تقوم الجزائر بتحركات عسكرية ميدانية بأقصى الجنوب، بتزامن مع أخبار راجت بخصوص تدخل جزائري بالمنطقة لإلغاء زيارة الملك محمد السادس لدولة مالي. ويقوم قايد صالح، رئيس أركان الجيش الجزائري بزيارة ميدانية لمختلف القوات الجزائرية الموجودة في أقصى الجنوب وتحديدا بمنطقة تمنراست، التي يربطها شريط حدودي بكل من دولة النيجرومالي، وهي زيارة دامت يومين، قالت عنها وسائل إعلام النظام الجزائري، إن قايد صالح أوصى من خلالها أفراد الجيش بضرورة بمواجهة التهديدات المتعددة والتضييق على تجار المخدرات ومنفذي الجرائم المتصلة بالتهريب.
وأوضحت المصادر ذاتها أن الفريق اجتمع بقادة المنطقة السادسة بتمنراست، وبالمدراء الجهويين ومسؤولي المصالح الأمنية، للناحية العسكرية السادسة، في اليوم الثاني للزيارة، وزار بعض المرافق التابعة للقطاع، كما قدم له قائد الناحية عرضا شاملا عن الوضع، مضيفة أنه عاين المحطة الجوية بالولاية، ومقر رادار المراقبة والكشف، كما قام بتدشينات عسكرية بالمنطقة.
ومن جهة أخرى، يرى مراقبون أن زيارة قايد صالح للمنطقة تأتي بتزامن مع تحركات جزائرية بالمنطقة، في محاولة لاستعادة قوتها بمنطقة الساحل والصحراء، وخصوصا بعد تحركات المغرب، وجولات الملك محمد السادس بعدد من البلدان الإفريقية، وعودة المغرب للاتحاد الإفريقي، إذ تبين أن للجزائر يد في إلغاء زيارة الملك لدولة مالي، حيث أنها حركت خيوطها من سياسيين ومسؤولين بمالي، كما أنها استغلت علاقاتها مع بعض الجماعات الجهادية للتحرك بالمنطقة، في محاولة منها لإلغاء زيارة الملك لهذا البلد الذي يعتبر من البلدان الصديقة للمغرب.
وكانت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، المهتمة بالشأن الإفريقي، أوردت في عددها الأخير أن إلغاء زيارة محمد السادس لهذا البلد الإفريقي يترجم توتر العلاقات بين البلدين بسبب التحركات التي تقودها الجزائر في المنطقة، مضيفة نقلا عن مصدر دبلوماسي مغربي ما أسماه سعي بعض أقارب الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا -المقرب للنظام الجزائري- إلى التشويش على دينامية المغرب في حل أزمة مالي، و تشويه صورة العلاقات الناجحة بين البلدين. وأكدت المجلة في مقال بعنوان "خلفيات إلغاء الملك محمد السادس زيارته إلى مالي"، أن المملكة المغربية بذلت جهودا كبيرة من أجل تطوير العلاقة بين البلدين، مستحضرة عمل الرباط على مشاريع متعلقة بالاقتصاد و البنية التحتية و الصحة وتدريب الأئمة، في البلد الذي خرج لتوه من حرب أهلية، مشيرة أن المغرب يطمح إلى تغيير موقف باماكو بخصوص قضية الصحراء المغربية، مضيفة أنه على الرغم من الجهود المبذولة لم تدرج باماكو الرباط في اتفاق السلام الذي تشرف عليه الجزائر، حيث أنها وجهت الدعوة إلى بلدان بعيدة جغرافيا مثل فرنسا، والولايات المتحدةالأمريكية وروسيا، مع العلم أن المغرب شجع عملية التنمية في مالي واستقبل قادة الطوارق في الرباط في 2014.
كما كشفت "جون أفريك" عن زيارة لوفد مغربي برئاسة السكرتير الخاص للملك محمد منير الماجيدي لباماكو يوم 23 فبراير الجاري، حيث دشن مركزا صحيا، كان من المقرر أن يدشنه الملك محمد السادس خلال زيارته الملغاة، مضيفة أنه من المقرر أن يعوض الملك زيارته الملغاة في وقت أخر، حسب "جون أفريك" دائما.
وحسب مصادر جزائرية مهتمة بالشؤون الإفريقية على مستوى منطقة الساحل والصحراء، فإن الجزائر تخوض ما يشبه "معركة" لصدّ أي تحركات مغربية بالمنطقة، في إشارة إلى زيارة الملك لدولة مالي، حيث أن النظام الجزائري يعتبر نفسه مسيطرا على الوضع بالمنطقة، حيث أنه يشرف على اتفاق السلام، ويتواصل مع جهات مختلفة بمالي، وحتى الجماعات الجهادية التي تنشط بالمنطقة، وتتخذ مناطق مختلفة بمالي مركزا لها، إذ أن النظام الجزائري، وفق تقارير مختلفة، تربطه علاقات وطيدة مع بعض الجماعات، ويحركها حسب مصالحه بين الفينة والأخرى، لتكريس سيطرته على الأوضاع بالمنطقة.
وأشارت المصادر ذاتها أن زيارة قايد صالح للجيش بولاية تنمراست الحدودية مع ماليوالنيجر، هي بمثابة رسالة جديدة للضغط على مالي في نفس الاتجاه.