اختتمت المناورات العسكرية للقوات متعددة الجنسيات "فلينتوك 2017"، أمس الثلاثاء، بالمنطقة العسكرية الموريتانية الأولى بولاية انواذيبو، شمال البلاد، والتي كانت جرت بالقرب من الكركرات، وعرفت مشاركة المغرب إضافة إلى 24 دولة من أوربا وإفريقية ، وتزامن هذا التدريب مع الأزمة الحادة التي عرفتها المنطقة، وبتزامن أيضا مع الأزمة السياسية بكل من الجزائروموريتانيا، وتقارير أمنية صنفت البلدين ضمن الدول الأكثر هشاشة على مستوى الأوضاع الأمنية. وكانت منطقة الكركرات في الأيام الأخيرة شهدت توترا كبيرا كاد أن يتحول إلى مواجهات عسكرية بين الجيش المغربي وميلشيات البوليساريو التي دخلت على المنطقة العازلة، وتروج للرأي العام الدولي على أنها مناطق محررة، قبل أن تتدخل الأممالمتحدة، وتطالب الجانبين بضبط النفس والانسحاب الفوري، وهو ما استجاب له المغرب على الفور في خطوة تكتيكية، جعلت البوليساريو في مواجهة مع المجتمع الدولي. وحسب مصادر رسمية موريتانيا فإن السفير الأمريكي لدى انواكشوط حضر حفل اختتام التمارين العسكرية التي جرت بجوار منطقة "الكركرات". يذكر أن هذا التمرين العسكري الذي تشرف عليه القوات الأمريكية، يهدف إلى تعزيز القدرات العملياتية لدى مختلف القوات المشاركة في فعالياته، وهي كل من إسبانيا وهولندا وجزر الرأس الأخضر وموريتانيا، بالإضافة إلى القوات الأمريكية، وذلك بغية الرفع من المستوى العملياتي لدى هذه القوات لمواجهة مختلف التحديات المتعلقة أساسا بالإرهاب والتهريب والجريمة المنظمة في منطقة الساحل والصحراء. وشملت التمارين العسكرية المذكورة، التي استمرت لثلاثة أسابيع، تنفيذ مهام وتدريبات علي الرماية والدوريات والتكتيك والحركية وقتال المدن ومناورات الوحدات الصغيرة والإسعافات الضرورية والدوريات الراجلة والمحمولة والكمائن إضافة إلى قتال المدن وتأثير المنطقة والإنزال والدعم الجوي والقفز المظلي العملياتي. وكانت جماعات جهادية بمالي قررت الاندماج تحت اسم "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، وهو ما أثار مخاوف جمة بالمنطقة التي تعيش تراجعا أمنيا مثيرا، بفعل ارتفاع وثيرة أنشطة هذه الجماعات الجهادية وأعمال التهريب والجريمة المنظمة، بالإضافة إلى تورّط عناصر وقادة ميلشيات البوليساريو في هذه الأنشطة، الذي يثير مخاوف دولية حسب مختلف التقارير الأمنية الدولية التي تتناول الأوضاع الأمنية بمنطقة الساحل والصحراء. وبالإضافة إلى الإرهاب وأنشطة التهريب والجريمة المنظمة، تعيش كل من الجارة الشرقية والجنوبية للمغرب تراجعا أمنيا مهولا، وصنفهما المعهد الأمريكي "إنتربرايز"، المتخصص في الأبحاث السياسية والاقتصادية والأمنية، في تقريره الجديد، ضمن الدول التي تشهد هشاشة الأوضاع الأمنية، معتبرا أن الدولتين تعدان من أكثر دول المنطقة والعالم هشاشة أمنيا وعرضة لعدم الاستقرار الأمني، واصفا إياهما بالبلدين "المهددين بالانهيار وعدم الاستقرار الأمني". وبالإضافة إلى ذلك تعيش كل من الجزائروموريتانيا أزمة سياسية تهدد بانفجار الأوضاع في أي وقت، ففي موريتانيا لا تزال الأمور تتجه نحو المزيد من الاحتقان والحراك، بسبب التعديلات الدستورية التي يحاول النظام الحاكم تمريرها، وهو ما ترفضه المعارضة وتهدد بالتصعيد للتصدي لتمرير هذه التعديلات الدستورية، وخصوصا أن المدن الموريتانية شهدت عددا مهما من المسيرات الاحتجاجية التي شارك فيها الآلاف من الموريتانية الرافضين لهذه التعديلات مطالبين بإسقاط عدد من رموز السلطة بالنظام الحاكم. وعلى إثر ذلك، قام محمد بن شمباس، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في غرب أفريقيا، أخيرا، بزيارة إلى موريتانيا، التقى من خلالها كل من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بمكتبه في القصر الرئاسي وسط العاصمة نواكشوط، وكذا زعيم المعارضة ولد محمد في إحدى مقرات المعارضة، وذلك وسط تصاعد الأزمة السياسية التي تعيشها موريتانيا. وبالنسبة للجزائر، فإنها تعرف أزمة سياسية خانقة مرتبطة أساسا بمصير النظام الحاكم، وخصوصا بسبب الحالة الصحية للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، التي يلفها الكثير من الغموض، حيث أثارت في الآونة الأخيرة ردود فعل قوية لدى الرأي العام الجزائري، الذي يطالب برؤية بوتفليقة للتأكد فعلا من أنه "على ما يرام"، كما جاء على لسان رئيس الوزراء عبد المالك سلال. وعلى العموم، تشهد المنطقة حالة من التوتر نتيجة العلاقات المتشنجة بين المغرب والجزائر من جهة، ومن جهة ثانية، بينه وبين موريتانيا، بالإضافة إلى وجود كيان البوليساريو الذي يطالب بالاستقلال في أراضي الجنوب المغربي، وتدعمه في ذلك الجزائر دعما كاملا، حيث ارتبط هذا النزاع الذي عمر طويلا بالأوضاع الداخلية للجزائر، إذ أنه كلما تأزمت الأمور على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، إلا ولعب النظام الجزائري على إحدى وتر هذا النزاع.