزامها بإرضاع أطفالها، وعللوا ما تقوم به المرأة من خدمة في بيتها، بأن المرأة بدأت هذه الأعباء على سبيل التطوع ثم تحول الأمر عند الأزواج إلى حق مكتسب، وأنها إن تركت بيتها يعمه الفوضى لا إثم عليها".