الغاز النيجيري..كلمة السر لدى دبلوماسية الجزائر مؤخرا، ترمي بثقل المال والاقتصاد ومعه شباك السياسية، لبحث مكاسب وغنائم، فلا تنفك أن تحرز الرباط وأبوجا تقدما أو خطوة في مشروعهما لنقل الغاز عبر أنبوب يمر من 13 دولة إفريقية، إلا وتزيد الجزائر من ضغطها على الحكومة النيجيرية لتسريع مشروعها لخط أنبوب الغاز الذي يمر عبر النيجر، والمجمد منذ سنوات طويلة. يقال إن الاقتصاد والسياسة عجلتي المركبة الدبلوماسية، هو بالضبط "سلاح" الجزائر الذي تحاول استعماله لتحصيل مكاسب سياسية في مواجهة إسبانيا مثلا، وتهديدا بقطع الغاز عليها بعدما جهرت بموقفها الجديد الداعم لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، إلى جانب وقف إمداد الغاز عبر أنبوب الخط المغاربي الذي يمر عبر تراب المملكة.
ونقلت الجزائر معركتها الدبلوماسية إلى ملعب نيجيريا، التي وقعت حكومتها أمس الخميس، مذكرة تفاهم للشروع في تجسيد مشروع خط أنبوب الغاز العابر للصحراء مع النيجروالجزائر. ويمتد أنبوب الغاز العابر للصحراء من نيجيريا إلى النيجر، ثم الجزائر، لتصدير الغاز إلى السوق الأوربية، ويبلغ طول الأنبوب نحو 4 آلاف و128 كيلومترًا، ويستهدف نقل 30 مليار متر مكعب من الغاز النيجيري سنويًا نحو أوربا.
وتسعى الجزائر جاهدة إلى منافسة المغرب حول الغاز النيجيري، لاسيما بعد تعليقها لخط أنابيب كان ينقل الغاز إلى أوربا عبر المغرب في السنة الماضية، ليبحث المغرب بعد ذلك عن مصادر للغاز الطبيعي.
من جهة أخرى كانت الجزائر وقّعَت اتفاقيات مع السلطات النيجيرية قبل 14 سنة بموجبها يُنشأ خط أنابيب "عابر للصحراء" لربط البلد الإفريقي بأوروبا. هذا المشروع الذي ظلّ مذاك حبيس أدراج حكومات البلدين، أُحيِيَ تزامناً مع تصاعد التوترات بين المغرب والجزائر في شكل تنافس شرس بين مشروعَي الأنبوبين.
وقد روجت وسائل إعلام جزائرية طوال الأيام الماضية أنباء عن تمسك أبوجا بقرارها بناء الأنبوب "العابر للصحراء" مقابل توجيه اهتمامها بعيداً عن المشروع المغربي. في المقابل لم يتحدث المسؤول النيجيري عن أي تغيير في رزنامة تنفيذ الأنبوب المغربي، بل أكَّد عزم بلاده على إنجاز المشروعين بحيث يكون الخط "العابر للصحراء" موجهاً للتصدير إلى الدول الإفريقية، أما "إفريقيا الأطلسي" فمُعَدّ للتصدير نحو أوروبا.
وفي وقت لاحق أعلن المدير العام لمؤسسة البترول الوطنية النيجيرية يوسف عثمان، أن حكومة بلاده "استكملت خطط تجسيد هذا المشروع الكبير (الأنبوب المغربي) الذي سيمر عبر مسار خط أنابيب الغاز لغرب إفريقيا القائم، وستستفيد منه عدة دول في القارة".
وتملك نيجيريا العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) احتياطات هائلة من الغاز، أهلتها بأن تصبح الأولى في إفريقيا والسابعة على المستوى العالمي.
وسيمتد خط أنابيب الغاز المشترك مع المغرب على طول 5660 كلم، وسيتم تشييده على عدة مراحل ليستجيب للحاجة المتزايدة للبلدان التي سيعبر منها وأوربا، خلال 25 عاما القادمة. ويرتقب أن يربط خط أنابيب الغاز النيجيري مختلف الدول الساحلية في غرب إفريقيا، ليصل إلى طنجة، ومنها إلى قاديس بإسبانيا، وسيمر الأنبوب بكل من بينين وتوغو وغانا.