ويتضح مما نعيشه اليوم أن العالم يستطيع أن يتخلى عن البترول لكنه لا يستطيع أن يتخلى عن الغذاء، وبدون فوسفاط يستحيل أن نتحدث عن الغذاء، فهو المادة الأساسية والضرورية في كل زراعة على وجه الكرة الأرضية. هنا سيكون مفيدًا أن نذكر بما سبق أن نشرته المجلة الأمريكية الشهيرة ساينس في دراسة لعلماء أمريكيين متخصصين أكدت أن الفوسفاط سيتحول إلى الثروة الطبيعية الأولى في العالم. وأكدت الدراسة نفسها أن الفوسفاط المغربي سيزيح النفط، لأن المغرب يتوفر على احتياطي يغطي 700 سنة القادمة. إن الثروة التي ستقوم حولها الحروب والنزاعات لم تعد هي البترول بل الماء والفوسفاط، لكونهما عصب الغذاء والصناعات المرتبطة به، أي بالنهاية أساس الاستقرار واستمرار النوع البشري. كل التوقعات تشير إلى أن المغرب سيتحكم في إنتاج الفوسفاط لأنه يملك 75 في المئة من الاحتياط العالمي، مما سيجعله بلدا غنيا.
مواجهة إستراتيجية "تسليح الغذاء"
وأوضح أن دول الاتحاد الأوروبي ال27 تعتمد على الاتحاد الروسي في 30 في المئة من إمداداتها من الأسمدة، وهي بالتالي إحدى أكبر نقاط الضعف لكل من أوروبا وأفريقيا معا، قبل أن يضيف أن المغرب هو رابع أكبر مصدر للأسمدة في العالم، وأن تحرّكه لزيادة الإنتاج في 2022 بنسبة 10 في المئة سيضع 1.2 مليون طن إضافية في السوق العالمية بحلول نهاية العام. وكانت نائبة الرئيس التنفيذي لإدارة الأداء في المكتب الشريف للفوسفاط، ندى المجدوب، أكدت، في مقابلة سابقة مع "رويترز"، أن المكتب يسعى إلى "زيادة الإنتاج بأكثر من 10 في المئة هذا العام لتلبية الطلب المتزايد". وأضافت أن المكتب – المملوك للدولة- يهدف إلى زيادة الإنتاج إلى 11.9 مليون طن في عام 2022 من 10.8 مليون طن العام الماضي وإضافة 3 ملايين طن أخرى من الطاقة الإنتاجية السنوية في عام 2023. وفي هذا الصدد، قال تانتشوم إن قرار الشركة المغربية "ذكي من الناحية التجارية" لزيادة حصتها في السوق العالمية، كما أن زيادة مستويات الإنتاج من شأنها التصدي لقدرة روسيا على تحويل الأسمدة إلى سلاح. وتابع: "بالقيام بدور مماثل تقريبا لدور المملكة العربية السعودية في سوق النفط العالمي، يمكن أن يصبح المغرب هو البنك المركزي لسوق الأسمدة العالمي وحارس الإمدادات الغذائية في العالم". وخلص الباحث إلى أن دور المغرب في مواجهة تسليح أزمة الغذاء الحالية "يشير إلى الدور الاستراتيجي المتزايد للمملكة في الأمن الغذائي لأفريقيا جنوب الصحراء"، مشيرا إلى افتتاح المكتب الشريف للفوسفاط فروعا في 12 دولة أفريقية منذ عام 2016 وأردف: "نتيجة لذلك، قفز محصول حبوب الدخن في السنغال بنسبة 63 في المئة ومحصول الذرة في نيجيريا بنسبة 48 في المئة، مع نتائج مماثلة في غانا وأماكن أخرى، كما شهد انخراط المكتب في إثيوبيا زيادة بمحاصيل القمح والذرة وحبوب التيف بنسبة تصل إلى 37 في المئة".