بدا واضحا أن الملك محمد السادس غيّر أسلوب خطابه، الذي ألقاه، اليوم، أمام المشاركين في أشغال القمة ال28 لقادة دول ورؤساء حكومات بلدان الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا، بمناسبة عودة المغرب إلى حضن القارة السمراء. وبعدما استهل خطابه بعبارة "لقد عدت أخيرا إلى بيتي. وكم أنا سعيد بلقائكم من جديد. لقد اشتقت إليكم جميعا"، عاد الملك ليؤكد أن المملكة تسعى، من خلال عودتها إلى الاتحاد، إلى أن تكون الريادة للقارة الإفريقية، كما أبرز، في خطابه، المشاريع الاستراتيجية التي أُطلقت بمناسبة الزيارات الملكية لمجموعة من البلدان الإفريقية، مشيرا إلى أن المغرب استطاع خلال السنوات الأخيرة تطوير علاقات ثنائية قوية وملموسة مع البلدان الإفريقية.
حسان بوقنطار، أستاذ العلاقات الدولية، أوضح في هذا السياق، أن الخطاب الملكي ابتعد عن القضايا الجدالية، التي كان ينتظر الخصوم أن يطرحها. وقال بوقنطار في تصريحه ل"الأيام 24" إن "الخطاب رفع المستوى، من خلال تقييمه للإشكالات التي تواجهها القارة الإفريقية، إذ أكد على أن عودة المغرب هي عودة إلى البيت الإفريقي، لأنه لم يغادر أبدا بيته، حيث إنه استمر في العمل ولو خارج الإطار المؤسساتي، كما أبرز الخطاب الوضعية المؤسفة للاتحاد المغاربي الذي كان ينتظر منه أن يكون قاطرة للتجمعات الإفريقية".
وأشار المتحدث نفسه إلى أن "الخطاب شدّد على ضرورة أن تأخذ إفريقيا بيدها، نظرا لتوفرها على ثروات وقيادات جديدة، علاوة على أنها قطعت مستوى مهمّا فيما يتعلق ببناء المؤسسات، ولم يعد مسموحا للقارة أن تبقى خارج السياق وأن ينظر إليها من المنظور الكلاسيكي، موضحا أن الملك أعرب عن استعداد المملكة للإنفتاح على الدول الأخرى والدفع بثقافة الحوار والتواصل للمساهمة في حل الإشكالات التي تعاني منها إفريقيا، على الرغم من أنه يعرف جيدا أن هناك بعض الدول لم تكن تنظر أبدا بعين الارتياح لرجوع المغرب".
وحول النقطة التي أثارها الملك في خطابه بالقول: "إن هدفنا ليس إثارة نقاش عقيم، ولا نرغب إطلاقا في التفرقة، كما قد يزعم البعض !" قال بوقنطار إن الملك لم يقصد جبهة "البوليساريو"، لكنه أكد على ضرورة الحوار، مشيرا إلى أن محمد السادس ابتعد في خطابه عن المواضيع الجدالية، لأن الخطاب هو خطاب تأسيسي، بيد أن المتحدث نفسه لم يخف ضرورة طرح المؤتمر لسؤال حول شرعية وجود الجمهورية الوهمية، خاصة في ظل تغير الأوضاع وفقدان البوليساريو للاعترافات.
جدير بالذكر أن القمة الإفريقية، المنعقدة بأديس أبيبا، قد صادقت أمس الإثنين على عودة المغرب، بعد تأييد 39 دولة من أصل 54 دولة عضو في الاتحاد الإفريقي.