جفاف السماء والأرض، وبينهما أرواح معذبة وقطعان تواجه مصيرها، مصير لم يعد بجديد فالجفاف ليس خبرا جديدا في المغرب، لكن هذه المرة وقعه أشد ذراوة من سابقيه، فضعف التساقطات المطرية التي تعد المصدر الأول للسقي وإغناء الفرشة الجوفية، خطر يشدد خناقه على الفلاحين والكسابة عبر مختلف ربوع المملكة. مدينة الخميسات، الفلاحية بطبعها، حقولها اليوم ماعادت خضراء بل غزاها الإصفرار، ومعها اختار كثيرون من الكسابة انقاذ قطعانهم عبر بيعها وعتق رقابها لعلها خيرا لهم ولمربيهم ممن يعانون ضيق الحال الذي ماعاد يتسع لاقتناء كميات من الأعلاف بسبب غلاءها.
ويعاني الفلاحة والكسابة بإقليم الخميسات من تداعيات جائحة كورونا والجفاف، بحيث أصبحت الماشية تثقل كاهلهم بمصاريف وأعباء إضافية، إذ لم يعودوا قادرين على توفير العلف، بفعل ارتفاع سومته الصاروخي، كل هذه العوامل أثرت بشكل كبير على قطاع تربية الأغنام والماعز والأبقار إلى درجة تأخر الولادات هذه السنة.
وشهدت رحبة المواشي بالسوق الأسبوعي بإقليم الخميسات، عرض رؤس أغنام وأبقار وماعز بأثمنة "بخسة" مقارنة بالسنة الماضية وذلك لتغطية ثمن الإعلاف حسب تصريح فلاح من المنطقة، والذي أضاف أن هذا "الجفاف" سيتسبب لهم في خسائر كبيرة هذه السنة، خصوصا في ظل غلاء الأعلاف، وكذلك ندرة الكلأ في المراعي.
واعتبر كسابة ممن جاؤوا برؤوس ماشيتهم إلى السوق الأسبوعي، أنه من "المستحيل أن يعيش الكساب الآن في ظل هذه الظروف"، إذ يصطدم أيضا، إلى جانب العاملين السابقين، وارتفاع أسعار الأعلاف وتكلفة النقل، خصوصا أن العلف مادة مكملة فقط، الأمر الذي يهدد قطعان الماشية بالنفوق اذا استمر الحال على ماهو عليه.
فيما أجمع أغلب الفلاحة والكسابة على تناقص المواد العلفية المدعمة، التي يقولون أنها غير كافية، ولا تتوفر بالأسعار التي يمكن أن تخفف عن الكساب معاناته مع الجفاف الذي استفحل في المنطقة، ومعاناتهم حتى مع الأمراض التي تصيب القطيع.
يذكر أن للجفاف تأثير مباشر على المغرب بالنظر إلى اعتماد هذا الأخير على الفلاحة مصدرًا أولًا في بنائه الاقتصادي، فهي تمثل حسب أرقام رسمية 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتشغّل من 40 إلى 43 في المئة من اليد العاملة. ومع استنزاف عدد من الفرشات المائية وعدم إيفاء أخرى بالغرض وصعوبة استفادة بعض المناطق من مياه السدود وكذا الكوارث الطبيعية، تتضخم أكثر دائرة الخطر التي تحيط بالفلاحة المغربية.